سيناريو فيلم قصير للأطفال: ياسين يحب صديقه



سيناريو فيلم قصير للأطفال:
ياسين يحب صديقه
بقلم: محسن الهذيلي
1-      داخلي/ غرفة طفل في التاسعة/ نهار
الطفل ياسين، الأم
نلاحظ أولا أن غرفة الطفل تشيء بانتماء العائلة إلى طبقة مرفهة نسبيا. فغرفة الطفل ياسين فيها سرير فردي في شكل سيارة فيراري وخزانة كبيرة جدا بالنسبة لملابس طفل في التاسعة، وكذلك المكتبة فهي كبيرة وعميقة وعلى طول الغرفة وفيها من كل أنواع اللعب. وهذه الأخيرة موضوعة على غير ترتيب ولكثرتها فإن أغلبها قد سقط على أرض الغرفة. ونرى الكتب مبثوثة في كل مكان على السرير وعلى الأرض المفروشة بالموكيت، وحتى التي في المكتبة نراها بدون ترتيب.
ويجلس ياسين على الأرض وقد انحنى على كتاب من نوع الأفلام المرسومة يقرأه وقد جعل الطاولة والكرسي وراءه.
تدخل الأم وعلى وجهها علامات الغضب.
                                                                        الأم:
-          (تتطلع إلى الغرفة) ألم ترتب غرفتك بعد؟!
ياسين:
-          (دون أن يرفع رأسه) سوف أرتبها فيما بعد، (يرفع رأسه) قلتي تريدينها مرتبة قبل وقت الغداء؟!
الأم:
-          ثم تتركها كما هي مثل كل مرة... أختاك انتهتا من ترتيب غرفتيهما وهما تذاكران الآن.
ياسين:
-          (ينهض من فوق الأرض ويخاطب أمه همسا وكأنه لا يريد من أختيه أن تسمعاه) أمي ألا ترين أن ترتيب الغرف من شأن البنات (ثم وهو يطأطئ رأسه أمام أمه) والنساء؟
الأم:
-          (غاضبة) لن نتناقش ثانية في هذا الأمر لقد اتفقنا وانتهى... كل واحد يرتب غرفته بنفسه...
ياسين:
-          (مصر على الجدال ولكن خائف من ردة فعل عنيفة من أمه) الرجال... لماذا لا يرتب أبي غرفته بنفسه... أنت دائما من يرتبها؟
الأم:
-          لأنني أكون سعيدة عندما أفعل ذلك من أجله...
ياسين:
-          ولماذا لا تكونين سعيدة عندما ترتبين غرفتي...
الأم:
-          لأنني لا أستطيع أن أرتب غرفتين، خاصة وأن شقيقك يأخذ مني نصف الوقت...
ياسين:
-          يمكنني أن أساعدك في الاهتمام بأخي الصغير وأنت تساعدينني في ترتيب غرفتي...
الأم:
-          (تريد أن تحسم النقاش) أريد كلمة واحدة هل ستقوم بترتيب غرفتك أم لا؟
ياسين:
-          (قد أحس بنبرة التهديد) اهدإ أمي سوف أرتبها ولكن عندي رغبة لديك...
الأم:
-          (قد عيل صبرها) أنت دئما لك شروطك...
ياسين:
-          إنه ليس شرط ولكنني مثل أختاي أريد أن أغير حقيبة المدرسة للسنة القادمة...
الأم:
-          ولكنك غيرتها في السنة الفائتة، وأختاك لم تغيرها وتغيير الحقائب يصير كل سنتين...
ياسين:
-          ولكن حقيبتي أعجبت صديقي سامر وأريد أن أعطيه إياها...
الأم:
-          ولماذا تعطيه إياها أليس له أب يشتري له حقيبة؟!
ياسين:
-          أبوه يعمل في محطة البنزين وكل سنة يعده بشراء حقيبة له ولكنه لا يفعل...
الأم:
-          (تفكر) وكيف كانت نتائج صديقك هذه السنة؟
ياسين:
-          (متحمسا ومستبشرا) جيدة... أو هي متوسطة.. رغم ذلك هو ولد ذكي ومجتهد ولكن دائما يذهب لشراء الخبز لبيتهم، إنه ولد مطيع، أحيانا وهو يذاكر تطلب منه أمه أن يشتري لها الزيت فيفعل...
الأم:
-          إذن هو ليس مثلك، هو يساعد أمه في أعمال البيت...
ياسين:
-          ولكنه لا يرتب غرفته...
الأم:
-          لماذا؟!
ياسين:
-          (مبتسم) سهلة... لأنه ليس له غرفة وحده... قال لي إن أمه وكل إخوته يتشاركون في غرفة واحدة ووالده ينام دائما عند التلفاز في غرفة الجلوس...
الأم:
-          (متأثرة) وماذا يشتغل أبو صديقك في محطة البنزين...
ياسين:
-          (مستبشر) يصب البنزين في السيارات...
الأم:
-          الآن انتهت السنة الدراسية وأغلقت المدرسة... سوف نتحدث في الأمر عند العودة إلى المدارس.
ياسين:
-          ولكن من عادتك أن تشتري لنا الحقائب ولوازم المدرسة في الصيف قبل الذهاب إلى الجبل... وأنا أخبرت صديقي بذلك وقلت له سأعطيك الحقيبة في الصيف...
الأم:
-          (مفكرة) طيب... وكيف يمكنك أن تلتقيه الآن...؟!
ياسين:
-          (مقاطع وسعيد لأن أمله قد كبر) إن أباه يشتغل في محطة البنزين القريبة من المدرسة ويمكننا أن نسأله عن البيت وهو على كل حال غير بعيد لأن صديقي سامر يأتي على قدميه، وقد وعدني بأن يجعل لي في محطة البنزين علامة أعرفه بها...
في هذه اللحظة نسمع بكاء الطفل الرضيع
                                                                        الأم:
-          (مفكرة) علامة؟!!! (ثم عندما تسمع بكاء ابنها تسعى إليه دون أن تستأذن من ياسين حتى)
2-      خارجي/ عند محطة بنزين/ نهار
ياسين، الأم (في السيارة)، عامل المحطة
تقود الأم السيارة ويركب ياسين في الخلف وبجانبه شقيقه الرضيع وقد ثُبِّت مرقده على مقعد السيارة.
                                                                        الأم:
-          (تنزل زجاج نافذة السيارة وتسأل) من فضلك أخي هل السيد أبو سامر يعمل هنا؟
العامل:
-          آسف أختي.. من أبو سامر؟! لا يعمل معنا شخص بهذا الاسم!
الأم:
-          (مخاطبة ابنها) ما هو لقب صديقك سامر؟
ياسين:
-          (ينظر إلى محطة البنزين من حوله) ولكن لا وجود هنا للعلامة التي حدثني عنها سامر...
الأم:
-          (وقد فقدت تركيزها تسأل العامل ثانية وهي تشير بيدها إلى المدرسة) ألا توجد محطة بنزين أخرى قريبة من المدرسة؟
العامل:
-          (مشيرا بيده) هناك محطة أخرى في الجهة الثانية من المدرسة...
3-      خارجي/ في محطة البنزين الثانية/ نهار (قريب من المغرب)
ياسين، الأم، عامل المحطة الثانية
تدخل السيارة التي تقودها أم ياسين إلى محطة البنزين وتتوقف داخلها تحت العمود الذي يحمل فانوس الكهرباء، بحيث لا يمكن لياسين ولا أمه أن يريا حذاءا رياضيا للأطفال معلق فوقهما.
                                                                        الأم:
-          (وقد فتحت زجاج نافذة السيارة تخاطب العامل من بعيد) نسأل عن السيد أبو سامر...
العامل:
-          (من بعيد وهو يصب البنزين لسيارة ثانية) أبو سامر؟ نعم.. إنه ليس هنا الآن... يعمل في الصباح...
ياسين:
-          (يبحث عن العلامة التي حدثه عنها صديقه سامر ولكن لا يمكنه أن يرى الحذاء الرياضي القديم المعلق فوقهم)
الأم:
-          هل يمكنك أن تدلنا على بيته؟
العامل:
-          ليس بالضبط... ولكنه غير بعيد عن هنا (ومشيرا بيده) إنه في الجهة الثانية من المدرسة...
الأم:
-          (تنظر إلى الجهة التي أشار إليها العامل وهي متضايقة قليلا ولكن لا تنسى أن تشكر الرجل) شكرا... (ثم تلتفت إلى ياسين) ياسين الوقت مغرب الآن وهذا العامل لم يدلنا جيدا على بيت صديقك يبدو أنه لا يعرفه...
(نسمع صوت الرضيع وقد نهض من نومه ولكن لم يبكي)
                                                                        الأم:
-          (تنظر إلى رضيعها) وهذا أخوك نهض وبعد قليل سوف يبكي لأن وقت أكله قرب...
ياسين:
-          (وهو ينظر في كل الاتجاهات) ولكن سامر وعدني بأن يجعل لي علامة... هو عادة لا يخلف وعده أبدا... أين هي يا ترى؟!
نحن نرى الحذاء الرياضي القديم للأطفال معلق على عمود الفانوس الذي تقف تحته السيارة.
                                                                        الأم:
-          على كل حال أعدك بأن نرجع...
4-      خارجي/ الطريق أمام ساحة للعب كرة القدم/ نهار (مغرب)
ياسين، الأم، سامر
تعبر السيارة الطريق أمام البطحاء حيث نرى أطفالا يلعبون، من السيارة يتطلع ياسين إليهم ثم فجأة يصيح طالبا من أمه التوقف:
                                                                        ياسين:
-          (سعيد) أمي... توقفي... هذا صديقي سامر يلعب الكرة...
5-       خارجي/ على جانب الساحة التي يلعب فيها الكرة/ نهار (وقت المغرب)
ياسين، الأم، سامر
تتوقف السيارة عند الملعب، ينزل ياسين، يجري إلى سامر في وسط الملعب ثم يأتي معه عند السيارة، أثناء قدومهما لا يتوقف ياسين عن التكلم إلى صديقه، لا نسمع ما يقوله له، ولكن يمكننا أن نتخيل أنه كان يحدثه عن الحقيبة، يقف الاثنان من جهة الأم جنبا إلى جنب. كان سامر حافي القدمين وسخهما، كان خجلا ولكن سعيدا.
                                                                        ياسين:
-          (سعيد) أمي... هذا صديقي سامر...
سامر:
-          (واقف على استحياء مطرق)
الأم:
-          (مبتسمة) أهلا سامر...
سامر:
-          أهلا... هل أنت أم ياسين...
الأم:
-          (مبتسمة) نعم...
سامر:
-          كنت دائما أتخيلك جميلة...
الأم:
-          (مازحة) وكيف وجدتني؟
سامر:
-          (مبتسما وعلى استحياء) أجمل مما كنت أتخيل... سامر كريم جدا معي... قال لي إنه تعلم ذلك منك...
ياسين:
-          (يشد سامر من يده سعيدا)
سامر:
-          (على استحياء وهو يلتفت في كل مرة إلى الأطفال وهم يلعبون) سندويشاتك بالجبنة الفرنسي مع الجوز، كلنا في البيت نحبها...
الأم:
-          (مبتسمة ومازحة) وكيف وصلت إلى البيت...
ياسين:
-          (مبتسم وسعيد)
سامر:
-          كنت أتقاسمها مع ياسين ولكنني لا آكلها كلها آخذ منها إلى البيت...
الأم:
-          (مبتسمة وراضية) ألا يعجبك شيء آخر غير شطيرة الجبنة والجوز؟!
سامر:
-          سلاطة الفواكه... أمي لا تصنعها... لأن أبي لا يشتري لها الفواكه وعندما يشتريها فإنه يشتري فاكهة واحدة وأمي قالت إن سلطة الفواكه تحتاج إلى كثير من الفواكه...
الأم:
-          (متأثرة) سامر.. هل يمكننا أن نأخذك إلى بيتكم... كذلك نتعرف على مكانه...
ياسين:
-          (سعيد يفتح باب السيارة الخلفي ويسحب سامر وراءه)
سامر:
-          (متوكئا على صديقه ياسين وقبل أن يركب السيارة يرفع إحدى قدميه الوسختين إلى أعلى ليريها أم ياسين) ولكن قدمايا كما ترين...
الأم:
-          (مبتسمة) لا بأس... اركبا...
يركب الولدان سعيدان في المقاعد الخلفية بجانب المهد ويغلق سامر الباب وتمضي السيارة
6-      خارجي/ في السيارة وهي تمضي في الطريق/ نهار (بعد وقت المغرب)
ياسين، الأم، سامر
يخرج ياسين الحقيبة لسامر ويعطه إياها...
                                                                        سامر:
-          سيدتي أم ياسين هل صحيح أنكم ستعطونني الحقيبة...
الأم:
-          (متأثرة وسعيدة) نعم... (ثم مغيرة الموضوع) الآن دلني على الطريق إلى بيتكم...
سامر:
-          قبل أن نذهب إلى البيت لابد أن نمر بمحطة البنزين لآخذ العلامة التي تركتها لكما...
ياسين:
-          ولكن لم تكن هناك علامة...!!
الأم:
-          أي محطة بنزين تقصد؟!
سامر:
-          (وقد استغرب قول ياسين ولكن مخاطبا الأم ومشيرا بيده) هذه القريبة حيث حذائي الرياضي معلق على العمود الكهربائي
7-      خارجي/ محطة البنزين (من بعيد)/ ليلا (بعد المغرب)
نرى محطة البنزين ونرى الفانوس الكهربائي قد أضاء وانعكس ضوءه على الحذاء الرياضي
8-      خارجي/ الطريق (في السيارة) قريب من محطة البنزين/ ليلا (بعد المغرب)
ياسين، الأم، سامر
                                                                        سامر:
-          (مشير بيده) ها هو حذائي الرياضي تركته عمدا لياسين ولعبت حافيا... لابد أن أسترجعه
الأم:
-          (مستغربة وخائفة) ولكن كيف يمكنك أن تسترجعه؟!
سامر:
-          (بكل عفوية) أتسلق العمود وآخذه...
الأم:
-          (خائفة) سامر عدني أن لا تفعل ذلك... يمكنك أن تسقط ويتهشم رأسك...
سامر:
-          لا تخافي أم ياسين... إنني متعود...
الأم:
-          (وقد أوقفت السيارة) سامر إن لم تفعل ذلك فإن ياسين سوف يهديك إحدى حذائيه الرياضيين...
ياسين:
-          (يبتسم لسامر سعيدا)
سامر:
-          (يبتسم سعيدا ثم مغيرا الموضوع ومشيرا بيده مثلما فعل عامل المحطة قبله) إذن بيتنا من الجهة الأخرى  من المدرسة...
وتغادر السيارة بعيدا عن محطة البنزين ويبقى حذاء سامر القديم معلق فوق العمود الكهربائي والضوء ينعكس عليه بحيث نرى ثقوبه.
9-      داخلي/ غرفة ياسين/ نهار
ياسين، الأم
نلاحظ أن الغرفة مرتبة ترتيبا جيدا، حيث وضعت الكتب في أماكنها. الألعاب التي بقيت في المكتبة الكبيرة ذات الرفوف العميقة كانت مرتبة بشكل جيد. أرضية الغرفة خالية ونظيفة. توجد فقط صناديق كرتونية إلى إحدى جدر الغرفة وفيها باقي الألعاب.
نسمع صوت ياسين قادم من خارج الغرفة:
                                                                        ياسين:
-          أمي تعالي من فضلك لقد رتبت غرفتي...
لحظات ويظهر ياسين من باب الغرفة يدخلها ويتأملها سعيدا، بعده تلحق أمه، تتأمل بدورها غرفة ابنها منبهرة بحسن ترتيبها ثم ترى الصناديق التي فيها بعض لعب وألعاب ابنها تبتسم بسعادة وبدهاء تقول:
                                                                        الأم:
-          أحسنت ياسين... (ثم مشيرة إلى الصناديق الكرتونية) ولكن ما هذه؟!
ياسين:
-          (ليس دون دهاء) إنها أشياء لم أعد أحتاجها...
الأم:
-          (تتأمل ابنها مليا ثم تقول) أوافقك (ثم تستدير منصرفة)
ياسين:
-          (قبل أن تغادر أمه الغرفة) أمي ما رأيك لو نهديها إلى سامر؟
الأم:
-          (تتوقف وتلتفت إلى ابنها مبتسمة تتأمله ثم تقول) موافقة...
ياسين:
-          (يبتسم سعيدا) أمي أنت أم عظيمة...
الأم:
-          (مبتسمة وسعيدة) وأنت ابن عظيم...
(انتهت)

© جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
mohsenhedili2@gmail.com

تعليقات

إرسال تعليق