ملخص فيلم:
"بين القيروان وكيوتو"
أو
(Between K and K)
بقلم: محسن الهذيلي
هذا الفيلم الطويل كتبته على إثر
زيارتي أخيرا لمدينة "كيوتو" اليابانية،
وهي زيارة أثرت في نفسي كثيرا، ولأول مرة في حياتي أحس عند زيارتي لبلد ما بالفخر
والاعتزاز لكوني إنسانا، إن طريقة عيش اليابانيين في كيوتو تشرف الإنسان، ولقد تذكرت
أثناء فترة إقامتي فيها تلك الآيات الكريمة من القرآن الكريم التي تصور حوارا جرى بين
الله والملائكة يتعلق بهذا الإنسان ورواه لنا القرآن الكريم: "قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك
الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال: إني أعلم ما لا تعلمون"
أطلقت على هذه المدونة التي أنشأتها في 18/7/2013 إسم "بين القيروان وكيوتو" أي (Between Kairouan and Kyoto) بسبب التجربة التي عشتها في تلك المدينة اليابانية وبسبب أصلي القيرواني، كما أن هذه التسمية هي عنوان فيلم طويل كتبته على إثر عودتي وهنا تجدون ملخصا مطولا له:
أطلقت على هذه المدونة التي أنشأتها في 18/7/2013 إسم "بين القيروان وكيوتو" أي (Between Kairouan and Kyoto) بسبب التجربة التي عشتها في تلك المدينة اليابانية وبسبب أصلي القيرواني، كما أن هذه التسمية هي عنوان فيلم طويل كتبته على إثر عودتي وهنا تجدون ملخصا مطولا له:
شاب من مدينة القيروان التونسية، رغب في أن يقوم بدراساته الجامعية في
اليابان، يذكر أنه بدأ في تعلم اللغة اليابانية منذ كان عمره 12 سنة، الانجليزية
تعلمها قبل ذلك. عندما حصل على السنوية بمعدل جيد جدا ورغم ما عرضته عليه بعض
الجامعات الأوروبية والأمريكية من منح فإنه بقي مصرا على الدراسة في اليابان، وذلك
رغم ما سمعه عن غلاء المعيشة فيها وعدم حصوله إلا على نصف منحة من جامعة "كيوتو".
عند وصوله إلى هذه المدينة عرف أنه ليس له الحق في السكن الجامعي، حيث قدمت
له غرفة في مبيت الطلبة لمدة أسبوع على أن يتدبر أمره بعد ذلك، سعى في تلك الفترة
الوجيزة أن يجد له سكنا يأجره، وحسب التقديرات التي قام بها بالاستعانة ببعض زملائه
فإن تكاليف السكن وحده تذهب بنصف منحته. كان
كمال، وهو اسم الطالب، وهو يبحث عن سكن وجد كمال عدة إعلانات عن تأجير غرف، زار بعضها فاصطدم بأسعارها، حيث كانت مساوية
لمنحته أو أكبر منها.
في زيارة كمال الأخيرة لأحد المساكن، وعندما طرق الباب لم يجبه أحد، كان
الباب مفتوحا، دفعه ونادى: "هل يوجد أحد"، لا إجابة، كان خلف الباب
ممر مكشوف يشبه زقاقا، مشى فيه كمال متجها نحو الداخل، ظانا أن أصحاب البيت لم
يسمعوه. ينتهي الممر إلى فناء أو حديقة صغيرة مكونة من عدة محابس، لاحظ أن الشجيرات
والزهور التي فيها قد أخذت في الذبول بسبب قلة العناية، عند الفناء توجد قاعة منشأة
حسب الأسلوب المعماري الياباني، كان باب القاعة (التقليدي) مفتوحا، رأى كمال في
وسطها فراشا مربعا ينام عليه شيخ مسن، كانت الأشياء في القاعة غير منتظمة بل
مبعثرة، بدى الشيخ كأنه ميت، أعاد كمال النداء: "هل هناك أحد"، سعل الشيخ، نزع
كمال حذاءه ودخل إلى فضاء القاعة، عندما اقترب من الشيخ وجده فاتحا عينيه ينظر
إليه فقال له: "قرأت إعلان تأجير غرفة في هذا العنوان...؟" أشار الشيخ
بعينيه إلى كمال أن يجلس فجلس عند الباب، حرك الشيخ رأسه قليلا مشيرا على كمال أن
يجلس قريبا منه، عندما اقترب كمال وجثى على ركبتيه عند فراش الشيخ، قال الأخير
بصوت خافت جدا: "هل أنت طالب"، حرك كمال رأسه بالإيجاب ثم قال مبتسما: "جئت
من تونس، هل تعرف تونس؟". أشار الشيخ بعينيه إلى سلم خلف كمال، في دعوة منه لمعاينة
المكان. نهض كمال وصعد السلم.
في مشهد لاحق نرى كمال في غرفة صغيرة جدا لا تسع إلا فراشا فرديا وليس فيها
مكان لطاولة أو غيرها، تأملها كمال ثم التفت إلى شباك كان فيها، فتحه فوجده يطل
على حديقة الجيران، رأى في الحديقة إمرأة عجوزا رفعت إليه يدها محيية، رفع كمال
بدوره إليها يده وحياها.
نزل كمال إلى القاعة التحتية أين ينام الشيخ واقترب منه ثم جثى على ركبتيه
ثانية، سأله الشيخ بصوت خافت جدا وباللغة اليابانية: "هل أعجبتك
الغرفة؟"، حرك كمال رأسه بالإيجاب وقال: "ولكنها ضيقة جدا"، نظر
إليه الشيخ ثم سكت وأشاح بنظره إلى الباب، فهم كمال أن جوابه لم يعجب الشيخ فسأل:
"كم سعرها"، قال الشيخ وقد نظر ثانية إلى كمال: "إذاً
أعجبتك"، حرك كمال رأسه بالإيجاب وقال: "بكم؟"، قال الشيخ متكلما
بصعوبة: " إن أعجبتك فإنني أتركك تسكن فيها بدون مقابل"، استبشر كمال رغم
استغرابه الذي بدى على وجهه ولم يبعد نظره عن الشيخ. قال الشيخ: "ولكن
بشرط"، نظر إليه كمال منتظرا سماع بقية كلامه، ولكن الشيخ لم يستطع أن ينطق
به، وألقى بنظره إلى جسده ثم إلى ركن من القاعة، قال كمال: "إن كان شرطك أن
أخدمك فأنا موافق"، تأمل الشيخ كمال ثم حرك رأسه بالنفي، ثم بعد محاولة أمكنه
أن يتلفظ بكلمتي "طقوس الوفاة"، بدى على كمال أنه لم يفهم الشيخ، قال
الأخير: "يمكن أن أموت قريبا، فإذا مت، أريدك أن تقوم بطقوس وفاتي".
مفكرا، حرك كمال رأسه موافقا. نظر الشيخ جهة الباب وقال: "يمكنك أن تأتي الآن
بأشيائك ".
نرى في مشهد لاحق كمال قادما من الخارج ويدخل إلى قاعة الشيخ وفي يده
حقيبتين وعلى ظهره كيس، كان الشيخ لايزال ممددا بينما اختفت الفوضى التي كانت
ظاهرة في القاعة ورتبت الأشياء ترتيبا حسنا. صعد كمال إلى الغرفة ليضع حقائبه
ويستقر فيها.
في المشهد التالي نرى كمال وقد بدت عليه الفرحة راكبا دارجة هوائية وحقيبته
على ظهره وهو يقطع طرق وأنهج مدينة كيوتو، ونلاحظ في هذه المدينة الجميلة كثرة
الدراجات الهوائية فيها والقلة النسبية لسياراتها وصغر حجمها عموما.
ونمر ببعض المعالم المهمة في المدينة مثل القلعة الكبيرة. في إحدى المرات
وحتى يختصر كمال الطريق فقد دخل حديقة القصر الامبراطوري من باب وخرج من باب آخر،
فنكتشف أثناء ذلك أنه كان في مكان أقرب إلى غابة أشجار منه إلى حديقة.
في آخر محطة من هذه الجولة نرى كمال يصل إلى جامعة كيوتو ويدلف إلى موقف
الدراجات فيها، وهو موقف من طوابق وذو شكل لا نراه إلا في اليابان.
في مشهد لاحق وكمال يدخل من الباب الخارجي للبيت لاحظ أن المحابس التي وضعت
عند الباب وفي الفناء، والتي سبق أن رآها مهملة، تم سقيها بالماء ورفعت الأوراق
الجافة عنها وعن أرضيتها، في القاعة الداخلية وجد كمال الشيخ ممددا كالعادة على
فراشه ولاحظ ظهور طاولة عليها بعض الساعات اليدوية وبعض أدوات تصليح الساعات
ونظارة طبية مفتوحة. بعد أن حيى كمال الشيخ بحركة من رأسه على الطريقة اليابانية،
اتخذ السلم صعدا إلى غرفته، تأمله الشيخ يصعد ثم أرجع نظره إلى الطاولة التي عليها
أدوات تصليح الساعات.
في المشهد الموالي، كان كمال نازلا من غرفته، وعندما بلغ القاعة نظر ناحية
فراش الشيخ فبهت، لم يكن هناك لا الشيخ ولا الفراش، وحدها الطاولة التي أصبح عليها
عدد أكبر من الساعات اليدوية إلى جانب بعض الساعات الجدارية، جال كمال بنظره باحثا
عن الشيخ فإذا هو جالس في الرواق موليا ظهره جهة القاعة ناظرا ناحية الحديقة أو
الفناء الصغير المؤدي عبر الممر إلى الباب الخارجي. سلم كمال على الشيخ وجلس
بجانبه يلبس حذاءه، كان الشيخ واضعا في قدميه جوربين طويلين أحمرين غريبين وكان
يمرر يديه عليهما، كانت قدماه منتفختان جدا، نظر إلى كمال وقال: "أحس أنني في
حالة يمكنني معها أن آخذك في جولة لها علاقة بما اتفقنا عليه". متأملا الشيخ
الذي يبدو عليه أنه تجاوز التسعين من عمره، حرك كمال رأسه موافقا، قال الشيخ:
"اليوم سبت وليس هناك جامعات"، نظر كمال إليه ثم أطرق.
في مشهد لاحق نحضر مع كمال والشيخ عملية حرق ميت بوذي، ثم نرى كيف يوضع
رماد جثته في علبة خزفية. حينئذ يقول الشيخ لكمال: "الآن يمكننا أن نرجع إلى
البيت، الأسبوع المقبل سوف أريك أين تضع العلبة التي سيكون فيها رماد جسدي"
بعدها نرى كمال في الجامعة في مدرج واسع عند المدخل بدى معماريا بين المغطى
والمفتوح، كان جالسا على أحد الأدراج مع شاب ياباني كان يراجع كتابا، وهو يتحدث في
التلفون بالدارجة التونسية، كان كمال يسأل متحيرا، قال: "ما بك؟ لم أتحول بوذيا،
قلت لك الرجل الذي أسكن عنده بوذي ويريدني أن أساعده... ما أريد أن أعرفه: هل يجوز
لي فعل ذلك أم لا؟"، يستمع كمال للمتكلم الذي نسمع صوته ولا نفقه ما يقول،
أثناء ذلك ينهض صديق كمال الذي كان جالسا بجانبه وتبدر منه لفتة إليه، ينهض كمال
بسرعة ويقول مقاطعا من كان معه في التلفون: "أتركك الآن، سنلتقي الليلة على
الإنترنيت"
في المشهد الذي يلي نتابع مع كمال والشيخ سفرة يأخذانا فيها عبر الحافلة
والقطار والسيارة الصغيرة إلى قرية نائية، في هذه القرية نجد أنفسنا في القرن
التاسع عشر، يمضي الشيخ بكمال إلى المعبد مباشرة، يلاحظ الأخير أن الأشخاص الذين
كانوا يقابلونهم في الطريق كانوا كلهم يحيون الشيخ باحترام كبير وكانوا ينظرون باهتمام
إلى جواربه الحمراء. في المعبد يتوقف الشيخ بكمال في مكان توجد فيه علب للموتى، ويمكننا
أن نقرأ العمر الذي عاشه كل واحد منهم. في الركن الذي جلس عنده الشيخ كانت أعمار
الموتى لا تقل عن المائة، كان هناك من مات في عمر يناهز المائة وخمسة عشر سنة. عندما
نظر كمال إلى الشيخ وجده يمسح بيديه على رجليه حزينا، قال كمال: "تبدو قدماك
منتفختان"، ينظر الشيخ أمامه عند الأواني التي عمر أصحابها فوق المائة ويقول:
"هؤلاء أجدادي وأعمامي، والدي ذلك الذي بلغ من العمر 111 سنة، كلهم كما ترى
ماتوا فوق المائة، سأكون الوحيد الذي يموت تحت المائة"، يمسح الشيخ على قدميه
ويقول: "دليلنا على اقتراب أجلنا انتفاخ أقدامنا، كل هؤلاء ماتوا أشهرا بعد انتفاخ
أقدامهم"
في مشهد لاحق نرى الشيخ يدخل بكمال إلى بيت تقليدي، ينادي الشيخ باسم إمرأة
ثم يقول لكمال: "هذا بيتنا، لم يبقى فيه إلا أختي، إنها أكبر مني بسبع سنين،
أنا أصغر إخوتي"، يجلس كمال والشيخ في رواق البيت وإذا بعجوز تأتي وعلى ظهرها
بعض الحطب، تستبشر بوجود أخيها، تلقي الخشب وتقترب منه سعيدة وعندما ترى الجوارب
الحمراء تحزن وتتوقف.
في مشهد لاحق يدخل كمال إلى قاعة الشيخ قادما من الجامعة فيجد معه رجلا
يصلح له ساعته، يسلم كمال بالطريقة اليابانية ثم يصعد إلى غرفته. في غرفته غير
المنتظمة رغم صغرها، يبعد كمال الأشياء المرمية كيفما اتفق عن سريره ثم يجلس عليه يذاكر،
في الأثناء نسمع الشيخ في الأسفل يحيي زبونه ويودعه، زمنا وينادي الشيخ كمال، يفكر
كمال قليلا، يضع أشياءه كما اتفق على الأرض ثم ينزل، في القاعة يجد أن الشيخ
قد أعد الغداء، يشير الشيخ إليه داعيا إياه بالجلوس، يتردد كمال فيقول له الشيخ:
"لا تخف كل شيء مصنوع من النبات والسمك وغلال البحر"، يبتسم كمال ويجلس،
أثناء الأكل يلاحظ كمال أن الشيخ قد أنزل الجوارب الحمراء فبدت قدماه وكأنها أقل
انتفاخا، لاحظ الشيخ اهتمام كمال فقال: "نلبس الجوارب الحمراء لعلها توقف
الانتفاخ، يبدو أنها أدت مفعولها". يبتسم كمال مطمئنا ويبتسم الشيخ ويشرعان
في الأكل.
في مشهد آخر يدخل كمال من الخارج فيجد عند الفناء آخر الممر الجوارب
الحمراء معلقة على حبل، يكفهر وجهه، يدخل إلى قاعة الشيخ مسرعا فلا يجده فيها،
يصعد إلى غرفته فيفاجئ بها موضبة تماما، مفكرا يخطو نحو النافذة. ينظر من خلالها
فإذا العجوز تنظف حديقتها وأشجارها، ترفع عنها الأوراق الصفراء والأعراف الزائدة،
تبدر من العجوز لفتة عفوية فترى كمال فتحييه بحرارة ويبادلها إياها، حينئذ يسمع كمال
الشيخ يناديه من تحت، ينزل فيجده وضع زينته للخروج، يقول الشيخ: "أحب أن أزور
بك اليوم مكانا أحبه، دائما عندما أشعر بالسعادة أذهب إليه"، ينظر كمال إلى وجه
الشيخ المستبشر ثم إلى قدميه وهما بدون الجوارب الحمراء وقد ذهب عنهما انتفاخهما ويبتسم.
يزور الشيخ مع كمال "المعبد الفضي". خلال زيارة المعبد يجلس الشيخ وكمال
في مكان يطلان منه على الحديقة، وهو يشير إلى الشجرة القريبة منهما يقول الشيخ:
"هذه الشجرة في عمري، زرعها جدي هنا
عند ولادتي، دائما أجيئ وأزورها، عندما انتفخت قدماي مرضت الشجرة، والآن
يبدو أنها تعافت"، مسح الشيخ على قدميه مطمئنا ولم يصرف نظره عن الشجرة.
في مشهد لاحق نرى صديق كمال وزميله يحمل حقيبتي كمال وهو خارج بهما عبر
زقاق بيت الشيخ، أمام الباب في الخارج توجد سيارة صغيرة رابضة جنب الجدار مباشرة
حتى لا تسد الطريق الضيق، يضع الشاب الحقيبتين على الأرض ويفتح صندوق العربة.
بعدها نرى كمال نازلا من الطابق العلوي والشيخ ينتظره أسفل السلم، عندما يرى
كمال الشيخ يضع حقيبة كانت في يده على الأرض ويعانقه ويقبله، نرى في عيني الشيخ
بعض الدموع، يقول ناظرا في وجه كمال: "مرت الأربع سنين في لمح البصر، وجودك
عافاني.."، قال كمال: لابد أن تزورني في مدينتي، إنها جميلة مثل
"كيوتو""، يقول الشيخ: "ولكنها بعيدة جدا"، يقول كمال:
"حتى "كيوتو" بعيدة ولكنني جئتها"، يلتفت كمال فإذا صديقه
يأخذ حقيبته التي على الأرض وينظر إليه لتذكيره بالوقت، يعانق كمال الشيخ ثانية
وينزع خاتما "عاهد" كان في صغراه ويسلمه إلى الشيخ، يقول كمال:
"كان هذا الخاتم يذكرني بأمي، أتركه معك كي يذكرك بي"، يتأمل الشيخ
الخاتم فيقول له كمال: "محفور عليه "عاهد"، إنه "عاهد"
المحبة والوفاء"، يتعانق كمال والشيخ ثانية ثم يفترقان.
في مشهد لاحق، نرى سيارة تاكسي تقطع أنهج مدينة القيروان القديمة والضيقة،
ولا نتعرف على الرجل الذي يركب فيها، تحرك السيارة خلال الأنهج الضيقة واللفات
الحادة يكون فيه جذب وشد، ولكن هناك اطمئنان من خلال الجدران البيضاء والأبواب
الملونة وبعض الأطفال الذين يلعبون الكرة في الساحات وأمام أبواب البيوت.
عندما تتوقف السيارة تنزل منها أقدام بها تلك الجوارب الحمراء فنتعرف على
قدمي الشيخ وقد عاد إليهما انتفاخهما.
في مشهد لاحق تدخل سكريتيرة على كمال وتعلمه بأن شيخا كبيرا في السن يشبه
يابانيا أو صينيا يسأل عنه، يبهت كمال ويخرج مسرعا.
المشهد اللاحق نرى فيه كمال في مجلس تقليدي والشيخ ممدد على أحد فرشيه لا
يتكلم وأم كمال تأتي له بشاي حار، ويتحلق بهما أفراد آخرون بينهم شيخ هرم هو جد
كمال، عندما يتسلم كمال فنجان الشاي من أمه يخاطب الشيخ باليابانية ويقول له:
"هذا شاي حار بالنعناع"، يتبادل الحاضرون النظرات لما سمعوا كمال يخاطب
الشيخ باللغة اليابانية الغريبة جدا عليهم. ينظر الشيخ إلى كمال ويبتسم.
في مشهد لاحق نجد فيه كمال والشيخ وجده جالسين في فناء بيتهم، يقول الشيخ
مخاطبا كمال: "لقد أجرت البيت لسنة"، ثم ملتفتا إلى جده يقول: "مهما
عشنا فإننا نحب أن نعيش أكثر"، بعدها ملتفتا إلى كمال: "قطعت كل تلك
المسافة على أمل أن لا أموت الآن"، ينظر إلى كمال مليا ثم يقول: "أعتقد
أنك أنت الذي أخرت أجلي في المرة الأولى".
في مشهد لاحق نرى الشيخ وجدّ كمال يجلسان على دكانة أمام باب البيت الخارجي ينظران إلى المارة، تخرج حينئذ أم كمال
وفي يدها طبق عليه صحفتان من "عصيدة الزقوقو" وكأسي ماء، تضع الطبق في
ركن من الدكانة، تأخذ الصحفة الأولى وتعطها إلى الجد، يسلمها بدوره إلى الشيخ،
بعدها تسلم الصحفة الثانية إلى الجد ثم تدخل ثانية إلى البيت.
يسأل الشيخ الجد بلغته اليابانية مستعينا بحركات يده عن الأكلة، فيبدأ الجد
يحدثه عن مكونات "عصيدة الزقوقو" متكلما باللهجة القيروانية ومستعينا هو
الآخر بحركات يده، ويقضي الاثنان وقتا طويلا وهما يحاولان التفاهم ولكن دون جدوى،
في الأثناء ومن شدة ما حرك الجد يده لإفهام الشيخ، تسقط على الأرض ساعة كانت معلقة
على صدره، انتبه الشيخ إلى سقوط الساعة فانحنى عليها في تباطؤ وأخذها يتأملها، قال
الجد متكلما اللهجة القيروانية: "إنها ساعة قديمة، منذ زمن وهي لا تشتغل، أحملها
من باب الزينة والذكرى لا أكثر"، حينئذ يستمهله الشيخ بحركة من يده ويدخل إلى
البيت، تقف عند الجد إمرأة عجوز كانت مارة، وتسأله عن الأهل والأولاد بالإسم
ويسألها الجد عن أفراد عائلتها بالإسم. يظهر الشيخ من جديد فتنصرف المرأة وقد حيت الجد
على طريقة أهل القيروان بالدعاء بالرحمة على زوجته: "يرحم منى" ويرد عليها
الشيخ بالقول: "تعيش، يرحم صالح". كانت في يد الشيخ حقيبة أدوات إصلاح
الساعات، يفتحها ويبدأ يعالج الساعة، حينئذ يتوقف عنده أمام الباب عدد من الأفراد
من كهول وشباب وأطفال ينظرون إليه كيف يشتغل وهم غير مصدقين أنه قادر على إصلاحها،
عندما ينهي شغله ويعيد تركيب الساعة، يعمرها ويريهم إياها وهي تشتغل، يصيح الحاضرون
فرحا ويصفقون ويصيحون وكأننا في مقابلة كرة قدم سجل فيها أحد اللاعبين هدفا.
في مشهد لاحق نجد كمال جالسا مع الشيخ في فناء الجامع الكبير، في أحد
أروقته، يقوم كمال من مقامه ويقول للشيخ: "تعالى أريد أن أريك شيئا":
يقوم الشيخ بمساعدة كمال ونراه يلبس جوربيه الأحمرين، بعدها يصل مع كمال إلى جدار
الصومعة، فيريه الأخير حجرين يأسسان لجدار الصومعة مكتوب عليهما باللغة اللاتينية،
أحدهما مستقيم والآخر مقلوب. يقول الشيخ: "ما هذه اللغة؟"، يقول كمال:
"إنها اللغة اللاتينية..."
في مشهد لاحق نرى كمال والشيخ يغادران المسجد، بين باب المسجد ومقبرة أولاد
فرحان يقول كمال للشيخ ما يلي: "هذه الأحجار هي أول ما حببني في تعلم اللغات،
كنت أحب أن أفهم ما كتب عليها، أردت أن أعرف إن كان الذين وضعوها اطلعوا على مضمونها
أم لا". ثم وهو يبتسم إلى الشيخ يقول: "وهذه الأحجار هي ما حفزني بشكل
غير مباشر على تعلم اليابانية"
في آخر هذا المشهد يجلس كمال والشيخ على حائط مقبرة أولاد فرحان، ونرى قبور
هذه الأخيرة كخلفية وهما جالسين. يقول الشيخ لكمال: "أقصى ما يمكنني أن أبقاه
هنا سنة، (ينظر إلى قدميه) هذا إن بقيت حيا، بعدها لابد أن أرجع إلى "كيوتو"".
متأملا الشيخ ومنتظرا باقي الحكاية يحرك كمال رأسه موافقا، الشيخ: "إن مت قبل
نهاية السنة أحب أن أبقى في هذه المدينة"، كمال وهو يفكر: "وكيف بالنسبة
لطقوس الموت"، الشيخ: " لا ضير إن دفنتني على طريقتكم وفي
مقبرتكم"، وهنا ننتبه إلى رجل كان يبيض قبرا عند مقبرة "أولاد
فرحان" في الخلفية.
في مشهد لاحق نرى زوج شقيقة كمال وهو ينتظر في سيارته أمام المدخل الرئيسي
لمقبرة قريش، هذه الشخصية سبق أن رأيناها لماما في مشهد المجلس، يصل كمال في
سيارته، ينتبه إليه النسيب فينزل من السيارة ويمضي نحو مدخل المقبرة ينتظر كمال ثم
يدخلان معا ردهة المقبرة المسقوفة، كمال: "ألم تقل أننا سنذهب إلى
البلدية؟"، النسيب: "خيرت أن نرى "سي جعفر"، سوف يرشدنا إلى
ما علينا فعله بالحرف". من ردهة المدخل يدلف الاثنان إلى مكتب البلدية الواقع
فيه.
في المشهد اللاحق نجد أنفسنا مع "سي جعفر" وكمال ونسيبه في مكتب
البلدية، سي جعفر: "المسألة بسيطة، إن أردتم دفنه في مقبرة قريش فلابد من
كتابة تصريح تسمحون فيه بأن يدفن في مقبرة العائلة، لابد من التعريف بالإمضاء في
البلدية، نحتاج أيضا إلى تصريح من سفارته"، سأل كمال مستغربا ومستبشرا في ذات
الوقت: "هذا كل المطلوب؟"، قال له "سي جعفر": "هذا هو، وكل
الاجراءات تتم في البلدية"، قبل أن يغادر كمال ونسيبه المكتب يستوقفهما "سي
جعفر" ويسأل: "هناك سؤال لم أطرحه، هل الرجل مسلم؟" فينظر كمال
ونسيبه إلى بعضهما.
في مشهد لاحق نرى كمال ونسيبه يمشيان في سوق وأزقة وأنهج مدينة القيروان وهما
يتدارسان مسألة دين الشيخ.
يقول نسيب كمال: "لتكون سهلة لابد أن يدعي أنه مسلم، كذلك يمكنه أن
يدفن في مقبرة المسلمين"، يقول كمال: "وإن لم يشأ أن يدعي
الإسلام؟"، النسيب: "معنى ذلك أنه يرفض أن يدفن هنا... أعتقد أنه سيقبل
بما أنها رغبته"، كمال: "ولكن هل يجوز لنا أن نكذب وندفن غير مسلم في
مقبرة المسلمين"، النسيب: "إنها قضية طهارة ومن بين العلماء المسلمين من
يحكم بطهارة غير المسلم، لا تقلق نفسك من هذه الناحية"
في مشهد لاحق نرى كمال ونسيبه يدلفان إلى النهج الذي فيه البيت، فيفاجآن
برؤية كوكبة من الناس عند باب البيت فيخافا، ينظران إلى بعضهما ويهرولان، عند
الباب يجدان مجموعة من الرجال والنساء والشباب واقفين ويريان الشيخ وقد جلس بجانبه
الجد يصلح ساعاتهم، وقد أكمل إصلاح ساعة أحدهم وسلمها إياه يستلم منه مالا مقابل
عمله. يستغرب كمال الأمر ويتبادل مع نسيبه النظرات.
في المشهد التالي نرى كمال وأمه وأخته والنسيب في المجلس وهم يتناقشون في
قضية عمل الشيخ، يقول كمال: "أصبح يصلح الساعات أمام البيت؟ وبمقابل؟!"،
تقول الأم: "جدك هو من قال له أن يتسلم مالا لعل الناس تتركه، كل من له ساعة
ورثها عن أبيه أو جده جاءه بها ليصلحها له"
في المشهد الذي يلي نرى الشيخ والجد ومعهما رجل في الأربعين أمام محل قديم
لإصلاح الساعات، يفتح الرجل المحل ويقول مخاطبا الجد: "المحل لم يفتح منذ
توفي الوالد أي منذ تسع سنين تقريبا، لم نأجره خوفا من أن يأخذوه منا، هذه المشكلة
غير مطروحة مع صاحبك لأنه ليس باق هنا... لا تنس شرطنا، سيكون ابن أخي عبد الحميد
صانعه".
عندما يفتح الباب نجد أنفسنا في مشهد نرى فيه محلا لتصليح الساعات، يبدو
المحل رثا من كثرة هجره، ويظهر أن رائحته والرطوبة التي فيه قد أزعجت الحاضرين
فراحو يسعلون ويغطون أنوفهم. أول شيء فعله الشيخ، بحثه عن قطع الغيار القديمة
الموجودة في المحل ومعاينتها.
في المشهد الموالي نرى "سي جعفر"، كمال ونسيبه عند مدخل مقبرة
قريش وليس داخل المكتب وعلى خلفية القبور البادية عن بعد والناس بينها وعندها، "سي
جعفر": "إن كان مسلما فعليه أن يأتي بورقة من السفارة تثبت ذلك وإن كان
قد أسلم حديثا فعليه أن يعلن إسلامه ويقوم بالإجراءات المعروفة ويحصل على ورقة من
مفتي الجمهورية"، كمال: "وهل تطول هذه الإجراءات؟"، "سي جعفر":
"ليس كثيرا، أرسل الرسالة إلى وزارة الأوقاف وقم بطقوس إعلان إسلامه في
الجامع الكبير، عليه أن يحفظ على الأقل سورة الفاتحة وسورة أخرى من القرآن الكريم،
وهما اللتان يأدي بهما الصلاة"، تبادل كمال ونسيبه النظرات ثم شكرا سي جعفر
وانصرفا.
في مشهد لاحق، نرى كمال مقبلا على محل إصلاح الساعات فيجد جده جالسا عند
بابه. طرأت على المحل عديد التغييرات، هناك محابس شجيرات عند مدخله، وهناك اللوحة
التي علقت أعلاه، وقد كتب عليها "محل لإصلاح، شراء وبيع الساعات القديمة
بأنواعها"، كما نقرأ إسم "…k"
باللغة العربية واليابانية، يقف كمال عند جده فيأخذ يده يقبلها ثم يدخل إلى المحل.
في مشهد داخل المحل نجد الشيخ وهو يصلح ساعة جدارية وصبي في الخامسة عشر
يساعده، يحيي كمال الصبي بالسلام فإذا بالشيخ يرد عليه السلام، فيفاجؤ كمال ويبتسم،
باليابانية يخاطب كمال الشيخ: "أبشرك، أرسلنا المطلب إلى وزارة الأوقاف، الآن
عليك أن تحفظ سورة الفاتحة وسورة من القرآن"، ينظر كمال إلى الصبي ويقول:
"الصحبي يمكنه أن يساعدك في ذلك، عليك أن تختار إسما عربيا لك إن شئت، هذا اختياري"،
ينظر الشيخ إلى "الصحبي" ويبتسمان لبعضهما. متامديا في الحديث باليابانية
يقول كمال: "سوف تعلن الشهادتين في الجامع، وهو ما سيثبت أنك أصبحت مسلما، الصحبي
أيضا يستطيع أن يساعدك في حفظ الشهادتين، ولكن لا تنس، كل هذه إجراءات ضرورية كي
يمكنك أن تدفن في مقبرتنا، أما ديانتك فيمكنك أن تحافظ عليها ولن يعلم أحد بالأمر"،
وقد كان يبتسم لـ"الصحبي" يلتفت الشيخ إلى كمال فيتجهم وجهه مفكرا ثم
يستعيد ابتسامته.
في مشهد لاحق في بيت كمال، نجد فيه الأخير، أمه وأخته ونسيبه وبعض الأطفال،
الأم: "هذا اختيار جدك، أراد أن يعطيه قبره"، كمال:"ولكنه قبره،
وكانت رغبته أن يحضر قبره بيده وهو حي"، الأم: "هو يقول أن "k" أحوج به إليه منه، وأنه
سوف يحضر قبرا آخر لنفسه"، النسيب: "أول مرة في حياتي أحضر على هدية من
إنسان إلى آخر قبرا يدفن فيه".
في مشهد لاحق نرى الصحبي ومعه طفل في الخامسة من العمر وهو يلقن الشيخ
الفاتحة، يحاول الشيخ النطق بالآيات ولكنه يخطئ، فيقوم الطفل ذو الخمس سنين
بتسديده وقراءة الآية مكانه. يقول "الصحبي" مخاطبا الطفل أمام الشيخ
عارفا أنه لا يفقه العربية: "ليس في كل مرة تراجعه، أتركني أراجعه وحدي، هل تدري
أن عمره مائة سنة إلا واحد وأنت عمرك خمس سنين؟ هل تعرف كم يزيد عليك؟"، يبدأ
الطفل بالحساب بأصابعه، ينظر إليه الصحبي ويقول له: "إطمئن العدد أكبر من
أصابعك كلها"، يبتسم الشيخ إلى الصحبي، فيرفع الطفل إليه نظره ويبتسم.
في مشهد موالي نرى كمال وجده والشيخ في المقبرة عند قبر مفتوح ونرى الجد
يخبر الشيخ أن العادة أن ينزل في قبره وأن ويتمدد فيه، ينزل الشيخ إلى القبر
بمساعدة كمال والجد ينظر إليهما، داخل القبر يتمدد الشيخ على ظهره، يقول له الجد:
"هكذا يكون وجهك إلى القبلة عندما تكون على جانبك الأيمن"، يترجم كمال قول الجد ثم يقول باليابانية مازحا:
"وقدميك إلى كيوتو"، حينئذ يغمض الشيخ عينيه ويرتخي.
بعدها ينهض الشيخ فزعا وكمال ينبهه وقد نزل معه إلى القبر، عندما يفتح
الشيخ عينيه، يسأله كمال: "أين كنت؟"، يقول الشيخ: "لقد أخذتني سنة
من النوم"، يقول الجد: "ماذا قال؟"، كمال: "يقول أنه
نام"، الجد مخاطبا الشيخ: "لقد إطمئننت في قبرك، إن شاء الله من أهل
السعادة".
في مشهد لاحق نرى الشيخ الياباني ومعه الجد، كمال، نسيبه، الصحبي وشقيقه الصبي ذو
الخمس سنين ومعهم إمام الجامع، نرى حضورا غفيرا من المصلين في شيء من الجلبة، يقول
الإمام: "هدوء من فضلكم هناك الأخ "k" سوف ينطق
بالشهادتين"، يبدأ الشيخ النطق بالشهادتين بلكنة يابانية ونرى الصبي ذو الخمس
سنين يعيد معه بصوت خافت وكأنه يريد بذلك مساعدته.
في مشهد لاحق نحضر حفل إنشاد للمدائح والأذكار مع سلامية القيروان في فناء
بيت أهل كمال، ونرى الشيخ الياباني جالسا وقد لبس جبة تونسية "باج" وبجانبه الجد
سعيدا وفخورا بإسلامه، من الجانب الآخر من الشيخ يجلس الصحبي وبجانبه شقيقه الصغير
وقد لبس هو الآخر جبة تونسية، يبدو الحضور كبيرا، ونرى الرجل مالك محل الساعات
يوزع الشاي وآخر يوزع بعض الحلويات. في ركن من الفناء نرى كمال وبجانبه نسيبه،
كمال: "من صاحب فكرة هذا الحفل؟"، النسيب: "إنها مفاجئة أمك"،
كمال: "قيل لي أنه أنت من جاء بالفرقة"، النسيب:" أنا عبد مأمور، هي
رغبت في ذلك وهي لا تعرف شيئا عن الحقيقة"، كمال ينظر إليه ثم يلتفت إلى حيث
الشيخ، يراه سعيدا وهو يتحدث بالإشارات مع الجد فيبتسم ثم يعانق نسيبه، كانت أخت
كمال تتابعهما فأعجباها فتبتسمت إليهما سعيدة، بادلاها الابتسامة وقال كمال مخاطبا نسيبه همسا ومشيرا
إلى أخته: "هل تعرف هذه الحقيقة؟"، النسيب محولا نظره إلى زوجته:
"أبدا!"، كمال كالساخر: "لا أظنك تخفي شيئا على أمال"، ينظر
النسيب إلى كمال ثم يلتفت إلى زوجته ويقول: "هي تعرف كل شيء لوحدها". ويبتسمان
في مشهد لاحق نرى سيارة كمال رابضة أمام بيت أهله، ويغادره كمال وفي يده
حقيبة الشيخ الذي يمشي خلفه ومن ورائه الجد وأمه، يفتح كمال الباب للشيخ ليركب
وهنا نرى لأول مرة في القيروان أن الشيخ يلبس سروالا قيروانيا قصيرا ولا نرى أنه
يضع جواربه الحمراء، ونتأكد من أن رجليه غير منتفختين، ينتبه كمال إلى الأمر فيطرق
مفكرا، يمسكه الجد ويقول له: "فيما تفكر؟"، ينتبه كمال: "لا
شيء"، يقول الجد: "بالنسبة لي لا أستطيع أن آتي معكما لأن "الصحبي"
يحتاجني معه في المحل"، يحرك كمال رأسه بالإيجاب ثم يركب، يحيي هو والشيخ الياباني بحركة
من أيديهما الأم والجد وينصرفان.
في مشهد لاحق في السيارة يقول كمال للشيخ: "لاحظت أنك نزعت الجوارب
الحمراء وأن رجليك لم تعودا منتفختين"، ينظر إليه الشيخ ويقول كالحزين:
"صحيح"، يقول كمال: "ما الداعي إذن لزيارة المفتي؟"، يقول
الشيخ جازما: "لا يجوز أن نتخلف عن موعدنا "
في المشهد التالي نرى كمال والشيخ يجلسان في مكتب المفتي، يقول الأخير:
"قيل لي أنك أعلنت إسلامك في جامع القيروان فأهلا بك أخا مسلما بيننا، لأسباب
إجرائية نريدك أن تعلن الشهادتين ثانية وأن تقرأ لي سورة الفاتحة وإحدى السور التي
تحفظها"، بعد أن ينتهي كمال من الترجمة، يقوم الشيخ بالنطق بالشهادتين، يقول
المفتي: "ما شاء الله، تقبل الله"، ثم يبدأ الشيخ بقراءة الفاتحة.
في مشهد لاحق نرى الشيخ مع الصحبي في محل الساعات ونرى الصغير ذو الخمس
سنين يلون رسما، كان الصحبي بصدد إصلاح إحدى الساعات والشيخ يسدده ويشجعه بحركة من
رأسه. حينئذ يدخل كمال إلى المحل فيلاحظ أن الصحبي هو الذي يعمل والشيخ يراقبه،
يقول كمال باليابانية: "هل أصبحت راض عن شغله؟"، الشيخ: "كمال؟ (ثم
ينظر إلى الصحبي) نعم أصبحت واثقا به، الصحبي بات يتميز بالاتقان الياباني
(يبتسم)"، يقول كمال مازحا: "وماذا عن هذا؟(مشيرا إلى الصبي)"،
يقول الشيخ: "ذاك أستاذي الذي علمني الصلاة"، كمال مفاجئا وهو يخاطب
الصحبي وشقيقه: "وعلمتموه الصلاة أيضا؟"، الصحبي: "ويذهب يصلي معنا
في المسجد"، ينظر الشيخ إلى كمال مبتسما وسعيدا.
في المشهد الموالي نحضر صعود الشيخ وكمال سلم بئر بروطة المشهور الذي يقع
في طابق علوي. فوق، عند الجمل يقف الشيخ وبجانبه كمال وفي يده حلاب ماء. يقول
الشيخ مخاطبا كمال: "جئت هنا لأنك قلت لي من شرب من هذا الماء لابد أن يرجع
إلى القيروان"، يبتسم كمال ويشرب الشيخ الماء.
في المشهد اللاحق نكون على موعد مع توديع الشيخ عند باب البيت، نرى الجد
يقبله ويعانقه، الأم والأخت تبكيان، الصحبي يأتي مع كمال لاصطحاب الشيخ إلى
المطار، حيث يضع حقيبة الشيخ في صندوق السيارة ويفتح الباب للشيخ، الأخير ينظر إلى
النساء يبكين فتدمع عيناه وينحني على الصبي ذي الخمس سنين يقبل رأسه ويده ويضع له
فيها مالا ويركب السيارة بجنب كمال، يركب الصحبي خلفهما وتنطلق السيارة بينما تصب
الأم وراءهم الماء.
في المطار نكون أمام اللوحة التي تشير إلى الطائرة المغادرة إلى الدوحة،
كمال: "هذه طائرتك"، الشيخ: "نعم، ومن الدوحة أغادر إلى
أوزاكا"، يعانق الشيخ كمال ونرى الصحبي ينتظره حتى يعانقه بدوره، عندما يلتفت
الشيخ إلى الصحبي يجهش الأخير بالبكاء. يواسي الشيخ الصحبي ثم ينصرف ويدخل من
بوابة المغادرين وكمال يتطلع إليه محييا بينما لازال "الصحبي" يكفكف
دموعه.
في مشهد لاحق والطائرة في الجو والشيخ ينظر إلى أسفل نرى الدموع تنهمر من
عينيه ثم نبدأ نسمع قراءة الفاتحة بصوت الصبي ذو الخمس سنين، أثناء ذلك ينظر الشيخ
إلى اصبع يده يتأمل الخاتم "العاهد" ويتلمسه.
انتهى
© جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي (mohsenhedili2@gmail.com)
تعليقات
إرسال تعليق