سيناريو فيلم قصير "الرجوع"



الرجوع
The return
Le retour

بقلم: محسن الهذيلي
حول الحوار إلى اللهجة الإماراتية: مسعود أمر الله

(كل الفيلم يصور والكاميرا في فضاء الدهليز لا تبرحه، هي تتحرك فيه تستعمل الزوم ليس أكثر)

1-   داخلي/ دهليز منزل تقليدي (دبي)/ نهار
السيدة، الشيخ، الطفل
ننظر من داخل الدهليز إلى الباب المأدي إلى فناء البيت. مقابل الباب نرى في الجهة الأخرى من الفناء رواقا مغطى بينما نسمع لعبا بالكرة في منطقة الفناء التي لا نراها والتي تجيء على يسارنا، نسمع جريا وقذفا للكرة واصطدامها بالجدار. في مرتين تظهر الكرة وتضرب على جدار الفناء على يميننا ثم ترجع من حيث جاءت.
بعدها نسمع صوت فتح باب في الرواق المقابل، الباب موجود في الجدار غير المقابل على يميننا. قبل أن يظهر أي أحد نسمع معالجات للباب وحديث سيدة مع شخص أو أشخاص آخرين لا نسمع أصواتهم، بعد ذلك نرى أقدام شخص راكب على كرسي متحرك. نسمع صوت اصطكاك دفتي الباب بالجدار ثم يبرز الكرسي المتحرك وعليه رجل تدفعه سيدة، لازلنا نسمع ركز اللعب بالكرة.
بعد أن تخرج السيدة من الغرفة وهي تدفع الكرسي المتحرك تمشي في الرواق في اتجاه اليسار فتختفي ولا نعود نراها من الدهليز. بعد لحظات تعود تظهر من جديد وهي تدفع الكرسي المتحرك الذي يحمل رجلا ستينيا. يتقدم الإثنان نحو باب الدهليز، وعلى مستوى وسط الفناء تتوقف السيدة ونتعرف عليها وهي إمرأة خمسينية نحيلة، أما الشيخ فهو في أواخر الستينات من العمر (فارق السن بين السيدة والشيخ زهاء العشر سنوات)، تلبس السيدة لباسا كثير الألوان الساخنة وفضفاضا لا يخفي رغم ذلك رقة قدها، ويلبس الشيخ قميصا أبيض وعليه سترة سوداء دون أكمام مع قلنسوة على رأسه بيضاء وذات زخرفة هندسية أو نباتية، ونرى من ثقوبها لون شعره الذي لازال بعضه أسودا، يضع الشيخ إزارا ذي ألوان باردة تظهر من تحت القميص. تلتفت السيدة إلى يمينها وتقول مخاطبة الطفل الذي يلعب في الفناء:
                                                سيدة البيت:
-         ألا تجيئ تقبل جدك؟!
-         ما بتي تبوس يدّك؟!
هنا تصطدم الكرة بجدار لا نراه. يظهر الطفل ثم تلحق به الكرة وهي تتدحرج وراءه، وحتى يتوقف الطفل عن الجري يمسك بالكرسي المتحرك الذي يجلس عليه الشيخ، يتقدم شطر جسد الطفل الفوقاني بحيث يقبل الشيخ من خده الذي لا يليه، لا تبدر من الجد أي ردة فعل أو حركة لأعضائه سوى تحريك عينيه ومتابعة الصغير بنظره، وابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيه. (نفهم أن الرجل مشلول الجسم تماما وغير قادر على الكلام)
السيدة:
- حاذر أن تزعج جدك.
- حاسب، لا تأذيه.
بعد ذلك يأخذ الطفل الكرة ويرجع من حيث جاء ليواصل لعبه ونواصل نحن سماع نفس أصوات خطواته واصطدام الكرة بالجدران وتدحرجها على الأرض.
وهي تدفع الكرسي المتحرك تواصل السيدة طريقها إلى الدهليز، وهي لازالت في الفناء وقبل دخولها الدهليز تلقي نظرة إلى فوق مع حركة بوجهها وكأنها تتذمر من حر الشمس أو تأخر الوقت.
عندما يدخل الإثنان فضاء الدهليز نشعر بمصدر ثان للضوء والصوت، حيث يوجد باب يأخذ إلى الخارج ويفتح على أصوات الطريق. يوجد في وسط الغرفة قبالة الباب مجلسا متكونا من كانبة وأريكتين وطاولة صغيرة موضوعة فوق زربية أعجمية ذات ألوان ساخنة.
تدير السيدة وجه الشيخ نحو الكانبة ثم تلتفت إلى يمينها جهة الفناء وتنادي:
                                                السيدة:
-         زها... ليلى...
ننظر من الدهليز إلى الفناء، وبعد لحظات تظهر خادمتان أندونيسيتان من نفس الغرفة التي خرجت منها السيدة والشيخ، تختفيان جهة اليسار ثم تعودان تظهران بنفس الظهور والغياب الذي رأيناه في حركة السيدة والشيخ، ثم تدخل الخادمتان فضاء الدهليز مسرعتان، إحدى الخادمتين تبدو ذات خمسة عشر سنة والثانية في الأربعينات. وسرعان ما تبدأ الخادمتان بمساعدة السيدة في إجلاس الشيخ على الكانبة. ولأن الشيخ كان ممتلئا فإنهن لم يقدرن على رفعه.
                                                سيدة البيت:
-         (مخاطبة أصغرهن سنا) نادي إلي حصة
-         إزقري حصة
تخرج الخادمة ليلى من الباب المقابل للكانبة إلى الشارع.
                                                زهاء:
- (بالعربية التي تستعملها الخادمات الأندونيسيات) لم يعد زوج حصة يأتي إلى البيت.
- بابا مال حصة ما يجي بيت.
                                                السيدة:
- (ناظرة إلى زوجها) هل سيطلقها؟
- شو، بيطلقها؟
                                                زهاء:
-         لا أدري...
-         ما عرف.
                                                السيدة:
-         هل سوف يتزوج عليها؟
-         جنّه بيتزوج عليها؟
                                                الخادمة زهاء:
-         لا أدري...
-         ما عرف.
عندما أرادت سيدة البيت أن تسأل معاونتها سؤالا آخر، ظهرت خادمتها الثانية من الباب ومن خلفها سيدة في الأربعين في لباس تقليدي إماراتي كثير الألوان يشبه لباس صاحبة البيت ومعها "خادمتها" التي يبدو من سنحتها أنها أثيوبية. يتوقف الحوار، وتقبل السيدتان الإماراتيتان بعضيهما بينما تقترب الخادمات من بعضهن بعضا ويتبادلن التحيات همسا ودون قبلات.
                                                حصة:
- (مخاطبة الشيخ) صباح الخير، أرجو أن تكون بخير.
- مرحبا، مرحبا.. علكن بخير.
بعد ذلك يبدأ الخمس نساء بالتعاون على إجلاس الشيخ المشلول على الكانبه.
بعد معالجات بدأت بإنزال قدمي الشيخ على الأرض ومسكه من يديه والقيام بنصف دورة ثم إجلاسه على الكانبة وجعل ظهره إلى ظهرها، يتخذ الرجل موقعه على الكانبة بحيث ينظر اتجاه الباب.
والخادمات تسوين الوسائد الكبيرة على جانبي الشيخ لتثبيته، اقتربت حصة من صاحبة البيت بهدوء وهي تسترق النظر إلى الشيخ.
                                                حصة:
-    لو تركته في غرفته كان أريح له، أنت تأتي به كل صباح إلى هنا وهو رجل مشلول وما شاء الله مكنوز، لابد أن ذلك يتعبه. (تنظر إلى السيدة بعطف متكلف) ويتعبك أنت أيضا.
-    لو خليتيه بغرفته كان أحسن، كل يوم تظهرونه برع. وحليله ريال عود، ومليان ما شاء الله عليه. أكيد بيتعب ها جذه. وبيتعبج إنتي بعد.
تنظر صاحبة البيت إلى جارتها ثم إلى زوجها الذي ربما سمع ما قالت حصة وتقول لها همسا، بحيث لا يسمعها لا الزوج ولا الخادمات اللائي انتبهن إلى أن توترا ما قد نشب بين السيدتين فاقتربن من بعضهن:
                                                سيدة البيت:
-         عندما تتحدثين عن الحاج في حضرته تكلمي همسا حتى لا يسمعك... (محدقة في عيني جارتها) أنت قلت لي مرة هذا الكلام ولم أرد عليك. بل أنت قلته لي أكثر من مرة... وليس معنى سكوتي أنني موافقة عليه. كلمتك هذه المرة لأنك افتعلتي اسماع الحاج. (رافعة صوتها متعمدة إسماع الشيخ ما سبب خروج الخادمات واحدة بعد أخرى) إسمعني جيدا... لقد ترك الحاج بيوته كلها، وأنت تعرفين كم هي وكيف هي، وأراد أن يأتي إلى منزله القديم هذا، لأنه يرغب في هذه الجلسة، (مشيرة بيدها نحو الباب) وهذا المنظر... (وبشراسة قالت) لقد حن إلى زمن كان صعبا جدا على كثيرين غيره (محملقة إلى جارتها وكأنها تعنيها) بينما كان بالنسبة إليه زمن لعب فيه باللؤلئ لعبا. (منظر على يدي الشيخ وفي أحد أصابعه خاتم جميل بلؤلؤة كبيرة.). (تتخلى صاحبة البيت عن نبرتها الشرسة وترفع صوتها قليلا متعمدة إسماع زوجها) أما إن قلت ما قلته رأفة بي، فإني أعلمك يا ابنتي أن هذا الرجل، عندما كان قويا، لم يترك مكانا في الدنيا لم يأخذني إليه. كانت النساء الحوامل تتوحمن على العنب والتفاح وكنت، أنا، أتوحم على السفر إلى ماليزيا أو إسطنبول أو باريس... هل تعرفين ماذا كانت ردة فعله على مطالبي تلك؟ كان يضحاااك... يضحاااك... ثم تأتيني التذاكر في ذات اليوم...
-    يوم بترمسين عن الحجي، وطي صوتج عشان ما يسمعج. خبرتيني مرّة، وما رديت عليج. لا وإنتي الصادقة، قلتلج أكثر من مرة. ولو إني ساكتة، بس مب موافقة. وهاي المرة إنتي قاصدة تسمعينه. (ترفع الصوت) إسمعيني زين، الحجي ودّر بيوته كلها، وإنتي تخبرين كيف هيه، ويا يلس هنا في بيته الجديم، لأنه يحب اليلسة هاي. (مشيرة إلى الباب) والمنظر هذا.. (بشراسة) وحن لزمن كان صعب على كثيرين (وهنا حملقت إلى جارتها وكأنها تعنيها بكلامها) بس حقه هو، كان زمن اللعب باللولو. (منظر على يدي الشيخ وفي إحدى أصابعه خاتم جميل بلؤلؤة كبيرة.). (متراجعة عن نبرتها الحادة ورافعة صوتها قليلا كي يسمعها زوجها) وإذا قلتي هالشي بس عشان إتطيبين خاطري، لازم تعرفين يا بنيتي إنه هالريال لما كان بعافيته، ما خله مكان ما ودّاني. الحريم الحمّل كانن يتوحمن ع تفاح وعنب، وأنا كنت أتوحّم عليه ياخذني ماليزيا واسطنبول أو باريس. تعرفين شو كان يرد؟ كان يموت من الضحك، وييبلي التذاكر في نفس اليوم.
هنا تبدر من الشيخ تنهيدة خافتة، تلاحظها السيدة وجارتها.
تنتبه السيدة ربما دون جارتها إلى دمعة لمعت في العين اليسرى لزوجها، فتسرع إليه وتتوقف أمامه مديرة ظهرها إلى جارتها (وهي تقول لها مستعجلة إياها أن تنصرف ودون أن تلتفت إليها):
                                                السيدة:
-         من فضلك يا ابنتي أتركينا الآن...
-         خلينا الحين يا بنيتي لو سمحتي.
تحاول الجارة أن تنظر من وراء السيدة ثم تنصرف.
عندما أحست الزوجة أنها لوحدها مع زوجها أخرجت من بين نهديها منديلا أبيض، عليه دوائر صغيرة حمراء (نستمع الآن إلى صوت إسورتين في يدها). بذلك المنديل مسحت السيدة دمعة زوجها وقالت في محاولة واضحة لتسليته:
-         أعرف أنك تحب هذه الرائحة التي في المنديل، لقد كنت تقول لي ذلك...
-         أدري إنك تحب الريحة هاي.. دوم كنت تطريها.
وقد أدنت رأسها من رأس زوجها، بعد أن ألقت نظرات مراقبة من حولها، قالت:
                                                السيدة:
-    أتذكر تلك الأيام الممتعة يا مُوحِ؟ (متنهدة) لقد مرت بسرعة... (وهي تمسح عين الشيخ وعينيها أيضا مغيرة الموضوع) أنت نادرا ما تدمع، ولكنك حين تدمع، تدمع دائما من هذه العين اليسرى. (مع مكر ورغبة في تسليته) ربما لأنها العين الشقية التي غمَزْتَنِي بها فسحرتني... إن الله لا يحب السحر والساحرين... (ثم متداركة) ولكن أنت سحرتني في الحلال... وكل شيء فعلته معي كان في الحلال. (مع مكر ورغبة طبيعية في الإنتقام) أنا أتحدث عن نفسي، لا يهمني ماذا فعلت مع غيري.
-    تذكر هاذيج الأيام الحلوة يا مُوح؟ (متنهدة) خطفت بسرعة... (وهي تمسح عين الشيخ وعينيها أيضا مغيرة الموضوع) تعرف، يا الله لما تدمّع عيونك، ويوم تدمّع، تراها من عينك اليسرة هاي. يمكن لأنه هاي العين اللي غمزت لي فيها وسحرتني.. ترى الله ما يحب السحر، ولا السحّار. (كالمتداركة) بس إنت سحرتني بالحلال.. وكل شي سويته كان بالحلال. وما عليّ من غيري، أنا أتكلم عن نفسي.
تنظر السيدة إلى زوجها فتراه يحدق فيها غير راض، فتهدأ وتسكت. بعد ذلك تجلس على الأريكة بجانبه ثم تجر الأريكة لتقترب أكثر منه، تسند ظهرها إلى ظهرها وتفلت منها زفرة حارة. تأتي بحركة تقوم فيها بحك ظهرها بلطف ثم تقول:
                                                السيدة:
-    أحك بسبب الرطوبة، وهي هنا أكثر مما في بيتنا. (تلاحظ الزوجة أن الكلام لم يعجب الزوج فتحاول أن تكون أكثر لطفا) هذا أيضا بيتنا... أنا سعيدة هنا، ربما علي أن أقوم بحمام مغربي.
-    أتحجج عشان الرطوبة، تراها أكثر من بيتنا هني. هذا بعد بيتنا، وأحبه وايد. لازم أسوي حمام مغربي.
تتطلع الزوجة إلى زوجها وكأنها تسترق النظر إليه لتتعرف مزاجه ثم تنظر ناحية الباب، بعد صمت تبدو وكأنها تذكرت شيئا أو أنها تريد تغيير موضوع الجلسة، تقول له:
                                                سيدة البيت:
-    لقد ذهب الحاج عثمان إلى الحج هذه السنة رغم سنه، حج مع جميع أولاده، ولده الأصغر تزوج وذهب معهم. أما زوجته مريم فهي مريضة لم تقدر على الذهاب. يقال أن أحد أحفاده ذهب معهم، ربما هو إبن محمد. (مفكرة) بنات محمد كلهن تزوجن، لم تبقى إلا الكبيرة حورية، المسكينة... هناك من هن أقبح منها وتزوجن، حظوظ... لم تفرح المسكينة حتى بزوج أرمل أو متزوج... (مبتسمة بعيون مفتوحة) نسيت أن أقول لك أن إبراهيم الصايغ تزوج على المسكينة شيخة... تزوج عليها بعد أن أصبحت عجوزا... (بمكر ولكن ليس دون حب وعطف) أخيِّر أن يتزوج الزوج على زوجته وهي لازالت صغيرة... حتى تجد ما تعيده به إلى عقله... (وقد ردعها الزوج بنظرة ثاقبة) سوف أذهب لأهنئ أم علي في ابنتها التي حصلت على الدكتوراء... لن أبطئ... سوف أستقيل تاكسي.. (وهي تنظر إليه على جنب مع رغبة في إكمال الموضوع) لو أنك سمحت لي بالحصول على رخصة السياقة لذهبت في سيارتي... حين تزوجت بالأخريات كن يقدن السيارة... كنت تقول لي، حتى تسترضيني... (تقلد صوته ساخرة نوعا ما) "أنت عندك سائقك الخاص (وتضع يدها على صدرها متشبهة به)..." (بصوتها الطبيعي) وحين كنت لا تأتيني وترسل إلي سائقك... كنت تقول لي... (فكرت في تقليد صوته وغيرت ملامح وجهها من أجل ذلك ثم غيرت رأيها وغيرت الموضوع لأن رأس زوجها انزلق من فرط انزعاجه) كنت أحيانا (مع مد الياء تهكما) كي تسترضيني تأتيني وتأخذني نسهر في إحدى الفنادق...
-    حجي عثمان سار الحج هاي السنة مع عياله، حتى ولده الصغير تزوّج وسار وياه. بس حرمته مريم ما سارت لانها مريضة. يقولون حتى ولد ولده محمد سار بعد. (مفكرة) بنات محمد تزوجن كلهن، ما بقت غير الجبيرة حورية... مسكينة. اللي أخسف منها تزوجن، حظها عاثر.. ما توفقت بأرمل، ولا متزوج حتى. (مبتسمة بمكر) نسيت أخبرك، إبراهيم الصايغ تزوج ع المسكينة شيخة عقب ما عيّزت. (بمكر ولكن ليس دون حب وعطف) لو الريال يتزوج على حرمته وهي صغيرة أحسن عشان يكون عندها شي تردّه فيه لعقله... (وقد ردعها الزوج بنظرة ثاقبة) بسير أبارج لأم علي بتكسي، بنتها خذت دكتوراه.. (وهي تنظر إليه على جنب مع رغبة في إكمال الموضوع) آه لو خليتني أسوق، جان رحت بسيارتي الحينه.. حريمك الثانيات كانن يسوقن. وحتى ترضيني، كنت إتقولي: (تقلد صوته ساخرة نوعا ما) "إنتي عندج دريول خاص.. أنا" (بصوتها الطبيعي) ويوم ما إتي.. تطرش لي دريولك، كنت تقولي... وساعاااات.. عشان تطيب خاطريـ إتي وتسهرني بفندق.
ثم تقول وهي ترفع يديها في الهواء تسوي غطاء رأسها في حركة كلها خيلاء وثقة واعتداد بالنفس:
                                                سيدة البيت:
-     أحيانا (دون مد الياء) كنت تعرف كيف تسترضيني... (بمكر) وكنت أنا أيضا أعرف كيف أرضيك... كنت لاأزال صغيرة... وجميلة (وهي تنطق بهذه الكلمة كانت محدقة إلى زوجها وكأنها تتعرف رأيه في هذا الحكم). (متأثرة) ولكن المسكينة شيخة أمست عجوزا وضرتها أصغر من بناتها.
-    وساعات، كنت تعرف تراضيني. (بمكر) وأنا بعد كنت أعرف أراضيك.. كنت بعدني صغيرة، وحلوة (وهي تنطق بهذه الكلمة كانت محدقة إلى زوجها وكأنها تتعرف رأيه في هذا الحكم). (متأثرة) لكن المسكينة شيخة صارت عيوز، وضرتها أصغر من بناتها.
تنظر السيدة إلى بعلها ثم الوسائد من حوله فتقوم إليها تسويها، ثم وقد أحست برأسه قريبا من رأسها نظرت إليه من قرب وكأنها تشمه، أصغت إلى الحركة من حولها، ثم قبلته من خده بسرعة.
وهي تقوم وتستدير، حدقت ليس دون خوف، اتجاه البابين. ثم وقد تأكدت أن ليس هناك أحد، قالت:
                                                سيدة البيت:
-    هل تذكر ماذا كنت تقول لي حين كنت أقبلك من خدك لأسترضيك؟ (وقد نظرت ناحية البابين، ضاحكة ودون رفع صوتها) كنت تقول لي لست أخوك أو أبوك حتى تقبلني من خدي...
-    تذكر شو كنت تقولي يوم أبوسك ع خدك عشان أراضيك؟ كنت تقولي: جيه أنا أخوج ولا أبوج عشان تبوسيني ع خدي...
 بعد أن شعرت السيدة أنها قد روحت عن نفس زوجها وخاصة عن نفسها هي، مشت دون أن ترفع عينيها عنه نحو الباب على الفناء ونادت:
                                                سيدة البيت:
-         زها... زها
وحين لم تجبها، نظرت إلى بعلها في حركة فيها استئذان منه وهي تغادر إلى الفناء وكأنها تمشي على أطراف أصابعها:
                                                السيدة:
- تينك الجنيتان، ماذا تصنعان؟
- شو يسوّن هال ينيات؟
نرى السيدة تغادر الدهليز نحو الفناء متجهة ناحية اليسار أين يلعب الطفل.
ثم نرجع إلى الشيخ نراه جالسا على الكانبة ونسمع صوت تنفسه كتعبير عن ارتياحه لما يرى أمامه من خلال الباب. ونبدأ نسمع حركة الخارج: عربة تمر، صوت محرك سيارة تقترب ثم تبتعد، خطوات شخص يمر ويسلم، وحركات أخرى. كل هذا على خلفية صوت محرك كبير ومن نوع خاص...
قطع
2-   خارجي/ رصيف الشندقة/ نهار

حينئذ نرى بعيون الشيخ. وهي المناسبة الأولى في الفيلم التي نكتشف فيها المشهد على الساحة الكبيرة أمام البيت. وهي عبارة عن رصيف ميناء، حيث نرى سفينة عابرة على خلفية سفينة راسية قريبا، وحينئذ نفهم ماذا كان يعني ذاك الصوت الذي كنا نسمع، كما نسمع في هذه اللحظة أصوات النوارس وبوق تلك السفينة العابرة، إنه مشهد على خور دبي من جهة الشندغة.
قطع
3-   داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ، الزوجة، الخادمتان زهاء وليلى

نرى وجه الشيخ مستبشرا وهو ينظر إلى الخارج وملامحه تتغير بسبب ما يرى ويسمع. يحرك عينيه ليتابع حركة رجل يمر من اليمين إلى اليسار (نسمع صوت خطواته)، أو يرفع عينيه ليرى نوارس تطير في السماء (نسمع صوت النوارس).
تدخل الزوجة إلى الدهليز، تنحني عند الطاولة أمام الشيخ وتضع عليها طبقا من الغلال وآخر من الفواكه الجافة. تبدو السيدة في غير اللباس الذي كانت فيه، فقد أمست في اللباس التقليدي الإماراتي الأسود الأنيق، مع مطرزات على أطراف الكمين وغطاء الرأس بألوان باردة. مع بقائها منحنية ورأسها في مستوى رأس الشيخ تقول له:
                                                السيدة:
-         يا حاج سوف أذهب أهنئ أم علي وأرجع بسرعة
-         أنا سايرة بيت أم علي، وبرد بسرعة.
الشيخ ينظر إليها وكأنه يحاول إفهامها شيئا. تستقيم السيدة، تستدير نحو باب الفناء وتنادي:
                                                سيدة البيت:
-         زها... ليلى...
إلى جانب صوت الكرة وخطوات الطفل نسمع صوت خطوات الفتاتين وقد جئن ركضا، تظهران أمام الباب، فتقول لهن السيدة، مع حركة من يدها، وهي تارة تنظر إليهما وتارة إلى الشيخ على يسارها:
                                                السيدة:
-         عيناكما على الحاج.. وإذا أحسستما أنه تعب أدخلاه، سوف لن أتأخر على كل حال. لا تغفلا على سلطان (مشيرة إلى الفناء أين يلعب الولد)
-         ديرو بالكم عل حجي، وجان تعب ودّوه داخل، أنا ما بتحيّر. ديرو بالكم على سلطان (مشيرة إلى الفناء أين يلعب الولد)
بحركة من رأسيهما، وهما تنظران أحيانا إلى الشيخ وأحيانا إلى السيدة، تعرب الخادمتان عن موافقتهما.
على وجه الشيخ نرى تعبيرات غير إيجابية لم تلاحظها السيدة أو لم تشأ التوقف عندها. تلقي السيدة نظرة أخيرة على زوجها وتقول له
                                                السيدة:
-         في أمان الله يا حاج، سوف لن أتأخر.
-         ف أمان الله حجي، ما بتحيّر.
تجلس الخادمة الأكثر سنا على أريكة بجانب الكانبة وتقف الأصغر منها بجانبها. تنظر إليهما السيدة وتقول لهما وهي تشير بيدها:
                                                السيدة:
-         نعم إبقيا هنا.
-         هيه، يلسن هنه.
قطع
4-   خارجي/ النهج أمام الباب/ نهار
سيدة البيت
تغادر السيدة البيت إلى النهج، تمشي إلى أمام في اتجاه البحر ثم مع نهاية جدار على يمينها تعرج إلى يمين وتختفي.
قطع
5-   داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ، الخادمتان زها وليلى

بينما يلاحق الشيخ بنظره زوجته تنتظر الخادمة زها اختفاء السيدة ثم تغادر الدهليز مسرعة إلى الداخل. تأخذ الخادمة ليلى مكانها على الأريكة. برهة من الزمن ونسمع صوت الأولى تناديها:
                                                زهاء:
-         ليلى...
ليلى:
-          (بالإندونيسية) نعم، أنا آتية...
وتختفي ليلى في الفناء بسرعة.
يعبر وجه الشيخ عن امتعاضه من خروج الخادمتين وتركه وحده. ثم فجأة نرى ارتسام ابتسامة صغيرة على شفتيه وهو ينظر إلى الخارج.
قطع
6-   خارجي/ الرصيف أمام الباب/ نهار
سيدة عجوز هندية، وطفل صغير هندي، الثلاث باكستانيين، البحار الإيراني 1، البحار الإيراني2

نرى سيدة عجوز هندية في لباسها الهندوسي التقليدي وهي تمر في الساحة بصحبة طفل صغير يبدو أنه حفيدها. وهو يمشي خلفها تحثه السيدة على التقدم وتقول له:
                                                السيدة الهندية:
- (بلغة أهل كيريلا) لن أحملك، عليك أن تمشي وإلا فلا حكاية لك الليلة.
من ورائهما، نرى ثلاث شبان باكستانيين في لباسهم الأبيض، على حافة الرصيف، وهم يساعدون إيرانيين يعدون سفينتهم للإبحار. يقوم الباكستانيون بإرسال الحبال إلى السفينة. ويصيح أحد الإيرانيين فوق السفينة إلى آخر واقفا على الرصيف قائلا:
                                                البحار الإيراني1:
- (بالفارسي) سنكون هنا غدا، لن نتأخر، حسب التكهنات الجوية يكون البحر هادئا طيلة الثلاث أيام القادمة.
قطع
7-   داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ

نرى الشيخ يتنفس ملئ فيه ونستمع لصوت البحر وأصوات النوارس.
قطع
8-   خارجي/ الرصيف/ نهار
الباكستاني1، الباكستاني2، الباكستاني3، الإيراني1، الإيراني2.

ينهي الباكستانيون عملهم، يسلمون على من هم على متن السفينة وينصرفون. عندما مروا ليس بعيدا عن باب الدهليز الذي فيه الشيخ، قال أحدهم مخاطبا صاحبيه بالأوردو:
                                                الباكستاني1:
-         أين تذهبان الآن؟
الباكستاني2:
-         هذا المساء أرجع للعمل على التاكسي.
قطع
9-   داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ

يبتسم الشيخ ويعبر وجهه عن معرفته باللغة الأوردية ومتابعته لما دار بين الشبان الباكستانيين.
قطع
10-                      خارجي/ النهج أمام الدهليز/ نهار
رجل أوروبي ومعه فتاة فيليبينية، عامل تنظيف بنغالي

رجل أوروبي في الخمسينات ومعه فتاة فيليبينية في العشرينات يمران أمام الباب. يلبس الرجل تبانا قصيرا ويحمل آلة تصوير في رقبته. تلبس السيدة سروالا وقميصا أبيضان. يتوقف الرجل أمام الباب وينظر إلى الشيخ جالسا في الدهليز ثم يبتسم إليه ويسلم عليه بالإنجليزية:
                                                الرجل الإنجليزي:
- Hallo sir.
وعندما لا يجيب الشيخ وهو يتأمل أمامه الأفق البعيد، يواصل الزوجان سيرهما ويختفيان إلى يمين الباب. وقد اختفيا تماما نستمع إلى تحاورهما:
الرجل الإنجليزي:
-         لماذا لم يرد التحية؟
-         Why he didn’t answer?
السيدة (بالإنجليزية):
-    هو حر، ربما أحس أننا نتعدى على خصوصيته، ولكن هل لاحظت كم أنه أنيق وجميل؟
-         Up to him, maybe he felt we are invading his privacy. Did you notice how handsome he is?
الرجل الإنجليزي:
-         لهذا السبب توقفت أمام الباب، أردت أن آخذ له بورتراي.
-         That’s why I stopped by; I wanted to have a portrait of him.
برهة ويقترب من الباب عامل تنظيف. يحمل العامل في يده تلك العصا ذات الإصبعين والتي تجمع بها المهملات الصغيرة. ويتقمص العامل اللباس البرتقالي الخاص بعمال التنظيف، ويغطي وجهه (اتقاء الحر) بلحاف أصفر ذو خطوط حمراء. عندما وصل أمام الباب، توقف ونظر إلى الشيخ وكأنه يتأمله.

11-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ

رسم الشيخ ابتسامة على شفتيه، ودعا بنظره الشاب إلى أخذ شيء من الأطباق التي أمامه.
قطع
12-                      خارجي/ النهج أمام الباب/ نهار
عامل التنظيف

رفع عامل التنظيف اللثام عن وجهه فبدت على شفتيه ابتسامة عريضة على سنحة مواطن بنغالي.
بعد ذلك قلع حذاءه فبدت جواربه مثقوبة مستوى الأصابع، يخرج الشاب من إحدى جيوبه كيسا من البلاستيك ويدخل إلى فضاء الدهليز.

13-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ/ عامل التنظيف

يفتح الشاب الكيس الذي يحدث ذاك الصوت المعروف، يضع فيه بعض الثمار. بعد ذلك يأخذ حفنة من الفواكه الجافة ويضعها في ذات الكيس. ينظر إلى الشيخ فيدعوه بنظراته أن يأخذ أكثر. يبتسم العامل فرحا ويسحب كيسا جديدا من جيب آخر في سرواله ويضع الكيس الأول على أرض الفضاء المكسو بالبساط الأعجمي، ولأن الكيس الأول كان مفتوحا فقد خرجت منه تفاحة وبرتقالتان وتدحرجت على البساط. وقد جثم على ركبيتيه مد العامل يده يجمعها ثم ربط عليها الكيس. وقام بعد ذلك بفتح الكيس الثاني وجعل فيه كل ما بقي من ثمار وفواكه جافة وهي لم تكن قليلة. وعوض أن يحزن الشيخ فقد ظهرت على وجهه علامات الفرحة ورأينا ابتسامته الصغيرة. هنا رفع العامل يده ثم وضعها على صدره تحية للشيخ.
قطع
14-                      خارجي/ النهج أمام الباب/ نهار
عامل التنظيف، الجارة حصة

والعامل يغادر الدهليز إلى النهج وفي يده الكيسان ممتلآن، ظهرت الجارة حصة فجأة عند الباب، وقد اكتفت بإظهار رأسها وهي منحنية على الباب يمين الشيخ، نظرت إلى عامل التنظيف باستعلاء ثم حيت الشيخ ببرود قائلة:
                                                حصة:
-         سلام حاج.
-         سلام عليك حجي.
قطع
15-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ

وقد انزعج بسبب ظهور الجارة بقي الشيخ ينظر، ليس دون عطف، إلى العامل.
قطع
16-                      خارجي/ النهج أمام الباب/ نهار
عامل التنظيف، حصة

حاول العامل تعليق الكيسين في مكان على عربته الصغيرة للزبالة، بعد ذلك غير رأيه ووضعهما داخل سطل الزبالة نفسه ثم انصرف.
بعد أن تابعت الجارة حصة أفعال العامل، التفتت جهة باب الفناء ونادت بصوت عال دون أن تظهر بالكامل:
                                                حصة:
-         زها... زها...
قطع
17-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
زهاء، ليلى

تظهر الخادمتان فرحتان وتقفا عند باب الفناء وهما تنظران مرة إلى حصة ومرة أخرى إلى الشيخ.
قطع
18-                      خارجي/ أمام باب الدهليز/ نهار
حصة

تسأل حصة الخادمتين:
                                                حصة:
- هل الحاجة هنا؟
- وين الحجية؟
قطع
19-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
زهاء، ليلى، الشيخ

زهاء:
-         خرجت...
-         بره.
قطع
20-                      خارجي/ أمام باب الدهليز/ نهار
حصة، زها، ليلى

مع حركة من يدها تقول حصة للخادمتين:
                                                حصة:
-         تعالي، أحتاجكما.
-         تعالن أباكن.
تنصرف الجارة وتلحق بها الخادمتان. عند تجاوز عتبة الباب تلقي الصغيرة نظرة أخيرة على الشيخ وتنصرف.
قطع
21-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ، الحفيد

يعبر وجه الشيخ عن انزعاجه الشديد.
ونحس كأنه حاول أن ينطق أو أن يعبر عن شيء بمحاولة تحريك قسمات وجهه. وهنا نرى على مستوى وضعية رأسه أنه قد فقد شيئا من توازنه.
تسقط في هذه اللحظة الكرة في الدهليز ويلحق بها الطفل.
يتجه نظر الشيخ نحو الأسفل، أين سقطت الكرة، ثم نحو الطفل.
يأخذ الأخير الكرة، ويقف أمام جده، يلقي نظرة عليه، يلاحظ أنه مائل قليلا فيترك الكرة تسقط من يده ويقوم بمعالجة الوسائد على يمين الشيخ ويساره.
بسبب معالجة الطفل للوسائد يزيد افتقاد الشيخ لتوازنه، فرأس الشيخ يصبح أكثر إنحدارا إلى اليمين وإلى الوراء.
ينظر الطفل نحو جده ثم إلى الوسائد من حوله ويحرك رأسه يمنة ويسرة متأملا ثم يقترب منه ويقبله من خده. بعد ذلك ينحني يأخذ الكرة، وهنا نسمع صوت أطفال في الخارج، يلتفت الطفل نحو الباب، ودون تردد يرمي الكرة أمامه في النهج ويركض وراءها.
قطع
22-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ
يعبر وجه الشيخ عن استيائه وخوفه، يزيد عدم توازنه وينزلق رأسه أكثر نحو الوراء واليمين.
قطع
23-                      خارجي/ الساحة أمام البيت/ نهار
الحفيد، الطفلين

نرى في الساحة، على خلفية سفينة الإيرانيين التي كانت تغادر الميناء وكنا نسمع صوت محركها وبوقها، طفلان أكبر سنا من سلطان عائدين من المدرسة. يضع الطفلان حقائبهما المدرسية على الأرض ويبدآن اللعب بكرة الصبي دون أن يشركانه. يحاول الصبي استرجاع كرته فيقذفها أحدهما نحو البحر فتسقط فيه. يأخذ الطفلان حقائبهما من فوق الأرض ويفرا. يقف الصبي سلطان ينظر إليهما ثم يلحق بهما.
قطع
24-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ

(عندما جرى الحفيد وراء الطفلان لم يعد يرى من زاوية الشيخ وهي زاوية الكاميرا) يعبر وجه الشيخ عن حزن وخوف عميقين. ما يزيد من عدم توازن جلسته.
قطع
25-                      خارجي/ الرصيف/ نهار
الطفل

يظهر الطفل من جديد. يتوقف في وسط الساحة ينظر نحو البيت ثم يجري إلى المكان الذي سقطت فيه الكرة، يتوقف وينظر إلى البحر أسفل منه.
قطع
26-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ

وجه الشيخ يزداد انقباضا ونحس برأسه يتحرك ويميل إلى يمين وإلى وراء.
قطع
27-                      خارجي/ الرصيف/ نهار
الطفل

يتطلع الطفل إلى البحر أمامه ثم يلتفت ويقف ويداه متباعدتان ينظر إلى البيت ثم يجري نحوه ركضا.
قطع
28-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ، الطفل

يدخل الطفل الدهليز ركضا ودون أن يتوقف عند جده أو حتى ينظر إليه يقول:
                                                الحفيد:
                                                - لقد رموا الكرة في البحر...
- عقو الكرة في البحر...
ويختفي داخل البيت.
تبدو الحيرة على وجه الشيخ، ينتظر ماذا سيفعل الولد.
لحظات ويظهر الحفيد وفي يده عصا طويلة، يبدأ يحاول إخراجها من الباب على النهج. تصطدم العصا بالجدران والعتبة وإطار الباب قبل أن ينجح الطفل في إخراجها.
قطع
29-                      خارجي/ الساحة أمام البيت/ نهار
الحفيد، تلميذ3

عندما يصبح الطفل في الخارج يقوم بجر العصا خلفه. في وسط الساحة يظهر تلميذ آخر يجر حقيبة مدرسية، يجري التلميذ وراء الصبي يحاول وطئ عصاه. يركض الحفيد بالعصا فيحاول الطفل مرة ثم أخرى، في المرة الثالثة يفلح في وطئها وإسقاطها من يد الحفيد ثم يهرب. يلتقط الحفيد العصا ويمضي بها نحو البحر.
عندما يصل عند حافة الرصيف، يحاول دفع الكرة من اليسار إلى اليمين. ينظر خلفه خوفا أن يدفعه أحد، يقطع خطوتين أو ثلاثة وهو يحاول بالعصا ثم يفقد توازنه ويسقط في البحر.
قطع
30-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ

يتدحرج الشيخ إلى الوراء، ويستقر في وضعية ثابتة، يتابع بصعوبة كبيرة ما يجري على الرصيف.
قطع
31-                      خارجي/ الرصيف/ نهار

نرى الناس جماعات وأفراد يهرعون إلى مكان سقوط الصغير ويتجمعون عند الرصيف ولا نرى أحدا منهم نزل إلى البحر لإنقاذ الصبي، يكثر اللغط. يتواصل تدفق الناس، لا نعود نرى إلا جمهرة الناس، نسمع صوت سيارة الإسعاف وسيارة الشرطة، ثم تظهران أمامنا بأضوائهما الحمراء والبرتقالية، تمتلأ الساحة بأصوات سيارة الشرطة وسيارة الإسعاف ولغط الناس.
قطع
32-                      داخلي/ الدهليز/ نهار
الشيخ، الحفيد

يحدق الشيخ إلى السقف، يهذي قليلا، تبدأ أصوات سيارات الإسعاف والشرطة تخفت إلى أن تختفي تماما. تتبدل نظرة الشيخ، تتعلق بالسقف وكأنه يطالع شيئا، نبدأ نسمع أصوات أمواج البحر، غناء عمال البحر والغواصين، صوت صقور، صوت ركض وصهيل الخيول، صوت آلة للزكرة أو المزود (آلات موسيقية شعبية). نسمع حديث بعض النساء الفرحات ونسمع ضحكاتهن، نستمع إلى أطفال صغار يقرؤون القرآن بشكل جماعي، نسمع صوت الأذان على مستوى مقطع التشهد. بعد هذا ينقص الصوت حتى ينعدم تماما ويخيم الصمت.
على خلفية هذا الصمت التام نبدأ قليلا قليلا نسمع صوت ضربات الكرة على الجدار وزقزقة العصافير وهديل الحمام وخطى الطفل.
يظهر الصبي قادما من الفناء، يرى جده فيرتعب، وهو ينحني عليه يصيح:
                                                - جدي... جدي... ما بك؟
- يدي... يدي... شو فيك؟
يخرج الحفيد من الدهليز ويمضي إلى اليمين أين يوجد بيت الجارة حصة.
يبدو وجه الشيخ أصفرا وتبدو عيناه محدقتان في السقف، في يسراهما تلمع دمعة سرعان ما تنحدر على الخد.

33-                      داخلي/ دهليز البيت/ نهار

على خلفية موسيقى روحانية، نرى منظرا يغلب عليه اللون الأبيض. رجال في اللباس الخليجي الأبيض يحملون على الأكتاف النعش وهم خارجون من الباب. يتبع النعش عدد من الرجال في نفس اللباس الأبيض. بعد أن يغادر كل الرجال البيت، تخرج النساء في لباسهن التقليدي الأسود وهن يبكين بصوت غير مرتفع ويتوقفن عند الباب. كل هذا نراه من نفس موقع الكاميرا عند مجلس الشيخ، تتحرك الكاميرا حينئذ من مكانها وكأنها تمثل روح الشيخ، تمضي نحو الأعلى تتخطى الرؤوس وتلحق بالنعش. بعد أن تغادر الدهليز لأول مرة تتقدم الكاميرا في الساحة وتنظر إلى الجنازة من فوق وهي توضع في السيارة التي تغادر ويتبعها طابور من السيارات الفارهة بينما لازالت سيارات أخرى متوقفة. تمضي الجنازة إلى اليمين وتمضي الروح (الكاميرا) إلى بحر الخور عند النقطة التي بدى لنا أن الطفل قد سقط فيها ثم تمضي فوق خور دبي بسفنه وعباراته، نرى هذه الأخيرة والناس فيها تقطع الخور وتتقاطع فيما بينها، ونرى المساجد والمباني التقليدية والحديثة المحيطة ثم نرى بعد ذلك حديقة الخور الكبيرة، وينتهي الفيلم على موسيقى روحية عميقة ومشهد قريب من صفحة البحر مع كاميرا مسرعة.

انتهى

© جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي (mohsenhedili2@gmail.com)

تعليقات

إرسال تعليق