سيناريو فيلم قصير:
"مهرها القرآن"
بقلم: محسن الهذيلي
1-
خارجي/ شارع في مطرح
(مسقط)/ نهار
اليقضان (شاب في أواخر العشرينات)
اليقضان:
-
(يمشي على الرصيف
وخلفيته البحر والميناء، ويتكلم في
محموله) إنه بداية الموسم، عندنا شغل كثير(...) عن ماذا؟! (يضحك) أقول لك الشغل
ذبحنا وأنت تحدثني عن الزواج؟! (...)في المرة الفائتة؟ (...) نعم، قلت إن هناك
الجديد (...) هذه المرة أنا أفكر في فعل شيء(...) (يضحك) إنها تستحق حتى أن أطرد
من أجلها (...) (يضحك) (يتلقى على محموله مخابرة جديدة ينظر إلى الرقم فإذا هو رقم
أخته فتذهب الابتسامة ويتكلم بجد)، أتركك الآن يطلبونني من البيت (يرد على الطلب
الثاني وقد وصل أمام سيارته) أهلا عزة (...) في الطريق إليكم (يفتح باب السيارة
ويركب وقد حرك يده ليشغل محرك السيارة توقف ونظر أمامه متفكرا) وسخ نفسه؟ ولماذا
لم تنظفوه؟ (...) طيب سوف أجيئ (يغلق الهاتف ويشغل السيارة ويغادر).
قطع
2-
داخلي/ بيت حمام
بالحوض/ نهار
الأب الشيخ (85 سنة ومريض قد فقد النطق)، اليقضان
يجلس الشيخ في الحوض واليقضان جاثم
على ركبتيه يغسل له...
اليقضان:
-
لماذا تصر علي أنا؟! وهم؟
أليسوا أبناءك؟! (يتأمل وجه أبيه الساكت مليا ثم يبتسم فجأة) هل معنى هذا أنك راض
عني، (مبتسما وأكثر همسا) لم تعد تخفي أنك تحبني أكثر من الجميع، وهم، المساكين،
لم يعودوا قادرين على اخفاء غيرتهم (يبتسم) مرة سألتني زوجة ابنك عبد المجيد، قالت
لي: "ما سر كونك موضع سر أبيك وأنت الأصغر سنا؟!" قلت لها: إنه بسبب
حكاية، قالت لي احكينيها، قلت لها: "عندما كنت صغيرا كان والدي يروي لي دائما
حكاية الطفل والرمانة، يقول لي أن والدا قطف لابنه الصغير رمانة وأعطاه إياها فما
كان من الطفل إلا أن رماها على الأرض متسليا فقام الأب فأخذها ومدها إليه ثانية،
فقام الطفل ورماها من جديد فردها الأب مرة أخرى، وهكذا دون ملل من الأب، بل على
العكس كان فرحا لأن ابنه قد كبر وبات قادرا على رمي الرمانة"، وقلت أنك عندما
كنت تحدثني بهذه الحكاية كنت تعلق دائما قائلا: (وهنا يغير صوته وكأنه يقلد صوت
أبيه): أما عندما يهرم الأب ويصبح الابن في عنفوانه فإن الأمر يختلف، قد يصبر
الابن على والده مرة أو مرتين ولكن ليس إلى ما لا نهاية" (مبتسما) قلت لزوجة
ابنك (همسا): يبدو والله أعلم أن والدي أحس أنني لا أضجر منه ولا أنزعج من خدمته...
المشكلة الوحيدة أنني أخرجت والدي مخطئا، فتنبؤه بسلوك الأبناء تجاه الآباء لم يكن
في محله معي... (يبتسم وهو ينظر في عيني أبيه)
الوالد الشيخ:
-
(ينظر إلى ابنه على جنب
وتبدو على وجهه علامات الرضا، كما تلمع ابتسامة مقتضبة على شفتيه.)
الابن:
-
(متكلفا الجدية) ولكن
يا أبي، عليك أن تقبل بأن يخدمك غيري، قد أسافر خارج مسقط ولا تستطيع انتظاري...
الأب:
-
(ينظر إلى ابنه عن جنب
يستفهم حقيقة ما يقوله ابنه)
الابن:
-
فمثلا يوم الأربعاء
سأكون في نزوى كامل اليوم... هل تعتقد أن علي أن آخذك معي؟
الأب:
-
(نفس النظرة الجانبية الاستفهامية
تجاه ابنه)
الابن:
-
هل تظن إنك قادر على
السفر؟
الأب:
-
(نفس النظرة الجانبية
الاستفهامية تجاه ابنه)
الابن:
-
قل لي بصراحة، هل ترغب
في السفر معي يوم الأربعاء؟
الأب:
-
(ينظر إلى ابنه نظرة
استفهامية نراها عادة عند الأطفال للاستفسار عن مدى جدية المتكلم)
الابن:
-
إن كنت ترى أنك قادر، آخذك
معي... ولكن اعلم أن بعض شؤوني يمكن أن تستبقيني إلى الخميس...
الأب:
-
(عوض أن يحرك الأب رأسه
موافقا يغمض عينيه)
الابن:
-
(مستبشرا وبصوت عال
نسبيا) إذن سوف نسافر معا إلى نزوى... (ثم همسا وهو ينظر اتجاه الباب) ولكن لا تقل
لأحد.
الأب:
-
(كأننا نرى ابتسامة على
شفتيه)
قطع
3-
خارجي/ سيارة متحركة في
طريق مسقط نزوى/ نهار
اليقضان، الوالد الشيخ
الأب:
-
(يحرك عينيه اتجاه ابنه
الذي يقود السيارة ويحدث صوتا) أوه...
الابن:
-
(ينظر إلى أبيه بعطف
ودعابة) فهمت علي أن أتوقف في أول فرصة.
قطع
4-
خارجي/ محطة بنزين/
نهار
نرى سيارة اليقضان تدخل إلى محطة
بنزين. وهنا نسمع رنة محموله
اليقضان
(صوت):
-
هذه ابنتك... لابد أنها
تريد أن تعرف أين نحن... سلام... عزة...
قطع
5-
داخلي/ دورة مياه/ نهار
الابن، الوالد
يدفع الابن كرسيا متحركا عليه
والده ويدخل به إلى دورة مياه خاصة بالمعاقين
6-
خارجي/ على جانب الطريق
على خلفية مشهد جميل على الجبال/ نهار
الابن، الوالد
يصلي الابن بأبيه وهذا الأخير على كرسيه المتحرك
قطع
7-
خارجي/ السيارة
متحركةعلى الطريق/ نهار
الابن، الوالد
الابن:
-
(يتلو (عن حفظ) سورة المائدة،
إلى أن يخطئ في كلمة...)
الوالد:
-
(يحرك عينيه نحو ابنه)
أوه...
الابن:
-
(يراجع نفسه ويصلح خطأه
ثم يواصل قراءته)
8-
خارجي/ مدخل مدينة
نزوة/ نهار
مشهد السيارة متحركة عند مدخل
مدينة نزوى
الابن: (نسمعه يتلو (عن حفظ) من
سورة مريم، ويخطئ ليس في لفظ كما في المرة الأولى وإنما في شكل)
الوالد:
-
(أوه...)
الابن:
-
(يعيد نفس اللفظ وبنفس
الشكل)
الوالد:
-
(أوه...)
الابن:
-
(يعيد نفس اللفظ بالشكل
الصحيح ثم يواصل القراءة.)
قطع
9-
خارجي/ أمام محل في
سوق/ نهار
الابن، الوالد
الابن:
-
(يغادر الابن محلا
معروفا لبيع اللباس العماني الرجالي وفي يده كيسا كبيرا ويركب السيارة ويضع الكيس
في المقاعد الخلفية وهو يرقب والده) لابد أنك تقول ما سر هذا الكيس ولماذا هذه
الملابس الجديدة؟
الوالد:
-
(صامتا، يحول نظره من
عند محل الملابس إلى ولده)
الابن:
-
لن أجيبك قبل أن نشتري شيئا آخر...
قطع
10-
خارجي/ أمام محل لبيع
الحلويات/ نهار
الابن، الوالد
الابن:
-
(يغادر الابن محل بيع
الحلويات يحمل علبة للحلويات، يركب السيارة ويضع العلبة إلى الوراء وهو ينظر إلى
أبيه من قريب) تحب أن تعرف سر علبة الحلوى هذه أيضا، هناك شيء آخر علي أن أشتريه،
بعدها كن متأكدا إنني سأخبرك.
11-
خارجي/ أمام محل لبيع
الورود/ نهار
النبهان، الوالد
النبهان:
-
(يغادر
محل بيع الورود وهو يحمل في إحدى يديه باقة كبيرة من الزهور يغلب عليها اللون
الأحمر، وباليد الأخرى يقبض على محموله ويتكلم بكثير من الاكتراث، بعد أن يغادر
المحل يتوقف عند الرصيف متعمدا ليكمل مكالمته)
الوالد:
-
(نتابعه ينظر صامتا من
السيارة إلى الابن)
الابن:
-
(بعد أن ينهي مكالمته
يسعى إلى السيارة يركبها ثم يغادر) علينا أن نذهب إلى الفندق، حذرتك، قلت لك إننا ربما
نبيت في نزوى، علينا أن نتعجل، سوف ترتاح قليلا وبعد ثلاث ساعات عندنا موعد مهم
جدا.
قطع
12-
داخلي/ غرفة الفندق/
نهار
الابن، الوالد
يقوم الابن بإلباس والده ثيابه
الجديدة، ويثبت له عمامته العمانية الجميلة
الابن:
-
لم أشأ أن أخبر إخوتي فيأتون
معنا، لم أرد احراجهم، بالنسبة لك أنت لن يكون هناك أي احراج (ينظر إلى أبيه
مستفسرا ردة فعله ثم بعد وقت من التأمل يقول) جئت بك لتخطب لي...
الأب:
-
(ينظر أمامه لا يدير
عينيه وإنما يفتحهما أكثر).
الابن:
-
قبيلة البنت، لا تزوج
الأغيار... سوف تعيش معي نفس التجربة التي عشتها مع قبيلة أمي...
الوالد:
-
(مآخذا) أوه...
الابن:
-
(مبتسما ومازحا) بالنسبة
للكلام، لا تقلق، سوف أتكلم مكانك...
قطع
13-
داخلي/ قاعة جلوس/ نهار
الابن، الوالد
ولي
الفتاة:
-
(وهو ينظر إلى والد اليقضان
الذي لا ينطق) شرفتمونا بخطبتكم هذه، ولابد أن تزيدونا شرفا بالعشاء معنا، بالنسبة
لطلبكم، أرجو أن تتركوا لنا الوقت نفكر وسيصلكم ردنا قريبا جدا...
والد اليقضان:
-
(يغلق عينيه شكرا وتحية
دون أن ينبس بكلمة)
اليقضان:
-
(وهو ينظر إلى والده) الوالد
ناهز الـ85، وهو لا يركب السيارة عادة، وقد جاءكم من مسقط، ويرجو أن يكون ردكم
اليوم...
أبو البنت:
-
(ينظر إلى اليقضان
وأبيه ثم إلى الرجال المحيطين به وعلى وجهه بعض الاستغراب والاحراج)
اليقضان:
-
(مكملا) والدي له تجربة
خاصة في الخطبة، لقد حصلت له مع أمي، فهي من قبيلة لا تزوج بناتها إلى الأغيار،
ولكن جدي من أمي عندما جاءه جدي من أبي يخطب وكان رجلا عزيزا في قومه لم يقدر أن
يقول له لا ولكن لم يكن يريد أن يزوجه، لذا اشترط عليه شرطا مستحيلا، قال له نزوجكم
إن رجعتم إلينا بعد شهرين وابنكم قد حفظ القرآن الكريم كاملا... قال له جدي:
"ولكن شرطكم تعجيزي، كيف له أن يحفظ القرآن في مدة قصيرة كهذه؟!" قال
جدي من أمي: "هذا شرطنا"، عندما رجعوا إلى البيت، انعزل والدي (يتطلع إلى
والده) في بيت لهم في الحقل وحفظ القرآن الكريم، كان يحفظ حزبا كل يوم...
أبو البنت:
-
(ينظر إلى والد اليقضان
ثم إلى الرجال من حوله ويقول) ما شاء الله
والد اليقضان:
-
(يغمض عينيه إقرارا
لكلام ابنه)
اليقضان:
-
تقديرا لمجيء والدي،
أرجو أن لا تقولوا لنا لا، وإنما اشترطوا علينا ما شئتم...
أبو البنت:
-
(ينظر إلى الرجال من
حوله ثم إلى أبي اليقضان ثم إلى الأرض. بعد أن مكث مليا يفكر، انفرجت ملامحه أخيرا
وقال مبتسما للشيخ) نقر نفس الشرط، نزوجكم إن عدتم إلينا بعد ستين يوما وقد حفظ
ابنكم القرآن الكريم كاملا.
مستبشرا ينظر اليقضان إلى أبيه
الذي يتطلع إليه على جنب وتبدو على وجهه علامات الرضا والاستبشار.
انتهت.
© جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
(mohsenhedili2@gmail.com)
© جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
(mohsenhedili2@gmail.com)
تعليقات
إرسال تعليق