سيناريو فيلم قصير: "إستقبال"

سيناريو فيلم قصير:
"إستقبال"
1-   داخلي/ قاعة جلوس في بيت/ نهار
الأم
سيدة في سن أقل من الأربعين، تضع حجابا على رأسها تقترب من السلم الذي يأخذ إلى أعلى وقد ألقت بنظرة إلى ساعة يدها، ترفع رأسها وتنادي:
                                                الأم:
-         علياء.. علياء.. ماذا تصنعين؟! لقد تأخرنا على المطار (تنتظر لعلها تسمع ردا وعندما لا يأتي تقول) إنني أنتظرك في السيارة (تمشي إلى الباب الخارجي تفتحه وتغادر)
2-   داخلي/ الطابق العلوي/ نهار
البنت (علياء)
تبلغ البنت علياء من العمر خمسة عشر سنة، تغادر غرفتها في لباس طويل ومحتشم ولكن احتفالي، تضع فوق كتفيها حجابا جميلا لا تغطي به رأسها، وهي مكحلة العينين. تقف على مستوى بئر السلم وتنظر من فوق خلسة إلى أمها التي تغادر البيت، على أطراف أصابعها تمضي إلى غرفة غير التي خرجت منها (وهي غرفة أمها) تفتحها وتدخل
3-   داخلي/ غرفة الأم/ نهار
البنت (علياء)
تمضي علياء مباشرة عند مرآة الزينة، تجلس، تفتح دولابا وتخرج إصبعا لأحمر الشفاه وتضع منه على شفتيها، تتأمله ثم تحرك به شفتيها، تنظر نفسها في المرآة بعدها تضع حجابها على رأسها، تتأمل نفسها ثانية في المرآة (حينئذ تسمع بوق سيارة أمها تحت) تنهض كالمرعوبة تمضي خطوة، تتذكر أنها نسيت أحمر الشفاء في الخارج، ترجع تعيده إلى مكانه، تنظر إلى نفسها مرة ثالثة وتنسحب مسرعة خارج الغرفة.
4-   خارجي/ موقف السيارة/ نهار
الأم، البنت
علياء:
-         (تظهر من الباب الخارجي للبيت، تنظر إلى أمها من بعيد متخوفة، تمشي، تفتح باب السيارة التي يشتغل محركها، تركب بجانب أمها محاولة إخفاء ما صنعت بشفتيها).
الأم:
-         (تنتبه إلى أن ابنتها تخفي شيئا، فتمسكها من ذقنها وتدير وجهها إليها وتقول غاضبة) ما هذا الذي وضعته في فمك؟ نحن متأخرتان وأنت... ماذا تريدين أن يقول أبوك عني؟! لم أحسن تربيتك؟!
في هذه اللحظة نسمع الأذان يرفع في المسجد المجاور
الأم:
-         تتوقف فجأة عن الكلام، تترك ذقن ابنتها، تتطلع إلى الأفق وتقول) هذا العصر... (توقف محرك السيارة وتنزل)
البنت:
-         تنحني في داخل السيارة لترى – من خلال النافذة- أمها التي نزلت وأغلقت الباب وتقول) ألم تقول إننا تأخرنا؟!
الأم:
-         (تنحني لترى ابنتها من خلال نافذة السيارة، وهي تفتح حقيبة يدها تقول) أرجع فأجدك مسحت هذا الذي على شفتيك... (وترمي لها بعلبة محارم صغيرة ثم تنصرف)
علياء:
-         (تمسك علبة المحارم، تلاحق بنظرها أمها التي تنصرف، تخرج عددا من المحارم، تنزل مرآة السيارة التي أمامها، منفعلة، تريد أن تمسح شفتيها ولكنها تتوقف وتبدأ تتأمل وجهها، وعوض أن تمسح شفتيها تضع المحارم بينهما لتضعف من حمرتهما ليس إلا، تلعب بالحجاب، تقدمه، ترخه، ترجع به إلى الوراء أكثر، تسمع خطوات أمها قادمة، فتأخذ المحارم في قبضتها مرعوبة وتمسح شفتيها بكل قوة)
الأم:
-         (أول ما تركب السيارة تلتفت إلى ابنتها محدقة إلى وجهها)
علياء:
-         (تتمادى في مسح شفتيها مسترقة النظر إلى أمها، بينما تَرَاجَعَ حجابها إلى الخلف)
الأم:
-         (تمد يدها إلى حجاب ابنتها فترده إلى الأمام وتقول) أنت أجمل هكذا...
البنت:
-         (كالراضية تسوي حجابها)
الأم:
-         (تقترب منها وتقبلها) أحبك..
البنت:
-         (تنظر من طرف خفي إلى أمها وتقول) تقبل الله..
الأم:
-         لماذا لم تنزل لتصلي؟
البنت:
-         (تنظر إلى أمها بمكر) أنت تعرفين لماذا...
الأم:
-         (تحدق إليها مفكرة ثم تنظر إلى المرآة العاكسة وتبدأ في التراجع بالسيارة)
5-   خارجي/ (السيارة في الطريق)/ نهار
البنت، الأم
الأم:
-         (تنظر إلى ابنتها سعيدة وتقول) بماذا ستحدثين أبيك؟
البنت:
-         (بمكر) سأقول له إن أمي أوصلتني...
الأم:
-         (منزعجة) من قال لك أن تقولِ له ذلك...
البنت:
-         (بمكر) لعله يحن..
الأم:
-         ومن قال لك أنني أريده أن يحن؟!
البنت:
-         إصرارك أن توصلينني...
الأم:
-         لأنه لا يوجد حل آخر، هل تريدني أن أرسلك في تاكسي؟!
البنت:
-         كان يمكنك أن تطلبي من عمتي ريم فتمر وتأخذني معها...
الأم:
-         (كأنها تذكرت شيئا) قل لي.. ماذا قالت لك عمتك عندما كلمتك في التلفون؟
البنت:
-         (بمكر) لا شيء...
الأم:
-         كيف لا شيء وقد تحدثتما قرابة الساعة..؟!
البنت:
-         (بمكر وباعتداد بالنفس) تحدثنا في أشياء كثيرة...
في هذه اللحظة يرن الهاتف النقال للأم
الأم:
(تأخذ الهاتف النقال، تنظر إلى الرقم ثم تمده إلى ابنتها قائلة) هذه صديقتك شروق...
البنت:
-         (فرحة تأخذ الهاتف النقال من يد أمها، تفتح الخط وتقول) أهلا شروق، ما الأخبار؟ (...) (سعيدة) في طريقنا إلى المطار (...) أحب أن أطير إليه (...) (وهي تنظر إلى أمها من طرف خفي) فراق خمس سنوات...
الأم:
-         (مصححة) أربع سنوات ونصف...
البنت:
-         (تنظر بمكر إلى أمها ومستغربة تدقيقها في الوقت، وبعد أن تستمع إلى صديقتها تقول) بماذا أشعر الآن؟ أشعر أن كل الدنيا لا يمكنها أن تسع فرحتي (...) أنت لا تعرفين ما معنى أب (...) لا أقصد.. أعرف أن لك أبا (...) لذلك قلت لك (...) لأنه يعيش معكم (...) (وهي تسترق النظر إلى أمها تقول همسا) سيرجعان إلى بعضيهما..
الأم:
-         (وهي تقود السيارة تلتفت إلى ابنتها وتنظر إليها غاضبة)
البنت:
-         (تنظر إلى أمها مستنكرة غضبها وتقول لصديقتها) هل أخبرتك؟! (...) (بنبرة من تزف بشرى) لقد طلق الأمريكية (...) شروق حذاري (...) لا تمزح هكذا (...) أبي ليس مِطْلاَقاً (...) أبي طلق مرة واحدة هي هذه المرة (...) طلاقه لأمي ليس طلاقا (...) لأنه سيرجعها (...) قلت لك سيرجعها...
الأم:
-         (تمد يدها طالبة الهاتف النقال ما يعني أن على ابنتها أن تنهي المكالمة)
البنت:
-         (وهي تنظر إلى يد أمها ممدودة تقول مقاطعة صديقتها) شروق.. شروق، قلت لك سيرجعان لبعضيهما... سيرجعان... (تبدأ تبكي) سوف أنسى أن لي صديقة اسمها شروق.. لن أكلمك بعد اليوم.. لقد جرحتني.. أنت لست صديقتي..
الأم:
-         (تأخذ الهاتف النقال من يد ابنتها وتغلق الخط ثم ترمي الهاتف في صندوق الباب، وهي تقود السيارة تنظر إلى ابنتها وتقول) امسحي دموعك..
البنت:
-         (وهي لازالت تبكي تقول) الشريرة لقد أفسدت كحلي.. الزينة الوحيدة التي تسمح بها أمي... (تنزل المرآة التي أمامها تنظر في عينيها وهي تمسحهما) عينايا بدون كحل تصبح صغيرة جدا.. (تنظر إلى أمها) كأنني لست فتاة عربية..
الأم:
-         (مازحة حتى تروح عن ابنتها) جاءت عيناك مثل عيني أبيك لأنك تحبينه أكثر من أمك، لو كنت تحبينني أكثر لجاءت عيناك مثل عينيّ..
البنت:
-         (تنظر إلى أمها مستغربة مزاحها ومتشجعة تقول مفكرة) أمي..
الأم:
-         (عندما صمتت البنت، لاحت من الأم التفاتة إلى ابنتها وقالت) ماذا؟!
البنت:
-         أتدرين ماذا قالت لي عمتي ريم في التلفون؟
الأم:
-         (مهتمة) ولكنك قلت لاشيء..
البنت:
-         لقد قالت لي شيئا مهما...
الأم:
-         (مبتسمة ولكن مهتمة) شيئا مهما؟!
البنت:
-         هل تدرين ماذا قالت زوجة أبي لأبي؟
الأم:
-         (متظاهرة بعدم الاكتراث ولكن مهتمة) ماذا قالت له؟!
البنت:
-         قالت له: "لا يمكنني أن أعيش مع رجل لا يستطيع أن ينسى طليقته"..
الأم:
-         (هذه الكلمة تأثر في الأم كثيرا ربما لأنها هي الأخرى لم تستطع نسيان طليقها، تريد أن تعلق، تلتفت إلى ابنتها لتعلق ولكن لا تستطيع، تنظر أمامها إلى الطريق وهي تحاول أن تخفي تأثرها وتمسك نفسها أن تبكي ولكن تخونها الدمعة وتنزل على خدها)
البنت:
-         (التي كانت تتأمل أمها في صمت، تخرج محارم من العلبة التي أعطتها أمها، تمدها إليها وتقول) كنت أنتظر أن أرى كثيرا من الدموع اليوم ولكن ليس باكرا هكذا.. ولم أنتظر أن تكون من أمي أيضا!..
الأم:
-         (تأخذ المحارم من يد ابنتها وتريد أن تمسح دمعتها وإذا بها تنفجر بالبكاء، توقف السيارة على جانب الطريق وتواصل بكاءها بصوت عال وقد أفسدت دموعها كحل عينيها)
6-   خارجي/ السيارة على جانب الطريق/ نهار
البنت، الأم
تتوقف السيارة على جانب الطريق
البنت:
-         (تحنو على أمها تواسيها وتعانقها وتقبلها وتسأل بمكر) أمي ما بك؟! لماذا تبكين؟!
الأم:
-         (وهي تمسح دموعها وتتكلم باكية) لأنني.. لأنني.. أحبك..
البنت:
-         (وهي تنظر إلى أمها بمكر مستغربة) لأنك تحبينني أنا؟!
الأم:
-         (متأثرة تحرك رأسها بالإيجاب محاولة إخفاء عواطفها الجياشة)
البنت:
-         (بمكر مغيرة الموضوع) لقد أفسدت أنت الأخرى كحلك..
الأم:
-         (تمسح دموعها ثم تنظر إلى ابنتها، تفتح حقيبة يدها وتخرج مرود الكحل)
7-   خارجي/ السيارة في الطريق/ نهار
البنت، الأم
البنت:
-         (وقد رجع الكحل إلى عينيها من جديد وهي سعيدة، تنظر إلى أمها من طرف خفي ثم تنزل المرآة التي أمامها وتتأمل عينيها)
الأم:
-         (تنظر إلى ابنتها من طرف خفي وتبتسم)
8-   خارجي/ في السيارة أمام المطار/ نهار
الأم، البنت
تصل السيارة عند المطار وتتوقف قريبا من مدخل الوصول
9-   خارجي/ في السيارة أمام مدخل المطار/ نهار
البنت، الأم
                                                البنت:
-         (مسرعة تفتح الباب لتخرج ثم كأنها تذكرت شيئا، تترك الباب مفتوحا وتلتفت إلى أمها وتقول) أشكرك أمي...
الأم:
-         (متأثرة) وأنا أشكرك أيضا...
البنت:
-         أريد أن أقول لك شيئا..
الأم:
-         (محركة رأسها بالإيجاب ومنتظرة)
البنت:
-         كنت دائما مستغربة لماذا لم ترد أن تبقي مع أبي في "لوس أنجلس"، الناس سموها بلد الملائكة وأنت سميتها بلد الجن..
الأم:
-         (متأثرة ولكن لا تنبس بكلمة)
البنت:
-         (مستغربة ومتعجبة) هل صحيح أنك رفضت أن تسكنها لأنه ليس فيها الأذان؟
الأم:
-         (متأثرة وقد نزلت دموعها ثانية وظهرت على شفتيها ابتسامة حييئة بدت فيها كأنها تسخر من نفسها، بعدها تحرك رأسها بالإيجاب وتقول في الأخير) نعم...
في هذه اللحظة يرن الهاتف النقال، تأخذه الأم، تنظر إلى الرقم وتقول لابنتها وهي تسلمها الهاتف
-         هذه عمتك لابد أنهم استأخروك...
البنت:
-         (تفتح الخط) عمتي.. (...) أمام المطار، سآتي الآن إلى المدخل (تغلق الخط مستعجلة، تسلم النقال إلى أمها، تفتح الباب وتنزل وتغلق الباب)
الأم:
-         (ترفع يدها في إشارة إلى ابنتها، تنزل نافذة السيارة)
البنت:
-         (تقترب وتنحني على النافذة)
الأم:
-         هل ستستقبلين أباك بدون هدية؟!
البنت:
-         (ترفع يديها الفارغتين في حركة تعرب عن أنه لا شيء معها وتقول محبطة) لقد نسيت..
الأم:
-         (تضغط على زر صندوق السيارة فيفتح، تشير إليه وتقول مستبشرة) خذي هديتك لأبيك
البنت:
-         (تمضي إلى الصندوق وتخرج منه باقة ورد عظيمة متنوعة الأزهار وفيها بعض الزهور الحمراء، تمشي بها إلى أمها) إنها هدية جميلة أشكرك (وتنحني على أمها تقبلها وتمضي، تمشي خطوتين ثم ترجع وتقترب من أمها وتسألها بمكر) هل أقول له إنها من عندنا نحن الإثنين؟
الأم:
-         (تتأمل ابنتها، تبتسم إليها ثم تحرك رأسها موافقة) 
البنت:
-         تمضي مسرعة في اتجاه مدخل الوصول في المطار
الأم:
-         (تتأمل ابنتها تمشي وهي حزينة وسعيدة في ذات الوقت)
10-                      خارجي/ عند مدخل المطار/ نهار
البنت، العمة
عندما تقترب البنت من مدخل المطار تظهر سيدة في نفس عمر الأم تقريبا تلبس حجابا فتستقبل علياء، ونرى العمة من بعيد تمدح ملابس البنت وجمالها، نرى البنت تشير إلى أمها، تلتفت العمة جهة الأم وترفع يدها محيية
11-                      خارجي/ السيارة عند مدخل المطار/ نهار
الأم
ترفع الأم يدها محيية بدورها وتبقى تنظر مليا..
12-                      خارجي/ في مدخل الوصول/ نهار
البنت، العمة
تدخل البنت والعمة معا إلى المطار وتختفيان
13-                      خارجي/ أمام المطار/ نهار
الأم
تغادر سيارة الأم المكان وفي خلفيتها مدخل المطار..
انتهت
© جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي (mohsenhedili2@gmail.com)

تعليقات