سيناريو فيلم قصير:
"من يُعرِب: قتلت السرعةُ سلطانَ.."
كتب بمناسبة أسبوع
المرور
بقلم: محسن الهذيلي
1-
داخلي/ قاعة مطالعة في
مكتبة/ نهار
الفتاة لميس (21 سنة)
تجلس الفتاة في قاعة المطالعة
وحدها تذاكر، ونرى هاتفها النقال أمامها، لحظات ويبدأ يضيء دون أن يرن، فتستبشر وتبتسم
وتأخذه بسرعة، تنظر إلى الرقم فتقطب وتستغرب ثم تغلق الهاتف، تعيده إلى مكانه على
الطاولة أمامها وترجع إلى مذاكرتها، لحظات ويضيء النقال ثانية، دون أن تأخذه، تحنو
عليه وتنظر إليه فإذا هو نفس الرقم فيزيد استغرابها ولكن تصر على عدم الرد وتضغط
باصبعها عليه وهو في مكانه، لحظات ويضيء للمرة الثالثة، تنظر من حولها تأخذ الهاتف
النقال وتجري به نحو رفوف الكتب.
2-
داخلي/ بين رفوف الكتب/
نهار
الفتاة لميس
تدخل لميس بين رفوف الكتب حتى
تختلي بنفسها، تنظر من حولها وعندما تتأكد أنها وحدها تفتح خط التلفون.
الفتاة:
-
(بصوت هادئ وخافت)
آلو.. تفضل... نعم أنا... (خائفة) نعم.. نعم.. (مرعوبة) المستشفى؟!.. ماذا؟؟؟... أي
مستشفى؟.. كيف أصل إليه؟... ماذا؟... لم أسمعك... لا داعي؟!!!... أذهب إلى
البيت؟!!!... (تستمع للمتكلم مليا ثم وقد كانت واقفة، تنزل إلى تحت وتجلس القرفصاء
على الأرض، تضع الهاتف النقال أمامها في هدوء وترفع عينيها إلى فوق فتنزل الدموع
غزيرة مرة واحدة..)
3-
داخلي/ قاعة المطالعة/
نهار
الطلبة والطالبات
من عند الطاولات بعيدا عن رفوف
الكتب يبدأ القراء والمذاكرون يسمعون صوت بكاء لميس على خلفية هدوء المكتبة،
يرفعون رؤوسهم، بعض الفتيات ينهضن ويمشين نحو الرفوف التي يأتي منها صوت صوت بكاء
لميس.
4-
داخلي/ بين رفوف الكتب/
نهار
لميس، الطالبات
تبحث الطالبات عن لميس فيجدنها
مكورة على نفسها تبكي، يقتربن منها، يتحلقن بها ويضعن أيديهن عليها وهي تبكي لا
ترفع رأسها.
5-
داخلي/ فضاء الفصل /
نهار
المعلمة (سيدة خمسينية)، الطلبة (سنة رابعة ابتدائي)
-
(تتميز المعلمة بشخصية
قوية وعنفوان وصوت جوهري. وهي تتحدث، يستمع إليها كل طلبة القسم يتابعونها بكل
انضباط) قاد سلطانُ السيارةَ.. ماذا فعل سلطانُ؟
الطلبة:
-
(بصوت واحد) قاد.
المعلمة:
-
وماذا قاد؟
الطلبة:
-
(بصوت واحد) السيارةَ.
المعلمة:
-
(متفاعلة مع أجوبة
الطلبة الصحيحة والنشطة ورافعة صوتها قليلا) ومن قاد السيارة؟
الطلبة:
-
(وقد رفعوا أصواتهم
أكثر) سلطانُ.
المعلمة:
-
أيها الطلبة الأذكياء،
كيف نعرب سلطانُ؟
الطلبة:
-
(وقد زادت حماستهم
وارتفعت أصواتهم أكثر) فاعلٌ..
المعلمة:
-
وأين الفعل؟
الطلبة:
-
(بصوت واحد) قاد.
المعلمة:
-
والسيارةَ، يا أحبائي،
ما اعرابها؟
الطلبة:
-
(بصوت عال جدا وكأنهم
قد تفاعلوا مع كلمة "يا أحبائي") مفعول به...
المعلمة:
-
(عندما ينطق الطلبة
بهذه الكلمة في نفس الوقت وبصوت مرتفع، تنظر إليهم وتبتسم ابتسامة راضية وتبقى
صامتة تتأملهم فرحة)
الطلبة:
-
(صامتون ينظرون إلى
معلمتهم وينتظرون ماذا سوف تسألهم)
أثناء هذا الصمت المخيم يطرق الباب
المعلمة:
-
(دون أن تغير مكانها
ولا موقفها اتجاه الطلبة، تلتفت برأسها دون جسدها ناحية الباب وتقول) تفضل..
يفتح الباب ويظهر من ورائه رجل في
الستين من العمر تقريبا ووراءه إمرأة وقد بدوا وكأنهم مسمرين في مكانهم ومحرجين
جدا.
المعلمة:
-
(وقد فاجأها وأخافها
حضور ذينك الشخصين، تتسمر هي الأخرى ولا تترك مكانها وتلتفت ناحية الطلبة بشكل
تلقائي، فينهضوا في الحال)
الرجل الستيني:
-
(داعيا لها) مريم تعالي
من فضلك..
المعلمة:
-
(تشير بيدها إلى الطلبة،
بشكل عفوي، فيجلسون من جديد، تقترب من الباب على وجل مستفهمة)
إحدى السيدات من وراء الرجل:
-
(تدمع عيناها رغما
عنها)
المعلمة مريم:
-
(ترى دموعها فتزداد
رعبا وترتعش شفتاها وتسأل) ابني سلطان.. ما به؟
الرجل:
-
تعالي معنا وسنحدثك..
المعلمة:
-
(لا تتحرك من مكانها)
قل لي أولا ابني ما به..؟؟
الرجل:
-
(مفكرا ينظر إلى
التلاميذ الصامتين الذين كانوا ينظرون بانتباه ويقول همسا كي لا يسمعوه) كان يقود
سيارته مسرعا، فتعرض إلى حادث مرور مروع (وقد جاء بهذه الكلمة الأخيرة كي يفهمها
فداحة المصاب من دون أن يكون مباشرا...)
المعلمة:
-
(وقد فهمت، وهي تحاول
كظم حزنها، وكأنها دخلت في غيبوبة تستدير، تتركهم عند الباب وترجع إلى مكانها وسط
القسم وتقول مصرة ولكن في حالة نفسية مهزوزة) سأكمل درسي..
المجموعة على الباب:
-
(تنظر إليها ولا تبرح
مكانها عند الباب)
المعلمة:
-
(تنظر مليا إلى الطلبة
ويسود صمت قاتل ثم تقول) يا أبنائي... من منكم يعرب لي: قتلت السرعةُ سلطانَ .. ؟
الطلبة:
-
(دون استثناء يرفع كل
الطلبة أيديهم ويبقوا ينتظرون)
المعلمة مريم:
-
(تنظر إليهم صامتة،
ترفع يدها لتشير إلى أحدهم، ترتعش ولا تقدر، تنزل يدها، تبدأ الدموع تنزل على
خديها وهي واقفة في مكانها لا تتحرك)
مجموعة الباب:
-
(تنزل الدموع على خدي
الرجل والمرأة وهما واقفين لم يبرحا مكانهما عند الباب)
الطلبة:
-
(وقد أبقوا على أيديهم
مرفعوعة، تنزل الدموع على خدودهم جميعا وهم يبكون من دون صراخ وينظرون إلى
معلمتهم)
6-
داخلي/ قاعة جلوس/ نهار
نرى في هذا المشهد المعلمة مريم في
لباسها الأسود جالسة وإلى جانبها الفتاة لميس مسربلة هي الأخرى في السواد وبين
يديها رضيع في أشهره الأولى. تجلس السيدتان مطرقتان حزينتان، نشعر أن الفضاء الذي
يجلسان فيه مملوء بالنساء ونسمع حركتهن ولكن كل هذا يكون وراء الكامير، ما نراه
هما السيدتان، نراهما مليا ثم تتحرك الكاميرا إلى فوق فنرى صورة لشاب في ربيع
العمر واقف وحده أمام سيارة حمراء جميلة لامعة ويضع يده على الباب المفتوح من جهة
السائق. نرى هذه الصورة مليا ثم تخرج قائمة بأعداد القتلى والمصابين في سنة 2014
في سلطنة عمان جراء حوادث المرور ونسبة الشباب بينهم... (انتهت)
© جميع
الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي (mohsenhedili2@gmail.com)
تعليقات
إرسال تعليق