سيناريو فيلم قصير: "الأخوات Les sœurs"
بقلم: محسن الهذيلي
1-
داخلي/ محطة أوسترليتز-
باريس/ نهار
أخت مسيحية (وتبلغ من العمر قرابة الثمانين سنة)
تحمل الأخت المسيحية حقيبة صغيرة
ولكن تبدو أنها تنوء بها. تبحث أمام لوحة الإعلانات عن رقم الرواق الذي فيه قطارها،
من ثمة تمشي بتؤدة نحو أروقة القطارات. تتوقف أمام الرواق الذي عنده قطار مدينة
"تور".
الأخت المسيحية:
-
(تتطلع إلى اللوحة التي
عليها رقم الرواق ووجهة القطار ثم تمشي إلى مقدم القطار)
2-
داخلي/ محطة أوسترليتز-
باريس (عند القطار)/ نهار
الأخت المسيحية العجوز، الشبان
الثلاثة
الأخت المسيحية:
-
(وقد بلغت مستوى وسط
القطار، تحاول أن تصعده وحقيبتها في يدها، تثقل عليها ولا تستطيع الصعود. تضع
الحقيبة على الأرض وتستعين بكلتا يديها وتصعد درجة، تلتفت تتطلع إلى الحقيبة على
الأرض، تمد إليها يدها ولكنها بعيدة)
في هذه اللحظة يمر ثلاثة شبان، واحد
ذو سنحة أوروبية، وواحد ذو سنحة مغاربية وواحد أسود، يأخذ أحدهم بشكل عفوي وخاطف
حقيبة العجوز من الأرض ويضعها أمامها داخل القطار. رغم تثاقلها لاحظت العجوز ما
حصل فتلتفت بتؤدة لتشكر الذي ساعدها ولكنها لا ترى أحدا.
3-
داخلي/ في القطار (وهو يغادر
محطة أوسترليتز- باريس)/ نهار
الأخت المسيحية العجوز، الزوجان الشابان
تجلس الأخت المسيحية في مقصورة ذات
باب يعزلها عن الممر وبها صفي كراسي متقابلين، يحتوي كل صف منها على أربعة مقاعد،
ويجلس في مقابل الأخت المسيحية العجوز، وعلى يمينها قريبا من النافذة، زوجان شابان
ممن يبدو من مظهرهما أنهما يحملان أفكارا ما بعد قيمية (أنارشيست) ويضعان ملابس مهترئة
ومتسيبة.
الزوجان
الشابان:
-
(يتهامسان
وهما يتطلعان إلى العجوز)
الأخت المسيحية العجوز:
-
(عندما
نرها، نفاجئ بأنها تضع في حجرها هاتفا ذكيا كبيرا تطالع فيه نصا)
4-
داخلي/ مقصورة القطار/
نهار
الأخت المسيحية العجوز، الزوجان الشابان
يمضي القطار في طريقه على خلفية
مشهد على الطبيعة الفرنسية.
الأخت
المسيحية العجوز:
-
(تواصل
مطالعتها على هاتفها الذكي)
الزوجان الشابان:
-
(يلعبان لعبة مبتذلة
وهي تبادل الضرب على أفخاذهما ويبلغان حد الغضب)
الفتاة:
-
(تصرخ ألما من تلقيها
ضربة قوية ومدوية)
الأخت المسيحية العجوز:
-
(ترفع
رأسها لأول مرة وتنظر إليهما نظرة حادة فيتوقفان في الحال)
5-
داخلي/ مقصورة القطار/
نهار
الأخت المسيحية العجوز، الزوجان، الأخت المسلمة
الشابة
نسمع الإعلان عن وصول القطار إلى
محطة مدينة "أورليون" ثم يتوقف القطار، وبينما تعود الأخت المسيحية
العجوز إلى قراءتها على محمولها ينظر الزوجان إلى محطة "أوليون" باهتمام
الشاب:
-
(مخاطبا الفتاة) "أورليون"..
عملت فيها لمدة سنة..
الفتاة:
-
(ساخرة) سنة كاملة؟!
هذا جيد..!!
الشاب:
-
أجمل ما في المدينة
قربها من باريس.. فأنت في باريس وفي نفس الوقت أنت لست في باريس...
في هذه اللحظة تفتح باب المقصورة
فتاة مسلمة محجبة جميلة وأنيقة وتدخل دون تردد وتجلس على الكرسي من جهة العجوز
بجانب الباب وتغلقه خائفة...
الشاب:
-
(يتأمل الأخت المسلمة
ثم الأخت المسيحية متضايقا، يلتفت جهة النافذة ينظر إلى الخارج وقد تحرك القطار
يحرك ساقيه، يخرج سيجارة، ينهض، وقد قرب رأسه من رأس صاحبته يهمس إليها قائلا)
أريد أن أخرج (ثم يغادر فورا)
الفتاة:
-
(تلحق به دون انتظار)
الأخت المسيحية:
-
(تواصل قراءتها ولا
ترفع رأسها)
الأخت المسلمة:
-
(تلاحقهما بنظرها حذرة
ثم تغلق وراءهما الباب وتغير مكانها قبالة الأخت المسيحية من جهة النافذة مبتعدة
عن الباب ونشعر أنها اطمئنت بذلك)
6-
داخلي/ ممر القطار عند
المقصورة/ نهار
الزوجان الشابان
والشاب يمشي في الممر تلحق به
الفتاة مغادرة المقصورة وهي تمشي وراءه تسأله
الفتاة:
-
أين أنت ذاهب؟!!
الشاب:
-
(يلتفت إليها ثم يتوقف
في الممر ويشير إلى المقصورة ويحدثها بكلام لا نسمعه، وواضح من إشارات يده وملامحه
أنه كان متضايقا ممن في المقصورة)
7-
داخلي/ مقصورة القطار/
نهار
الأخت المسيحية، الأخت المسلمة، الزوجان الشابان
والقطار يغادر محطة
"أورليون" يرن محمول الأخت المسلمة، تستخرجه من حقيبة يدها وترد:
الأخت
المسلمة:
-
سلام.. أنا في القطار
الآن.. لا تقلق علي (تستمع ثم ترد بدلال) لن أتركك تتعب نفسك كل مرة وتأتيني
بالسيارة من "تور" حتى "أورليون" (تستمع ثم تقول بنفس النبرة)
طبعا أخاف عليك (تستمع ثم تبتسم وتسترق النظر إلى الأخت المسيحية فتراها مستغرقة
في قراءتها) أنا أخاف عليك أكثر مما تخاف أنت علي (تستمع) السبب..؟ ربما لأن المرأة
أحن وأرحم من الرجل.. (ثم مستدركة وبلطف) مهما كان هذا الرجل حنونا..
الأخت المسيحية:
-
(ترفع رأسها تنظر إلى
الأخت المسلمة التي كانت تتكلم همسا)
الأخت المسلمة:
-
(تنتبه إليها فتقول
مكملة مكالمتها) سوف أصل بعد ساعتين بإذن الله ونكمل كلامنا (تستمع وهي تسترق النظر
إلى الأخت المسيحية تهمس ضاحكة تقريبا) كلام فقط... (تغلق الخط سعيدة وتعيد
محمولها إلى حقيبة يدها وتتطلع إلى الخارج حالمة)
الأخت المسيحية:
-
(تتكلم مخاطبة الأخت
المسلمة) هل يمكنني أن أسألك؟
الأخت المسلمة:
-
(وقد فاجأها تكلم الأخت
المسيحية تحرك رأسها بالإيجاب)
الأخت المسيحية:
-
هل يخاف عليك الاعتداء
لأنك محجبة؟
الأخت المسلمة:
-
(ترد محرجة) لقد اعتدوا
على جارة لنا منذ أيام...
الأخت المسيحية:
-
مهما فعلوا لا يجب أن
تخافي، إنهم يخوفوننا كي يتحكموا فينا..
الأخت المسلمة:
-
(تضحك ساخرة من غرائب
الحياة) أنا المرعوبة، أحيانا أنظر في عيون بعض الناس فأراهم خائفين مني..
الأخت المسيحية:
-
(بحزم) إنهم يخوفوننا
من بعضنا.. (ثم وهي تشير إلى ما بين يديها تقول) ولكن الرب يطمئننا..
الأخت المسلمة:
-
(وهي
تتطلع إلى محمول الأخت المسيحية تقول) هل كنتِ تقرئين الانجيل؟
الأخت المسيحية:
-
(تحرك رأسها بالإيجاب
وتقول بلطف) إنجيل يوحنا..
الأخت المسلمة:
-
(بعفوية وهي تخرج
محمولها وتفتحه) القرآن يقول لنا أنه جاء ذكر رسول الإسلام في الإنجيل..
الأخت المسيحية:
-
(بحزم) لا يوجد شيء من
هذا في إنجيل يوحنا..
الأخت المسلمة:
-
(وهي تفتح صفحة القرآن
في محمولها تقول) أما القرآن فيذكر أغلب أنبياء بني اسرائيل وخاصة موسى والمسيح
عيسى...
الأخت المسيحية:
-
(وقد ذهبت شدتها بعد أن
سمعت اسم المسيح عيسى وقالت بنبرة رقيقة) وأعرف أن القرآن تحدث عن السيدة العذراء...
الأخت المسلمة:
-
(متحمسة وهي تبحث بنشاط
عن سورة مريم في قرآن محمولها) هناك سورة كاملة باسم السيدة مريم في القرآن..
الأخت المسيحية:
-
(وقد زادت حساسية صوتها
ومترجية) هل يمكنك أن تقرئ لي شيئا عن السيدة مريم والسيد المسيح..؟
الأخت المسلمة:
-
(فرحة وقد أصبحت سورة
مريم أمامها) سوف أقرأ لك من سورة مريم... (وتقرأ عليها من الآية 16 إلى الآية 36،
وعندما تكمل قراءتها وترفع رأسها تجد أن الأخت المسيحية تمسح دموعها متأثرة)
الأخت المسيحية:
-
(وهي تخفي تأثرها
الشديد وتمسح دموعها تتطلع إلى الخارج عبر النافذة وتقول، بينما يسمع الاعلان
بالوصول إلى "سان بيير") أبهذه السرعة وصلنا؟!
الأخت المسلمة:
-
(متأثرة هي الأخرى
وسعيدة) لأننا استأنسنا ببعضنا فلم نشعر بالوقت يمر..
الأخت المسيحية:
-
(تنظر إلى الأخت
المسلمة تتأملها فتنهمر دموعها فجأة ولا تستطيع إخفاءها)
الأخت المسلمة:
-
(متأثرة، تقوم من
مقامها وتمشي إلى الأخت المسيحية ثم تنزل على ركبتيها حتى تكون في مستواها
وتحتضنها ثم يحتضنان بعضيهما)
في هذه اللحظة يدخل المقصورة
الزوجان "الأنارشيست" لأخذ حقائبهما فيفاجآن بما يريان، يأخذان على عجل
حقائبهما من الصندوق فوق رؤوس الأختين ويغادران المقصورة وهما يتلفتان.
8-
داخلي/ محطة تور/ نهار
يدخل القطار إلى محطة مدينة "تور" المغطاة..
9-
داخلي/ عند القطار في
محطة "تور"/ نهار
شاب ذو لحية خفيفة وذو سنحة مغاربية
وقد بدأ الناس في النزول، نرى
الشاب وهو يمشي في الرواق على طول القطار يتطلع إلى الركاب النازلين وإلى الذين لم
ينزلوا بعد باحثا عن الفتاة المسلمة...
10-
داخلي/ أمام باب القطار
(في محطة تور)/ نهار
الأخت المسيحية العجوز، الأخت المسلمة، الشاب المسلم
تظهر من باب القطار أولا الأخت
المسلمة وهي تحمل حقيبة الأخت المسيحية العجوز ثم تظهر هذه الأخيرة وبمساعدة
الأولى تنزل رويدا رويدا.
في هذه اللحظة يصل الشاب المسلم
فيأخذ حقيبة الأخت المسيحية من يد الأخت المسلمة، يبتسم إلى زوجته بلطف ويقول
مخاطبا الأخت المسيحية:
الشاب:
-
"بون جور" يا
أختي (ثم مشيرا بيده) سيارتي ليست بعيدة..
الأخت المسيحية:
-
(تنظر إلى الشاب الجميل
بحب ثم تنظر إلى الأخت المسلمة وتقول) هذا ما يناسب روحك..
الأخت المسلمة:
-
(تنظر إلى الأخت
المسيحية وتبتسم سعيدة ثم تنظر إلى زوجها الشاب فرحة)
11-
داخلي/ محطة القطار
(مدينة تور)/ نهار
الأخت المسيحية، الأخت المسلمة، الشاب المسلم
يتلخص المشهد في أن نرى من الخلف
الأخت المسيحية تمشي وسط الزوجين، تمسكها الأخت المسلمة من يدها وعلى جانبها الآخر
يمشي الشاب حاملا حقيبتها الصغيرة، ونشعر بقرابة حقيقية بينهم وأنهم ينتمون إلى
عائلة واحدة، وأثناء ذلك نسمع ما يلي:
الشاب:
-
(مخاطبا الأخت
المسيحية) كيف كانت رحلتكما؟
الأخت المسيحية:
-
(وهي تنظر إلى الأخت
المسلمة) جيدة.. لم نتعب فيها..
الأخت المسلمة:
-
(تحرك رأسها بحرارة
موافقة)
الشاب:
-
قطاركم مريح، يتوقف في
"أورليون" وفي "سان بيير" فقط..
وينتهي الفيلم على صورة الثلاثة
وهم يغادرون المحطة التي غطى ضجيجها على صوت حديثهم.. (انتهت)
© كل الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
(mohsenhedili2@gmail.com)
© كل الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
(mohsenhedili2@gmail.com)
تعليقات
إرسال تعليق