سيناريو فيلم قصير: أسرة واحدة


سيناريو فيلم قصير:
أسرة واحدة
بقلم: محسن الهذيلي
1-   خارجي/ أمام مسجد/ نهار
الشاب صلاح وهو في الخامسة والعشرين من العمر
يخرج صلاح وحده من المسجد الذي تشير المعلقة عليه أنه "مسجد الإمام علي (ع)"، يمضي صلاح إلى سيارته الصغيرة ويركبها دون أن يغادر. وهو يمشي نحو السيارة يتكلم في هاتف نقال فيقول:
                                                صلاح:
-         إنه لم يقتنع... حاولت معه... قال آخر برنامج التقيت فيه معه تسبب في كثير من الفتنة ولن أشارك ثانية... ماذا؟... أمي؟!... ما دخل أمي؟!... آه...
2-   خارجي/ في السيارة (صغيرة)/ نهار
صلاح
صلاح (وقد ركب السيارة وترك الباب مفتوحا):
-         ماذا؟! أغير السيناريو؟! كم مرة غيرت السيناريو...؟!... ولكنك لم تخرج بعد شيئا... أنا الذي لم أتوقف عن الكتابة... ماذا؟!.. ألو.. ألو.. (وهو يبعد الهاتف عن أذنه) قطعت الخط؟! ثم تقول لي انقطع وحده... (يتكلم إلى النقال الذي لم يعد يوصل كلامه) لن أعمل معك بعد اليوم... لولا أمك لتوقفت... أمك؟! ما دخل أمك... (وقد كان جالسا في السيارة يرمي الهاتف النقال على الكرسي الذي بجانبه. بعد أن يشغل محرك السيارة ينطلق دون أن يغلق الباب، أثناء ذلك ينتبه فيغلقه وهو يسير)
3-   داخلي/ محل لبيع التحف القديمة في سوق المنامة/ نهار
صلاح (25 سنة)، عادل (23 سنة)، سفيان (28 سنة) فتاة (24 سنة)
سفيان، شاب مثقف وصاحب محل يبيع فيه التحف والكتب القديمة النادرة ونرى بعض معلقات الأفلام القديمة التي أطرها ويبيعها مثل ألواح فنية، وهي فوق الخزائن أو معلقة بخيط تتدلى من السقف. وسفيان شاب مغرم جدا بالسينما وهو تاجر وأحيانا يعمل كمنتج لبعض الأفلام القصيرة وقد أقنعه عادل، المخرج، بإنتاج فيلمه الجديد، يلبس صلاح سروالا وقميصا أسودين ويلبس عادل وسفيان ملابس بألوان أخرى.
                                                عادل:
-         (مخاطبا صلاح) تزور الشيخ الشيعي بلباسك الأسود فهمناها، أما أن تزور الشيخ السني بنفس هذه الملابس...؟! كم عندها عاشوراء؟! شهران..؟! أتريدون أن تجعلوا كل السنة حزنا...؟!
صلاح:
-         المفروض أن تلتقي أنت بالشيخ عمر...
عادل:
-         ولكنك أنت السيناريست... وأنت من سيكتب عن الشخصيات...
صلاح:
-         أولا هو ليس فكشن حتى...
عادل:
-         (مقاطعا) ليس فيكش؟! (وهو ينظر إلى سفيان) أليس هو من طرح أن يتحول العمل إلى فيكشن...
صلاح:
-         أنا قلت...
عادل:
-         ماذا قلت؟! كل مرة..
وقد أصبح النقاش بين صلاح وعادل نقاش طرشان، تدخل سفيان:
سفيان:
-         (مقاطعا) اسمعاني جيدا.. لقد أقنعتماني بإنتاج هذا الفيلم بقولكما أنكما سني وشيعي ومتفقان وتريدان صناعة فيلم من أجل الحب بين المسلمين... (منفعلا ومهددا) الآن وأنتما تتشاجران أمامي هكذا... (فجأة يتوقف عن رفع صوته بالكلام وينظر منبهرا نحو الباب)
نرى عند الباب فتاة كاملة جميلة وأنيقة جدا وجذابة، تدخل الفتاة وتنظر خلال المحل ثم تخطو نحو الشبان الثلاثة القابعين في عمق المحل
                                                الفتاة:
-         (متكلفة للطف والرهافة) السلام عليكم.. من الأستاذ سفيان؟!
سفيان:
-         (متكلفا اللطف بعد أن كان يصرخ تقريبا) وعليكم السلام تفضلي...
الفتاة:
-         (مبالغة في تكلف اللطف ورافعة اللقب) أنت سفيان؟
سفيان:
-         (وقد عادت إليه تلقائيته) نعم أنا نفسه..
الفتاة:
-         هل أجد عندك جدارية أو كليم قديم ألوانه تقليدية وتبدو قديمة جدا جدا جدا...
سفيان:
-         (ينهض من مكانه، يمضي إلى الداخل ويخرج لها جدارية كبيرة) هذه أجمل ما عندي في المحل وهي قياس متران على أربع أمتار (ينظر إلى الفتاة بتمعن منبهرا بجمالها وأناقتها ثم يقول) تراجعي من فضلك سأفتحها لك..
الفتاة:
-         (تتراجع إلى الوراء دون أن تنسى التكلف حتى في حركتها حيث ترفع بدلال يديها إلى مستوى صدرها)
صلاح:
-         (منبهرا بجمال الجدارية بعد أن بسطها سفيان، ينهض بسرعة من مكانه يأخذ بطرفها الثاني ويقول مخاطبا سفيان) اجعلها كالمعلقة
سفيان:
-         (وقد فاجأه تصرف صلاح ونبهه أيضا إلى نفسه يستجيب لدعوته)
الفتاة:
-         (محركة رأسها مرة على اليمين ومرة على الشمال متمعنة وبدلال تقول) وماذا سنضع أمامها لنبرز جمالها أكثر؟!
سفيان:
-         (ينظر اتجاه عادل ويشير بيده التي تشد الجدارية ويقول) عندي بساط عجمي يتماشى تماما مع هذه الجدارية..
عادل:
-         (ينهض ويمسك بطرف الجدراية)
سفيان:
-         (يختفي ثانية ثم يرجع مسرعا من داخل المحل وفي يده بساط عجمي وبخفة واحترافية يفتحه عند الجدارية وأمام الفتاة)
صلاح:
-         (ينظر منبهرا إلى الجدارية والبساط العجمي)
الفتاة:
-         (تنظر بدورها إليهما وتحرك رأسها كالمتمعنة ومترددة تقول) إنها جميلة ولكن ليس من أجل هذا جئت..
سفيان:
-         أريك شيئا آخر...؟
الفتاة:
-         (مترددة ومتكلفة الحياء) في الحقيقة جئت من أجل موضوع ثان...
سفيان:
-         (وقد ضاق صدره قليلا) من أجل ماذا؟!
الفتاة:
-         (وهي تخاطب سفيان وبنفس نبرة التكلف والدلال) علمت أنك تعمل منتج أفلام أحيانا وأنا أريد أن أمثل...
سفيان:
-         (يقبض بيده على الجدارية ويقول) لماذا لم تقولي ذلك من الأول؟!!
الفتاة:
-         (متكلفة كعادتها) لقد استحيت...
سفيان:
-         (وهو يكظم غيضه) استحيت؟!... (ينظر إليها مفكرا ثم يقول كالساخر) نحن نعد لتصوير فيلم عن السنة والشيعة هل تريدين العمل فيه؟
الفتاة:
-         عن الشيعة والسنة؟! ولكنني لا أحب أفلام الحرب.. أحب الأفلام الرومنسية...
سفيان:
-         (مشيرا إلى صلاح) هذا هو السيناريست ولا أعرف أنه يكتب في الرومانسيات...
صلاح:
-         (وهو يتأمل الجدارية والبساط أمامه ولا يعير أي اهتمام لما يجري من حوله يقول مخاطبا سفيان وعادل) الآن جاءتني الفكرة...
الفتاة:
-         (متساءلة وبنفس تكلف نبرة الدلال تقول لصلاح) فكرة فيلم رومنسي؟!
صلاح:
-         (ينظر مستغربا إلى الفتاة وكأنه يراها لأول مرة ويحك رأسه مفكرا ثم يطرق)
4-   داخلي/ مجلس في بيت/ نهار
صلاح، عادل، فتى (14 سنة)، شاب (16 سنة)، رجل دين شيعي (ويكون شيخا حقيقيا وليس ممثلا)
تتدلى الجدارية التي سبق ورأينا أمام أثاث مجلس بيت وهي تغطيه تماما فلا نرى شيئا منه، ويمسك بالجدارية من اليمين الفتى ذو الأربعة عشر سنة ومن اليسار الشاب ذو 16 سنة، أمام الجدارية جعل البساط العجمي وعليه كرسيان واحد على يمين الكاميرا والآخر على يسارها، ويقف وراء الكاميرا المخرج عادل، وبينما يجلس الشيخ الشيعي على الكرسي الذي على يمين الكاميرا، يجلس صلاح على الكرسي الثاني.
والكاميرا "كلوز آب" على الشيخ الشيعي يطرح عليه صلاح السؤال التالي:
                                                صلاح:
-         في برنامجنا الجديد "ممنوع الاختلاف" نريد أن نتحدث فقط في الاتفاقات، ونبادر إلى سؤال الشيخ حسين ما هي نقاط الاتفاق بين الشيعة والسنة؟
الشيخ الشيعي:
-         (مضمون ما يقوله الشيخ على طريقته) نحن نتفق في كل أساسيات الدين الإسلامي.. دون استثناء...
وهنا نلاحظ أن الشاب ذو الأربعة عشر ربيعا يجد صعوبة في رفع الجدارية إلى أعلى ونراها تنحدر من جهته وتسقط على الأرض.
عادل:
-         (يتوقف فجأة عن النظر في الكاميرا، يرفع يده..)
الشيخ الشيعي:
-         (يتوقف عن الكلام)
عادل:
-         (ينظر اتجاه الفتى ذو الأربعة عشر ربيعا، حانقا وبإشارة من يده يدعوه إلى رفع الجدارية)
وهنا نلاحظ أن الجدارية كانت منحدرة فعلا من جهة الصبي. ويرجع يرفعها بحيث تكون يده إلى أعلى.
5-   داخلي/ مجلس بيت آخر/ نهار
صلاح، عادل، شاب الـ(14 سنة)، شاب الـ(16 سنة)، رجل دين سني (ويكون شيخا حقيقيا وليس ممثلا)
نفاجأ بمنظر على مجلس بيت مختلف عن مجلس بيت رجل الدين الشيعي، ونسمع صوتا جديدا، في الأخير نرى نفس الجدارية والبساط العجمي والكرسيين ونرى الشيخ السني يجلس مكان الشيخ الشيعي على الكرسي يمين الكاميرا وصلاح جالس على الكرسي يسار الكاميرا.
                                                الشيخ السني:
-         (مضمون ما يقوله الشيخ على طريقته) فكلنا مسلمون موحدون إلهنا واحد ورسولنا واحد وقرآننا واحد ونصلي كلنا نفس الصلوات الخمس في اتجاه نفس القبلة ونحج نفس الحج في ذات الوقت ونصوم نفس الشهر..
صلاح:
-         (يرفع يده، ينهض، يستأذن من الشيخ بحركة من رأسه، يتقدم نحو عادل)
عادل:
-         (كاظما غيضه) ماذا حدث أيضا؟! كل شيء كان على ما يرام؟!
صلاح:
-         (يهمس في أذن عادل)
عادل:
-         (وكأنه انتبه بعد غفلة، يقول على استحياء مخاطبا الشيخ ومشيرا بيده إلى الكرسي الذي على يساره) شيخ عمر لقد أخطأنا.. هل يمكنك أن تتفضل علينا وتغير مكانك إلى الكرسي الثاني
الشيخ عمر:
-         (ينتقل إلى الكرسي على يسار الكاميرا ويهيئ نفسه لمواصلة حديثه) قلنا...
صلاح:
-         (وقد أخذ مكان الشيخ على الكرسي على يمين الكاميرا) شيخ عمر... هلا تفضلت وأعدت كل ما قلته منذ البداية...
الشيخ عمر:
-         (كاظما غيضه ولكن معبرا عن استيائه بلباقة) منذ البداية؟!
صلاح:
-         (محرجا) لو تكرمت..
6-   داخلي/ محل بيع التحف القديمة/ ليلا
سفيان، عادل، صلاح
في هذا المشهد يتفرج الثلاثة على الفيلم، ونشاهد جزءا منه معهم، وهو الفيلم الذي صور مفرقا بين بيتي الشيخ حسين الشيعي والشيخ عمر السني ولكن على خلفية واحدة وهي الجدارية وأثاث واحد وهو البساط العجمي والكرسيان. وقد تم توليفه ومونتاجه بحيث نحس أن الشيخان إنما كانا مجتمعين في نفس المكان وهما يتحدثان إلى بعضيهما. فحديث صلاح في كل مرة لأحد الشيوخ حذف تماما وجاء مكانه حديث الشيخ الثاني فبدى الفيلم وكأنه لقاء بين الشيخين، السني والشيعي، وهما يتحدثان حول نقاط اللقاء بين مذهبيهما وهي كثيرة.
ونطالع جزءا من الفيلم الذي يعرض على كمبيوتر ويجيء كما يلي:
                                                الشيخ عمر:
-         وكلنا موحدون فإلهنا واحد ورسولنا واحد وقرآننا واحد ونصلي كلنا نفس الصلوات الخمس اتجاه ذات القبلة ونحج إلى ذات البيت في ذات الوقت ونصوم ذات الشهر..
الشيخ حسين:
-         (يبدو وكأنه ينظر إلى الشيخ عمر) وعندما نقول أن قرآننا واحد فمعنى ذلك أننا كلنا نؤمن بأخلاق القرآن وقيمه، نؤمن بالحساب وبيوم القيامة وبالجنة والنار وأن السرقة والخيانة والزنا وقتل النفس حرام...
الشيخ عمر:
-         ولأن السنة والشيعة مسلمون مؤمنون فإن قتل أحدهما للآخر متعمدا يتسبب لصاحبه بالخلود في النار وفي ذلك نص قرآني واضح...
بعد هذا المقطع، وعلى خلفية موسيقى جينيريك الفيلم، يدور بين الأصدقاء الثلاثة الحوار التالي:
                                                سفيان:
-         لم أكن أعرف أن عادل مواهبه متعددة، فمع الإخراج مسك الكاميرا بحرفية وقام بالمونتاج...
عادل:
-         أعترف أن صلاح ساعدني كثيرا في الإخراج...
صلاح:
-         ساعدتك في الإخراج فقط؟!
سفيان:
-         (مقاطعا) المهم أن الفيلم جاء كما تخيلنا ورسالته كانت واضحة...
عادل:
-         ورغم ذلك فإنه لا يمكننا أن نعرضه قبل أن نطلع عليه الشيخين ونأخذ موافقتهما على عملية المونتاج...
صلاح:
-         (مهتما) ولكن هناك مشكلة أكبر.. تتعلق بالعمل الفني ذاته...
سفيان:
-         (وهو ينظر إلى عادل) أنا السيناريو والإخراج والديكور أعجباني...
صلاح:
-         (مقاطعا) المشكلة أن كل الصور "كلوز آب" ولم نرى الشيخين في صورة واسعة ولا مرة واحدة ثم ليس من المعقول أن نسمع منهما كل ذلك الكلام الجميل حول التوافق واللقاء ولا نراهما يتعانقان أو حتى يتصافحان في آخر البرنامج.
عادل:
-         (يعشش عينيه كمن أحرج أو فضح)
سفيان:
-         (ينظر إلى عادل) هذه المشاكل المفروض أن ينتبه إليها المخرج...
صلاح:
-         (مقاطعا) إن لم نحل هذه المشكلة فإن الفيلم غير قابل للعرض حتى وإن وافق عليه الشيخان...
عادل:
-  الحل الوحيد هو أن يلتقيا...
سفيان:
-         إلى الآن هما مصران على عدمه..
صلاح:
-         (ينظر إلى سفيان وكأنه يسمعه بينما يفكر مهموما)
7-   خارجي/ شاطئ البحر/ نهار
عادل، صلاح
يجلس عادل وصلاح جنبا إلى جنب على شاطئ البحر. ونرى، أمامهما، بعض السفن الراسية وفي إحداها أحد البحارة يغني أغنية حزينة عن البحر وغدره. وبينما استلقى صلاح على ظهره يتأمل السحب، مسك عادل ببعض الحصيات يرميها إلى الماء أمامه. كان الجو غائما حزينا فجرى هذا الحوار.
                                                صلاح:
-         (المستلقي على ظهره ينظر إلى السماء) هل تظن أنها ستمطر؟
عادل:
-         (يرفع رأسه إلى السماء ثم إلى البحار) ذلك البحار، هو الوحيد الذي يجيبك على سؤالك، أما أنا فأفكر في فشلي...
صلاح:
-         لم أسعد مثلما سعدت أثناء تصوير هذا الفيلم، لقد أحسست احساسا جديدا لم أعرفه من قبل...
عادل:
-         (مستغربا) وما هذا الاحساس؟!
صلاح:
-         أحسست أنني مسلم ولست شيعيا...
عادل:
-         وما فائدة هذا الشعور...؟!
صلاح:
-         الذي يهمني هو أنه الشعور الذي كنت أريد أن أوصله إلى الجمهور وبما أنه وصلني فمعناه أنه حقيقي وسيصلهم...
عادل:
-         (ساخرا) سيصلهم؟! كيف والفيلم لن يعرض...
صلاح:
-         (ينقلب على بطنه وقبل أن يضع وجهه في الرمل يقول) لابد أن أجد حلا...
بعد أن يغمس صلاح وجهه في الرمل يرن نقال عادل.
                                                عادل:
-         (يخرج هاتفه النقال، ينظر إلى الرقم) إنه سفيان! ماذا يريد مني الآن!؟ ألم يكفه ما قاله لي البارحة...
صلاح:
-         (ووجه في الرمل) تعرَّف عن ماذا يريد..
عادل:
-         (يفتح الخط ويجعل صوت الهاتف عاليا وهو يقطب كمن يتكلف الغضب)
صوت سفيان:
-         (على عجل صارخا) عادل أين أنت؟؟؟
عادل:
-         (ينظر إلى البحر والبحار) في بحر الخيبة؟
صوت سفيان:
-         أين صلاح؟! لماذا لا يرد علي؟!
صلاح:
-         (يرفع رأسه فإذا وجهه مغطى بالرمل، ينفخ ما بين شفتيه ويقرب وجهه من النقال وهو في يد عادل) سفيان؟!...
صوت سفيان:
-         (مرعوبا) صلاح؟! ما به صوتك..؟!
صلاح:
-         (ينفخ التراب عن شفتيه) لا شيء..
صوت سفيان:
-         (يهدأ) إنني أكاد أموت غيظا... الشيخ عمر والشيخ حسين يتجولان أمام عينيا في السوق ولا أستطيع أن أجمعهما في فيلمي...
صلاح:
-         (وقد ضرب وجهه ليميط عنه الرمل وكأنه يريد أن ينتبه بعد نوم) وهل لا يزالان هناك..
صوت سفيان:
-         (باستغراب) أعتقد...!
صلاح:
-         (ينهض ومستعجلا) سفيان.. اسمعني جيدا، ارفع عنك معلقات الأفلام الخليعة التي في محلك واستدع الشيخ عمر عندك لشرب الشاي، أعرف أنه لن يمانع، واطلب من جارك الأستاذ مرتضى أن يفعل مثلك مع الشيخ حسين وسوف آتي مع عادل ونفعل اللازم...
سفيان:
-         (مستغربا) أي لازم؟!
صلاح:
-  سوف آتي وأقول لك... (يغلق الخط، ينهض، يمد النقال إلى عادل) هيا أسرع...
عادل:
-         (متحمسا) تظن أنهما سيقبلان؟
صلاح:
-         سوف نرى...
8-   خارجي/ سيارة صلاح/ نهار
صلاح، عادل
نرى صلاح يقود سيارته الصغيرة وإلى جانبه عادل وعلى السيارة نرى البساط العجمي والجدارية ملفوفين وكذلك الكرسيين.
9-   خارجي/ السوق/ نهار
سفيان، مرتضى، عادل، صلاح، الطفل ذو الـ14 سنة والشاب ذو الـ16 سنة، الشيخ عمر، الشيخ حسين
يغادر سفيان محله صحبة الشيخ عمر، ويغادر مرتضى محله صحبة الشيخ حسين ويمشي كل منهما في اتجاه الآخر، عندما يلتقيان يقوم سفيان بتقديم الشيخ عمر للشيخ حسين
                                                سفيان:
-         شيخ عمر... هذا الشيخ حسين، لابد أنك تعرفه
الشيخ حسين:
-         للأسف آخر مرة التقينا فيها كانت مناسبة غير جيدة..
الشيخ عمر:
-         لقد أوقع بنا ذلك...
في هذه اللحظة نرى فجأة البساط العجمي يفرش عند أقدام الشيخين وترفع الجدارية وراءهما وقد أمسك بها الفتى والشاب، يوضع الكرسيان ويمسك عادل بالكاميرا ويتدخل صلاح:
                                                صلاح:
-         شيخانا المبجلان هل يمكنكما أن تتصافحا
الشيخ عمر:
-         (ينظر إلى الناس من حوله ومحرجا يقول) طبعا نتصافح... (ويمد يده إلى الشيخ حسين)
الشيخ حسين:
-         (يمسك يد الشيخ عمر الممدودة ثم يعانقه)
صلاح:
-         (مع حركة من يده ليخرجا من المشهد) سفيان.. مرتضى..
يبقى الشيخان وحدهما في المشهد على خلفية الجدارية وتحتها البساط العجمي. وقد انتهيا من العناق يبقيان يمسكان بيدي بعضيهما ويتحدثان.
من تحت الجدارية يمد طفلان صغيران رأسيهما ينظران ماذا يحدث فيشير عادل الذي يمسك الكاميرا إلى صلاح أن يتدخل ويبعدهما، هذا الأخير عوضا عن ذلك يطلب من سفيان ومرتضى أن يرجعا إلى "البلاتو"، كما يطلب من بعض الناس الحاضرين أن يدخلوا هم أيضا فيمتلئ "البلاتو" بشبان يلبسون الأسود يقبلون الشيخ عمر وآخرين بألوان أخرى يقبلون الشيخ حسين ثم يتعانق الجميع...
10-                      داخلي/ قاعة كبيرة في بيت/ ليلا
عادل، صلاح، أبو صلاح، أم صلاح، الطفل ذو الـ14 سنة، الشاب ذو الـ16 سنة، الأخت الكبرى 20 سنة، الأخت الصغرى 12 سنة.
في هذا المشهد نكتشف أن صلاح وعادل شقيقين ونرى أسرتهما وهي تصلي جماعة، وهي تأتي بالركعة الأخيرة من صلاة العشاء، ونكتشف أن الأسرة متنوعة مذهبيا، فالأب السني يأم الجميع وهو يقبض والأم الشيعية تسدل، ونرى صلاح يصلي على الطريقة الشيعية وعادل يصلي على الطريقة السنية. وينقسم باقي الأبناء بين شيعي وسني.
عندما يسلم الوالد معلنا انتهاء الصلاة، يصافحه الأبناء ثم يقومون فيصافحون أمهم ويقبلون يدها. بعدها يستلقي كل من صلاح وعادل على ظهريهما ويضعان رأسيهما في حجر أمهما، فتمسح عليهما. عندئذ يتكلم عادل:
                                                عادل:
-         أمي من تحب أكثر؟ أنا أم صلاح؟
الأم:
-         (تبتسم بحب) كلكم أبنائي..
عادل:
-         (مصرا) ربما لأنه شيعي تحبينه أكثر مني..
الأم:
-         قلت لا فرق كلكم أبنائي... (ثم بعد أن تبتسم) ربما أحبه شعرة أكثر لأنه الأكبر...
الأب:
-         (يتكلم من بعيد سعيدا) ولأنه أحن على إخوته...
الأخت الكبرى السنية:
-         (تبتسم وتحرك رأسها موافقة وهي تنظر إلى عادل).
انتهى
جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
© mohsenhedili2@gmail.com

تعليقات