1-
خارجي/ نهار/ عند جدار
شيخ مسن )قد تجاوز الثمانين(، صبي (في الحادية عشر)
يجلس الشيخ على كرسي ويجلس الطفل بجانبه
القرفصاء وظهره إلى الجدار. ينظر الاثنان أمامهما ونسمع صوت أمواج البحر وأحيانا
صوت سيارات تمر. أي أن بين البحر والشيخ والطفل طريق ثانوي تمر منه السيارات.
الشيخ:
-
(ينظر أمامه متأملا)
الطفل:
-
(يمسك في يده قلما
وكراسا وكأنه يستعد للكتابة، ثم وكأنه يستجوب جده) جدي... لماذا تحب أن تنظر إلى
البحر...
الشيخ:
-
(ينظر أمامه صامتا
ويبدو أنه تأثر بكلام حفيده)
الطفل:
-
جدي... لماذا تطلب من
أمي دائما أن تجلسك هنا... ماذا عندك في البحر؟!
الشيخ:
-
(متأثر ولكن لا يرد)
الطفل:
-
جدي... ماذا تحب أكثر،
اليابسة أم البحر...؟
الجد:
-
(متأثر ولكن لا ينبس
بكلمة)
الطفل:
-
أين كنت تحس بالسعادة
أكثر، عندما تكون على اليابسة أم عندما تكون في البحر؟
الشيخ:
-
(ينظر أمامه متأثر ولكن
لا ينبس بكلمة)
الطفل:
-
(وهو يمسك قلمه ويريد
أن يكتب شيئا) إلى من تحن أكثر؟ هل تحن أكثر إلى البحر عندما تكون في اليابسة أم
تحن أكثر إلى اليابسة عندما تكون في البحر؟!
الجد:
-
(ينظر أمامه متأثر ولكن
لا ينبس بكلمة)
الطفل:
-
جدي لابد أن تجيبني على
أسألتي إنه واجب مدرسي...
الشيخ:
-
(ينظر أمامه متأثر ولكن
لا ينبس بكلمة)
الطفل:
-
طيب لا تريد أن تجيبني
على الأسئلة... هل يمكنك أن تروي لي أغرب ما عشته في البحر...؟
الشيخ:
-
(هنا نرى الجد يتململ
ويحاول أن يرد على حفيده ولو بكلمة، وأثناء هذا نرى قدرة أداء الممثل حيث يمضي من
حال عدم الرغبة في الحديث إلى حال الاستعداد للكلام)
الطفل:
-
أعرف أن لك حكاية غريبة
حدثت لك مع البحر... لقد رويتها لي عدة مرات... أريدك أن ترويها لي مرة أخرى حتى
أسجلها عندي في الدفتر وأقرأها لأصحابي في الصف...
الشيخ:
-
(يقرر أن يتكلم) لقد
رويتها لك وأنت تعرفها جيدا...
الطفل:
-
أريدك أن ترويها لي مرة
أخرى لأكتبها... لا تتعجل في السرد... حاول أن تمليها علي... من فضلك جدي... أنت تعرف
أني أحبك أكثر من كل أحد... هكذا أنت تقول لي دائما... وتقول لي أنك تحبني أكثر من
أمي... هل هذا صحيح؟!
الشيخ:
-
(وقد انطلق وجهه) هل
تريد أن أحدثك عن حكاية البحر أم عن حبك وحب أمك؟!
الطفل:
-
عن البحر أولا لأنه
واجب مدرسي...
الشيخ:
-
(مستبشر) أنت تعرف أن
أغرب ما حدث لي في البحر هو أني أشرفت فيه مرة على الهلاك المحقق... لقد تعمقنا في
البحر واصطدنا سمكا كثيرا جدا، إنني لم أصطد سمكا في حياتي مثل ذلك اليوم، ولقد
سعدنا به كثيرا ولكن خفنا منه على السفينة، وعندما هب الريح فكرنا أن نرمي شطره في
البحر كي لا نغرق، كنا أربعة صيادين اثنان منا لم يوافقا، قالا: لم نعد بعيدين عن
الشاطئ والعاصفة ليست بالعنيفة جدا. وفجأة ضربت إحدى الأمواج العظيمة في وسطنا
ونحن على سطح السفينة ففرقتنا. كنت والماء يجرفني أسأل الله النجاة... وتمتمت بيني
وبين نفسي: "يا رب لو أنجيتني من هذه لأعطين نصف ما أجني من كل صيد أصيده إلى
الفقراء، وذلك حتى أموت..."
الطفل:
-
وهل نجيت يا جدي؟!
الشيخ:
-
(يبتسم لأول مرة في
الفيلم ابتسامة حلوة ثم يقول) بما أنني أحدثك الآن...!
الطفل:
-
جدي وماذا عن نذرك، هل
أديته؟
الشيخ:
-
(من تلك الابتسامة
الحلوة إلى الحزن إلى الدموع في الحدقتين، مشهد على وجه الممثل يعرض لنا فيه أداءه
الجميل وعمق تعابير وجهه)
الطفل:
-
(وهو يمسك قلمه وينتظر
من جده أن يتكلم كي يواصل كتابته) جدي لم تقل! هل أديت نذرك؟
الشيخ:
-
(يبدأ بالبكاء مع صوت
خفيف)
الطفل:
-
(يقترب من جده يتأمل وجهه
من قريب ومتعجبا يقول) هل تبكي يا جدي؟!
الشيخ:
-
(يبدأ يبكي بصوت قد
ارتفع قليلا)
الطفل:
-
(مستغربا) جدي إنك
تبكي... (ينهض ويختفي وهو يقول) أمي... أمي... إن جدي يبكي
الشيخ:
-
(يبكي وهو ينظر أمامه، إلى
البحر الذي نسمع صوت أمواجه، ثم نرى دموعه تسقط على خديه)
هنا يتحول المشهد إلى لوحة سوداء
ويبدأ الجينيريك في الظهور، وإذا بنا نسمع صوت امرأة وهي البنت:
البنت
(أم الطفل)
-
أبي هل تبكي؟!(صمت) هل تريد
أن تدخل إلى البيت أم تريد أن تبقى هنا؟ (صمت) تريد أن تدخل؟ (صمت) تريد أن تبقى؟
(صمت) طيب، هل يمكنني أن أمسح دموعك يا أبي؟ (صمت) سوف أجيئك بالمحرمة...
الموسيقى (انتهت)
© جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن
الهذيلي
mohsenhedili2@gmail.com
جميل صديقي محسن كتابتك جميعها رائعة تستحق
ردحذفمشكور صديقي العزيز أنور :)
ردحذف