نصيحة إلى صديق حميم 5



بقلم: محسن الهذيلي
أحب يا صديقي أن أحدثك هذه المرة عن علم ربما لم يطلع عليه كثير من الناس، وهو علم جديد من مواليد الألفية الجديدة ويسمى "البيوفيليا".
وقد اطلعت على هذا العلم لعلاقته بالعمارة التي هي اختصاصي كما تعلم. ولكن اعلم يا صديقي أن فائدته لا تختصر عليها.
وفحوى هذا العلم أن حضور النبات في محيط الإنسان وأماكن حياته، تعطيه سعادة واطمئنانا يؤثران على حالته الصحية، النفسية والجسمية، وبالتالي على نظامه المناعي.
وقد أجرى بعض علماء هذا العلم تجارب على مرضى جعلوا في غرفهم نباتات وأشجار، وآخرين لم يجعلوا في غرفهم شيئا؛ فلاحظوا أن أصحاب الغرف المشجرة أو التي تطل على حدائق، تعافوا من نفس المرض قبل أولئك الذين ﻻ أشجار في غرفهم، وذلك ببضعة أيام.
في تجربة ثانية، ﻻحظوا أن أصحاب الغرف التي بها أشجار أو تطل على حديقة أشجار قد توقفوا عن أخذ المسكنات قبل الآخرين بأيام عديدة.
واعلم يا صديقي أن الله عندما خلق الإنسان خلقه من تراب أي من هذه الأرض التي أنبت له فيها من شتى الأشجار ورزقه منها شتى الثمار.
ثم ﻻ تنس أن الأشجار تنادي دائما إلى العصافير أن هلمي فغني. وهو ما يزيد الجو فرحة وسلاما.
وقد حدثت لي، أي صديقي، عدة تجارب مع هذه البيئة الخضراء التي صنعها الله لنا كي يفرحنا بها. لقد كنت محظوظا وزرت غابات عديدة ومختلفة وقد كان الله سبحانه يلهمني فيها كل مرة بذكره، وقد لاحظت أن لا ذكر أجمل ولا ألطف ولا أكمل ولا أكثر تأثيرا على النفس والروح من ذلك الذكر الذي ذكرته وأنا في تلك الغابات وبين أشجارها. ولم أجد أفضل منها إﻻ ذكرا ذكرته في نفس تلك الأماكن  ولكن في جماعة أي مع شخص واحد أو عدة أشخاص.
لذا أدعوك يا صديقي أن تتحرى ما أمكنك، في هذه الأيام العصيبة، البعد عن الشاشات  بمختلف أنواعها، وأن تكون وسط الطبيعة والأشجار مصاحبا لها ولكائناتها الطاهرة، وأن تذكر الله عندها وحدك وفي جماعة، وسيطيل الله عمرك بإذنه ويبعد عنك الأذى. ويجعلك من السعداء.

تعليقات