نصيحة إلى صديق حميم 6



بقلم: محسن الهذيلي
إن "بسم الله الرحمن الرحيم" التي نبدأ بها أعمالنا، مهما كانت صغيرة، تذكرنا دائما برحمة الله الواسعة. ورحمة الله يا صديقي ﻻ تختصر على الأشياء الحسنة فقط بل تمتد إلى الأشياء التي تبدو لنا من أول وهلة سيئة أو سلبية. ولنا مثال على ذلك هذه الأيام فيروس كورونا.
وربما تسألني يا صديقي العزيز: أين وجه الحسن والإيجابية والرحمة في هذا الفيروس القاتل؟
أعتقد أن أرحم ما في هذا الفيروس القاتل كما قلت أنه يذكرنا بالموت وبالتالي بالآخرة وهي نهايتنا المحتومة التي نغفل عنها دائما، وخاصة في هذا الزمان الذي تطور فيه العلم والطب في ظل نظرة مادية إلى الحياة أنست الإنسان نهايته التي لابد منها والتي عليه أن يفكر فيها ويستعد لها.
ثم إن هذه السلبية في كورونا وغيرها مما يكدر علينا حياتنا، أﻻ ترى أنه يتناقض تماما مع ما تصبو إليه نفوسنا من حياة أبدية ﻻ منغصات فيها؟ وهي حياة الجنة بالطبع والتي تستحيل في هذه الحياة الدنيا.
فكورونا يا صديقي مثلها مثل كل سلبيات الحياة الدنيا تذكرنا أن هذه الأخيرة ليست الحياة التي خلقنا الله من أجلها. لذا علينا أن ﻻ نفرح فيها ونزهو بأنفسنا، أوﻻ لأن أحزانها تختتم أفراحها دائما وثانيا لأنها منتهية ﻻ محالة وأرواحنا تطلب الخلود.
وبهذه المناسبة أدعوك يا صديقي العزيز أن تكثر هذه الأيام وفي كل الأيام من قراءة القرآن الكريم وذلك ليس لأنك تؤجر عليه وهو مؤكد وإنما لترى وتحصي كم ذكرنا الله فيه بحقيقة الموت والبعث والقيامة ثم الجنة أو النار. إن ذكر هذه القضايا في القرآن الكريم واسع ومتكرر بحيث يبدو لغير الواعي بالخطاب القرآني أنه منغص ومشوش علينا حياتنا. ولكن القرآن جاء للدنيا وهو يعكس حقيقتها المحدودة والمحفوفة بالسلبيات والمنغصات وأنها تختتم دائما بالموت.
فهل نتعلم يا صديقي من كورونا الجديد، هذا المنذر بالموت، أن نهايتنا على هذه الأرض وشيكة مهما بدت لنا طويلة، وأن علينا أن نبدأ بالاستعداد للآخرة؛ تلك الحياة الأبدية التي أعدها الله للمؤمنين وجعلها بلا بلاءات أو منغصات وإنما متع وسلام ونفوس من نور وقلوب بلا غل وكل ذلك في جنات أكلها دائم وتجري من تحتها الأنهار..

تعليقات