بقلم: محسن الهذيلي
1- غرفة جناح/ داخلي/
نهار
الجدة (في أواخر
السبعينيات من العمر)، الحفيدة (11 سنة)
يبلغ طول الغرفة 9 أمتار تقريبا وعرضها 5
أمتار. ويوجد على يمينها فراش لشخصين أما على اليسار فقاعة جلوس كبيرة بها أرائك
وسيعة تزينها نافذة تطل على حديقة البيت. في الوسط هناك جلسة صغيرة تطل من خلال
ثلاث نوافذ على ذات الحديقة المزدانة بأشجار وارفة الظلال ملتقى العصافير المنشدة
والسعيدة. مقابلها بالضبط يوجد مدخل الجناح أو الغرفة. ويتكون المدخل من بهو صغير.
على يمينه عند الدخول إليه يوجد باب يفتح على فضاء الحمام الواسع، أما على اليسار فهناك
باب مطبخ صغير يمكن أن يستعمل لإعداد بعض الأكلات الخفيفة والقهوة والشاي.
تجلس الجدة وحدها في المجلس الصغير
الوسطاني ثابتة لا تتحرك تقريبا تستمع إلى إنشاد العصافير. بينما تجلس الحفيدة
وحدها في المجلس الكبير على اليسار. تنهمك الحفيدة في القيام ببعض واجباتها المدرسية
وقد استوعبها ذلك بحيث إنها لم تلاحظ نظر جدتها المنصب عليها منذ وقت طويل تتأملها
بحب وعطف كبيرين.
يطرق الباب، فتنهض الفتاة مسرعة وكأنها لم
تكن منقطعة تماما في عالم مذاكراتها المدرسية، تفتح الباب وتتسلم طبقا كبيرا عليه
أنواع من الطعام والفواكه. تضعه على طاولة في المجلس الذي كانت فيه ثم تمضي إلى الحمام
تغسل يديها ثم إلى المطبخ الصغير تأتي بأطباق صغيرة ومعالق، تغرف الأكل لجدتها،
تأخذه إليها في طبق خاص، ثم تأخذ سهمها من الطعام وتبدأ تأكل.
الجدة:
-
(وهي تنهض وتمضي لتغسل يديها في الحمام) لم أتعود على الأكل وحدي
هكذا... وليس لهذا طلبت صحبتك...
الحفيدة:
-
(تنتظر جدتها حتى ترجع ثم تقول) جدتي، قلت لك إنه من الأفضل أن أتعامل
معك وكأنني مصابة بالفيروس. فلكل واحد منا مكانه من الغرفة ولكل واحد منا فراشه
ولك أوانيك للطعام ولي أواني.
الجدة:
-
(تستعيد مكانها من المجلس الوسطاني وتبدأ تأكل) ألا ترى أن في ذلك
مبالغة كبيرة، كيف يمكن لهذا الفيروس أن يدخل بيني وبينك ونحن نعيش وحدنا في هذه الغرفة لأكثر من أسبوعين
الآن...
الحفيدة:
-
جدتي ألا تعلمين أنني أنفذ أوامر والدي ووالدتي...
الجدة:
-
(حزينة وقد ملأت الدموع عينيها) لم أعد قادرة على رؤيتهما والجلوس
معهما، يسلمان ويسألاني عني من خلال الباب. إنه السجن... (تنظر إلى حفيدتها وهي
تأكل صامتة فتقول) ولكنني أحب في هذا السجن سجاني اللطيف والخدوم...
الحفيدة:
-
(بنبرة حب) جدتي هل تعتقدين فعلا أنني سجانتك؟!
الجدة:
-
(سعيدة باستئنافها الحديث مع حفيدتها) أحلى سجانة...
الحفيدة:
-
(مبتسمة) أنا أحس كما في بعض الروايات أنك شخص مهم جدا جدا وأن لك
حماية شخصية تحميك حتى في غرفة نومك... وأنني أنا هذه الحماية الشخصية لك...
الجدة:
-
وأي رواية هذه التي قرأتها؟!
الحفيدة:
-
في الحقيقة هي ليست رواية وإنما كتابا مصورا قرأه أخي حمد وأخبرني به.
وهو عن رجل ثري جدا ولكنه شرير وجبان ويخاف من الناس أن يهجموا عليه لأنه كان
ظالما أيضا، فكانت حمايته الشخصية تعيش معه تقريبا. وفي الأخير ينتبه إلى أنه لم
يكن سعيدا فهو ليس حرا أبدا رغم ثروته الكبيرة وليست له أي حياة خاصة...
الجدة:
-
أما أنا فسعيدة جدا بوجودك معي يا أحلى حماية شخصية...
الحفيدة:
-
(تصمت وتبدو أنها تفكر في شيء ثم تقول على استحياء) جدتي... عندي
سؤال...
الجدة:
-
(سعيدة) اسأليه...
الحفيدة:
-
إنه سؤال فكرت فيه طويلا، وسألته كثيرا لنفسي والآن أحب أسأله لك...
الجدة:
-
تفضلي يا عزيزتي سأجيبك عليه بكل حب...
الحفيدة:
-
ما الذي يجعل شخصا يحب شخصا آخر حبا كبيرا جدا مثل حب والدي لك...
أعرف أنك أمه وأنه ابنك ولكنني أجد رغم ذلك أنه حب غير عادي... لقد قرأت في كتاب،
وهذا الكتاب قرأته بنفسي ولم يقرأه عني أخي حمد، أن الآباء يحبون الأبناء أكثر مما
يحب الأبناء الآباء إلا إنني لاحظت أن هذا القانون لا ينطبق على أبي...
الجدة:
-
وهل تظنين أن أباك يحبني أكثر مما يحبك؟!
الحفيدة:
-
هذا مؤكد...
الجدة:
-
أنت صغيرة يا ابنتي ولم تصبحي أما بعد وعندما تتزوجين بإذن الله
وتنجبين أبناء ستعرفين أن حب الآباء لأبنائهم لا يقارن بأي حب آخر...
الحفيدة:
-
جدتي ولكنك لم تجيبيني على سؤالي؟!
الجدة:
-
وأي سؤال؟!
الحفيدة:
-
عن حب والدي الكبير جدا لك...
الجدة:
-
(مبتسمة وسعيدة) ربما بسبب أنني أمه وأني أحبه كثيرا جدا وأحب أبناءه
وخاصة الوسطى منهم، عزيزتي مريم...
الحفيدة:
-
غير كاف... جوابك جدتي غير كاف...
الجدة:
-
ربما لأن هناك سرا...
الحفيدة:
-
(مستبشرة وسعيدة) نعم هذا ما أريده منك... الأسرار...
الجدة:
-
(سعيدة بحفيدتها) وأنت هل تحبين الأسرار؟!
الحفيدة:
-
ليس من أي أحد، أخي منتصر أسراره باردة، أو هو يعتقد أن لديه أسرارا
ولكن في الحقيقة لا أسرار له، بينما أنت جدتي دائما عندك شيئا تخفينه، مالا
تخرجينه لي ولا أعرف من أين جئت به، أو حكاية جديدة جدا لم تروها لي أبدا، وأحيانا
تخرجي لي بعض الأسرار التي لا يعرفها غيرك وأحبها عندما تتعلق بوالدي ووالدتي...
الجدة:
-
وهل تحبين والدك ووالدتك؟
الحفيدة:
-
كثيرا يا جدتي كثيرا جدا وأحبك أيضا يا جدتي أحبك كثيرا جدا...
الجدة:
-
ولماذا تحبينني كثيرا جدا؟!
الحفيدة:
-
لأن والدي يحبك كثيرا جدا جدا وأمي تحبك كثيرا جدا جدا... لقد تربيت
معهم على حبي لك لذا كبرت فوجدت نفسي أحبك كثيرا جدا جدا... أحيانا أظن أني ولدت
بحبي لك يا جدتي... لابد بسبب أن حب أبي وأمي لك قديم جدا وسبق ولادتي...
الجدة:
-
اعلمي يا بنيتي أن هذا الحب مثل شجرة نزرعها مع بعضنا ونعتني بها
وعندما تكبر وتكبر تظلنا جميعا...
الحفيدة:
-
ما أجمل هذه الصورة يا جدتي... هل تعلمين أني أحب حديثك جدا جدا وأحب
أسرارك أيضا...
الجدة:
-
ولكن أنت تعرفين يا مريم أن الأسرار لابد أن تبقى أسرارا...
الحفيدة:
-
(مستبشرة) أعرف يا جدتي لا تقلقي من هذه الناحية... الأسرار نسمعها
ولا نقولها... أليس كذلك؟
الجدة:
-
حتى إلى أقرب الناس إلينا مثل والدتك...
الحفيدة:
-
(وتبدو كالواثقة من نفسها) اطمئني يا جدتي لن أقول لها شيئا حتى وإن
سألتني...
الجدة:
-
حتى وإن ألحت عليك بالسؤال، لأن الخطر هو في الالحاح بالسؤال وإفهامك
أن علمها بهذا السر أو ذاك هو مسألة حياة أو موت فتشفقي عليها وتخبريها بأسرارنا.
الحفيدة:
-
جدتي اطمئني على سرك فلن أبوح به لأحد وأمي نادرا ما تلح في السؤال...
الجدة:
-
أنا أثق بك دائما لذا أحكي لك بين الحين والآخر بعض أسراري، فأنا كبرت
الآن وقرب أجلي ولابد لأحد أن يرثني أسراري ولن أجد أفضل من حفيدتي الغالية
مريم...
الحفيدة:
-
جدتي هل أنا غالية عليك جدا؟ إن كان كذلك فقولي لي إذن ما سر حب والدي
الكبير لك؟ (ودون أن تشعر تقول) حتى أمي تريد أن تعرف...
الجدة:
-
(ضاحكة) وما دخل هواجس أمك في أسرارنا يا مريم...؟!
الحفيدة:
-
لم أقصد يا جدتي وأمي لم تسألني عن شيء في الحقيقة ولكنني سمعتها مرة
تقول إن حب أبيكم لجدتكم لم أره ولا حتى سمعت به في حياتي...
الجدة:
-
لهذا الحب يا ابنتي عدة أسباب...
الحفيدة:
-
ولكنني يا جدتي لا أريد أسبابا، لأن الأسباب يا جدتي باردة... أريد
أسرارا كما قلت لك لأني أحس أن الأسرار فيها دفئ... وأحيانا أفسر ذلك بكونها مخبأة
في القلوب. والقلوب، كما قرأنا في المدرسة، في حركة دؤوبة لا تتوقف. فهي التي تضخ
الدم في كامل الجسم...
الجدة:
-
طيب، اطمئني، سأقول أسرارا وليس أسبابا. أما بالنسبة للسر الأول فيتعلق
بجدك...
الحفيدة:
-
جدي الذي نجده في الصورة المعلقة في الخارج في قاعة الجلوس الكبيرة؟!
-
إن تلك الصورة تعبر عن جزء مهم من شخصيته...
الحفيدة:
-
فارس ممتطئ جواده يحمل في يد سيفا وفي الأخرى بندقية ؟
الجدة:
-
بالضبط... لقد كان جدك أقوى فرسان قبيلتنا وإخوتي كانوا كثرا تسعة
وكانوا أقوياء جدا ولكن ليس أقوى من جدك... وعندما تزوجت اكتشفت أنه قوي جدا جدا
ولكن كان عنيفا معي أيضا
الحفيدة:
-
وما تقصد أنه كان عنيفا معك يا جدتي؟!
الجدة:
-
أعني أنه كان عنيفا جدا مع كل شيء يحيط به...
الحفيدة:
-
ولكن ليس شيئا يا جدتي...
الجدة:
-
مشكلة جدك أنه كان يعتبرني شيئا وكان يتعامل معي مثل كل شيء بعنف
كبير...
الحفيدة:
-
بعنف كبير؟!!!
الجدة:
-
لذا شكوته إلى أبي وإخوتي...
الحفيدة:
-
ولماذا يا جدتي؟!
الجدة:
-
كي أطلق منه وأنجو بنفسي ولأتزوج أيضا بغيره، فجدتك في ذلك الوقت لم
تكن كما هي الآن، لقد كانت آتية في الجمال وكتبت فيها الأشعار...
الحفيدة:
-
ولكنك لم تطلقي يا جدتي، أليس كذلك؟
الجدة:
-
كان ذلك بسبب أبيك وحده، لم أشأ أن يعيش يتيما... بلا أم أو بلا أب.
وعندما كبر انتبه إلى عنف أبيه وصبري الجميل عليه، فكان دائما ما يسألني، مثلك
هكذا، "كيف يمكنك أن تصبري على أبي هكذا يا أمي؟" فأقول له: "لا
يصبرنا على البلاء إلا الحب، فحبي لك يجعلني صابرة". وهكذا يا ابنتي تبدأ
زراعة شجرة الحب، هل تذكرين المثال الذي ضربته لك.
الحفيدة:
-
طبعا أذكره وقلت لك إنه مثال جميل جدا...
الجدة:
-
وحتى بين الابن وأمه ينبني الحب على العمل والعطاء والتضحية، وبدونها
يجيء باهتا لا طعم ولا رائحة له...
الحفيدة:
-
أنت صبورة إذن يا جدتي...
الجدة:
-
صبورة من أجل حبي ابني ومصلحته لذا أحبني أبوك...
الحفيدة:
-
جدتي أذكرك أنك قلت لي إنها عدة أسرار... هذا سر واحد منها فما هي
بقية الأسرار؟
الجدة:
-
(مازحة) في الحقيقة لم أقل أسرارا وإنما قلت أسبابا...
الحفيدة:
-
جدتي ولكنني قلت لك إنني أحبذ كلمة أسرار عن كلمة أسباب ثم إن أسبابك
بالنسبة لي أسرارا يكتنفها كثير من دفئ الحياة...
الجدة:
-
(سعيدة وفرحة) طيب طيب... سوف أقول أسرارا... السر الثاني هو أم
جدك...
الحفيدة:
-
(مستبشرة بالسر الجديد) وما بها أم جدي... إنني لا أعرفها جيدا رغم أني
سمعت والدي يقول عنها إنها شيخته... أخبريني يا جدتي كيف كانت؟
الجدة:
-
كانت امرأة قوية لم أرى أقوى منها في حياتي...
الحفيدة:
-
حتى هي يا جدتي؟! ومن كان أقوى جدي أم جدة أبي؟
الجدة:
-
كانت أقوى حتى من جدك الذي يخشاه كل الرجال ويرتعدون حتى من سماع
اسمه.
الحفيدة:
-
ولكن ليست لنا صورة لها، وهل تمتطي هي أيضا جوادا وتحمل سيفا وبندقية؟!
الجدة:
-
على العكس من ذلك، فلم تكن تغادر غرفتها، وكان كل شيء يأتيها عند يدها
بما في ذلك جدك...
الحفيدة:
-
وبماذا هي قوية إذن؟!
الجدة:
-
إنه سر... لعله سر رباني...
الحفيدة:
-
وما معنى رباني يا جدتي؟!
الجدة:
-
أي إنه سر يودعه الله في بعض خلقه...
الحفيدة:
-
وكيف كانت جدة أبي يا جدتي؟
الجدة:
-
امرأة عادية جدا يا ابنتي... ولكنها قوية جدا جدا جدا...
الحفيدة:
-
وبماذا هي قوية إذن؟!
الجدة:
-
بشيء عندها، قلت لك، أعطاه الله إياه...
الحفيدة:
-
جدتي هل يمكنك أن تصفيها لي...
الجدة:
-
قلت لك إنها لا تغادر غرفتها أبدا، تخرج منها عندما ينام كل الناس
وذلك بعد نصف الليل، تذهب إلى الحمام، تتوضأ وتبدأ تصلي، ثم تقضي باقي اليوم في
غرفتها لا تغادرها أبدا.
الحفيدة:
-
ألا تأكل أو تشرب؟!
الجدة:
-
بلى... يأتيه الخدم بالأكل حتى يدها... ولكنها لم تكن تأكل في الحقيقة
كثيرا، كانت أغلب أيامها صائمة...
الحفيدة:
-
جدتي وهل تفعل معك كما تفعلين أنت معي؟ هل تناديك كي تبقي معها كما فعلت
أنت معي هذه الأيام؟!
الجدة:
-
هذا من أسرار قوتها، هي لا تنادي أحدا أبدا بما في ذلك الخادمات في
بيتها...
الحفيدة:
-
وماذا عن ابنها، أقصد جدي، هل تناديه؟
الجدة:
-
إن لم يأتها وحده لا تناديه أبدا، حتى وإن سمعت بصوته في البيت. ولكنه
كان يذهب إليها كلما جاء من غزواته...
الحفيدة:
-
وماذا يحدث بينهما؟!
الجدة:
-
يدور بينهما دائما نفس الحديث
الحفيدة:
-
وما ذاك؟
الجدة:
-
تطلب منه أن يتصدق بنصف ما عنده...
الحفيدة:
-
وهل كان يستجيب لها؟! وبماذا كان يرد؟!
الجدة:
-
يناقشها قليلا...
الحفيدة:
-
وماذا تقول له؟!
الجدة:
-
لا تقول شيئا غير ما قلت لك...
الحفيدة:
-
جدتي وهل كنت تذهبين إليها بنفسك؟ بما إنها لم تكن تنادي أحدا...
الجدة:
-
طبعا... كثيرا جدا...
الحفيدة:
-
وماذا كانت تقول لك؟!
الجدة:
-
تسألني: "هل أساء إليك زوجك بشيء؟!"
الحفيدة:
-
وماذا تقولين لها؟
الجدة:
-
في البداية كنت أشكوه إليها طبعا...
الحفيدة:
-
وبعد ذلك؟!
الجدة:
-
لم أعد أفعل...
الحفيدة:
-
لماذا؟!
الجدة:
-
لأنني قلت لك إنها لم تكن تكلم ابنها إلا بكلمة واحدة: تطلب منه أن
يتصدق بنصف ما عنده.
الحفيدة:
-
وهل بقيت تذهبين إلى غرفتها؟
الجدة:
-
طبعا...
الحفيدة:
-
وماذا كنت تصنعين عندها؟!
الجدة:
-
هذا سر آخر...
الحفيدة:
-
هل تقصدين السر الثالث؟
الجدة:
-
احسبي كما تريدين ولكنه سر لابد أن تعلمي به...
الحفيدة:
-
وما هو يا جدتي؟! قلي من فضلك...
الجدة:
-
تخرج لي المال...
الحفيدة:
-
المال؟!
الجدة:
-
نعم... المال الكثير... وتقول لي هذا تصدقي به إنه ليس لنا... ولا
تنبس بعدها بأم شفة حتى أنصرف.
الحفيدة:
-
ولكن يا جدتي ما دخل هذا السر في حب والدي لك؟!
الجدة:
-
(تضحك سعيدة) ألم تفهمي هذه يا حفيدتي الذكية؟!
الحفيدة:
-
(تبدو تفكر أو كأنها تبحث عن شيء قريب لم تجده) آسف جدتي ولكنني لم
أفهمها...
الجدة:
-
(تضحك ثانية) إن العرق الدساس يا ابنتي...
الحفيدة:
-
وماذا يعني ذلك يا جدتي؟!
الجدة:
-
لقد صبرت على جدك يا ابنتي لأنني كنت أنتظر أن يكون ابني إما مثل جدته
غاية في التقوى أو مثل أبيه مطيعا ومحبا لأمه بشكل لا يتصور مثل جدك...
الحفيدة:
-
وكيف كان ابنك يا جدتي؟!
الجدة:
-
(ضاحكة وفي غاية السعادة) ألم تعرفيه؟! إنه أبوك يا مريم... لقد جاء
غاية في التقوى وفي حب أمه...
الحفيدة:
-
(على استحياء) الآن فهمت كل شيء يا جدتي، كم هي مهمة الأسرار يا جدتي،
بقي عندي سؤالا أخيرا يا جدتي... هل يمكنني أن أسأله؟
الجدة:
-
اسأليه يا حبيبتي...
الحفيدة:
-
أحب أن أعرف إن كان أبي يعلم بهذه الأسرار التي أخبرتني بها أم لا؟
الجدة:
-
(ضاحكة وسعيدة) هو يعلم بها، بالتأكيد، وإلا فمن أين يجيئه ذلك الحب
الكبير جدا جدا الذي تتحدثين عنه؟
حينئذ نهضت الحفيدة مريم، سعيدة وباسمة إلى
جدتها، أخذت الصحون من أمامها، وضعتها في طبقها وأخذتها إلى المطبخ.
(تمت)
©جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
mohsenhedili2@gmail.com
تعليقات
إرسال تعليق