قصة للأطفال: عصافير الجنة





بقلم: محسن الهذيلي 

 في إحدى الليالي حضر نادر على القط وهو يصعد تحت جنح الظلام على الشجرة التي أمام بيتهم ويصطاد عصفورا.

لقد سمع كيف أن ذلك القط أدخل بصعوده على الشجرة الرعب على كل العصافير التي كانت تنام عليها فجعلها تصيح ولا تعرف كيف تطير في الظلام.

غضب نادر كثيرا من القط خاصة وقد رآه يمسك بالعصفور وهو يصيح بين فكيه حيا لا يزال.

شكا نادر القط إلى أمه فهي التي تطعمه وتسقيه أثناء النهار؛ أخبرته الأم أنها تعلم بذلك وأن القطط تصطاد العصافير على الشجرة كل ليلة. لأن القطط ترى في الليل بينما لا ترى العصافير في الظلام ولا تعرف أين تذهب.

هذه المعلومة الجديدة على نادر أعجبته وجعلته يغير موقفه من القط ومن العصافير وبات يفكر أن يفعل مثل القط. ويصطاد في الليلة المقبلة العصافير النائمة على الشجرة. وقرر أيضا أن يصطاد عدة عصافير وليس عصفورا واحدا.

لم يخبر نادر أمه بخطته تلك ونام. في منامه رأى جده الذي توفى منذ عام. بدا الجد على أحسن ما يكون ووجده يقطن مكانا جميلا جدا يشبه حديقة كبيرة فيها من شتى أنواع الأشجار المثمرة. 

وتشق تلك الحديقة عدة جداول تنبت على ضفافها حشائش خضراء تعطي ثمارا تشبه الفراولة التي يحبها نادر كثيرا. 

سأل الجد حفيده إن كان سيصطاد العصافير التي تنام على الشجرة، فأجاب نادر بنعم. قال له الجد: "إن اصطدت منها فاحتفظ لي بواحد" 

أكد نادر لجده أنه سيعطيه أول عصفور يصطاده. حينئذ سأله الجد: "هل تعرف ماذا سأفعل بالعصفور؟ قال الحفيد:"صحيح، ماذا ستفعل يا جدي بالعصفور؟"

قال الجد:"سأطلقه من جديد لأن العصفور عندما يكون طائرا في السماء يسبح لله. وسأربح أجر تسبيحه ما دمت أنا الذي أطلقته". 

في الصباح حدث نادر أمه بما رأى في منامه. سعدت الأم كثيرا وقالت له إنها رؤيا مبشرة وهي تأمل أن يكون أبوها من أهل الجنة. 

وأنست الفرحة الأم أن تحدث ابنها بشأن خطته صيد العصافير في الليل. 

عندما خيم الظلام على الوجود خرج نادر خلسة من البيت وصعد على الشجرة الهوينة. وهو في كنف الشجرة اكتشف أنها ملآنة عصافير بلا رؤوس، لأن العصافير عندما تنام تجعل رؤوسها تحت أجنحتها. 

أسند نادر ظهره إلى إحدى الأغصان القوية وبقي يتأمل ذلك العدد الهائل من العصافير النائمة، ثم قرر أن يعدها. كانت بالعشرات بل بالمئات. بعدما عدها مرة ومرتين وأكثر وتأكد تقريبا من عددها، نزل ودخل بيتهم ونام. 

كان يتمنى أن يرى جده في المنام ثانية فيخبره بما جرى، إلا إنه لم يره. 

في الصباح حدث نادر أمه بما جرى معه وقال لها فخورا بنفسه: "كان يمكنني أن أصطادها كلها ولكنني لم أفعل وتركتها ونزلت، وبعد الفجر ومع بزوغ النهار طارت طليقة في السماء، ولقد نويتها كلها لجدي حتى يذهب أجر تسبيحها إليه. 

سعدت الأم بسلوك ابنها وقبلته قبلة كبيرة على جبينه. 

بعد سنة من ذلك رأى نادر جده في المنام مرة أخرى. ووجد أنه قد أمسى في حديقة جديدة أجمل بكثير من الحديقة الأولى، وكان فيها عصافير كثيرة. 

كانت العصافير تأتي إلى نادر وتحط على كتفيه ورأسه فيمسح عليها ويلعب معها ثم تحدث معها فقالت له: "إننا نحن نفس العصافير الذين جئتنا فوجدتنا نائمين فتركتنا ولم ترعبنا مثل ذلك القط الذي لا علم له بالجنة التي يعيش فيها جدك. 

عندما استيقظ في الصباح خرج نادر يجري من بيتهم ونظر إلى السماء والعصافير طليقة تغني فبدأ يسبح بحمد ربه ويدعو لجده بجنة أجمل من التي كان فيها قبل سنة :) 

(تمت)


©جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
mohsenhedili2@gmail.com
©حقوق التصوير محفوظة للمصور نبيل الرواحي

nalrawahi@hotmail.com

تعليقات