سيناريو فيلم قصير: الوردة (كتب على موبايل)


بقلم: محسن الهذيلي 

1-صالة جلوس/داخلي/نهار

إمرأة عجوز

تجلس وحدها على كرسي متحرك تنظر إلى تلفزة مغلقة. 

(نسمع ناقوس باب البيت يرن بشكل متصل لا يتوقف 

نسمع صوت أواني الغسيل ثم خطى متسارعة

يفتح الباب ثم خطى متسارعة ثانية) 

2-مطبخ/داخلي/ نهار 

إمرأة في الثلاثينات من العمر(الأم) طفل في التاسعة(الابن)

-(وهي منشغلة بخلط الطعام على النار) ألم يعلموك في المدرسة كيف تستعمل ناقوس البيت؟

-في المدرسة يركزون على الرياضيات.. أستاذ الرياضيات يريدنا ألا ننام قبل أن نكمل كل التمارين المفروضة.. إنها كثيرة جدا.. أما أستاذ الإسلامية فيدعونا ألا ننام قبل أن نحاسب أنفسنا على كل ما فعلناه طيلة اليوم ثم نحمد الله على أفعالنا الحسنة ونستغفره على السيئة منها.. ولكن هذا يأخذ مني وقتا طويلا بحيث لا يمكنني إكمال تمارين الرياضيات.. وفوق ذلك ما يطلبه أستاذ الإسلامية ليس عليه عدد.. يقول لنا العدد في الآخرة.. (ينظر إلى أمه مستغربا صمتها) أمي لماذا أنت صامتة.. لم لا تقولين رأيك..؟

-ومن هو أستاذ الإسلامية؟

-نفس أستاذ السنة الفائتة الرجل الذي يحب السيد.. (ينظر في اتجاه قاعة الجلوس، يخفت صوته) هل لا زالت جدتي تنتظر لترى خطاب السيد؟ هل تراها صدّقت إننا في عاشوراء لذلك لا نفتح التلفزة..؟ أمي.. وإلى متى سنبقى بلا تلفزة؟ ولماذا لا نخبرها بأن السيد استشهد؟ كل العالم يعلم إلا جدتي! في المدرسة حتى أطفال السنة أولى إبتدائي يعلمون ذلك..

-قلت، نخبرها يوم الدفن..

-ومتى سيكون الدفن

-لن يتأخر..

-ولكنني لا أحب أن نربط بين إخبار جدتي ودفن السيد..

-لماذا؟

-لا أريد للسيد أن يدفن

-ولكن رسول الله دفن وكذلك الإمام علي والإمام الحسين..

-بصراحة لا أحب أن تكون جدتي وحدها لا تعلم بشهادة السيد.. من قال لكم؟ لعلها تفرح بشهادته.. أبي عنده حق في هذا الرأي.. وأنا دائما أحب رأيك يا أمي ولكن هذه المرة أنت تبالغين.. 

-ومن سيقول لها..؟ أنسيت؟إنها لم تعد تسمع..! 

-قلت لك.. نفتح لها التلفزة وهي ستفهم كل شيء

-التلفزة لن تفتح إلا بعد الدفن..

-إذن القضية لا علاقة لها بجدتي والخوف على مشاعرها.. هي مشاعرك أنت وهي لا تسمح لك بفتح التلفزة قبل دفن السيد ولكن ما ذنبي أنا؟

-وما بك أنت؟ 

-أريد التلفزة.. 

-بلا تلفزة أصبحت نتائجك في المدرسة أفضل..

-نتائجي؟ ولكن لا علاقة لنتائجي بالتلفزة والسبب إني أحسست بعد استشهاد السيد إني كبرت وأصبحت مسؤولا.. اليتم يقوي.. هكذا يقول أستاذ الإسلامية لذلك كان رسول الله يتيما..

-أستاذ الإسلامية هذا يقول لكم أشياء كثيرة..

-واليوم سألنا إن كنا نعتذر لأمهاتنا قبل أن ننام؟ سامر قال له إن أمه استشهدت في القصف وهو يريد أن يعتذر لها فقال له اعتذر من أبيك.. لقد نسي الأستاذ أن أبا سامر شهيد وقد أبنه السيد منذ سنوات لذا اعتذر الأستاذ من سامر.. هل تدري كيف يعتذر أستاذ الإسلامية؟ لقد قبل رأس سامر وقال له سامحني.. حسب أستاذ الإسلامية عليّ أن أفعل ذلك معك يوميا فهل تراك تقبلين ذلك ؟ لأنك أحيانا تكونين مشغولة جدا ولا تسمحين حتى لأبي أن يعتذر إليك.. لماذا كان يعتذر إليك البارحة؟!

-نسي حليب أخيك..

-أخي.. هل هو نائم الآن؟ أريد أن أقبله..

-هذا وقت صحوه إن فتح عينيه يمكنك أن تقبله..

-(يستدير ليغادر المطبخ ثم يتوقف فجأة ويبقى ينظر إلى أمه ولا يقول شيئا) 

-(تنتبه إليه فتبتسم له وتسأل) ما بك؟ 

-أحب أن أسألك.. لماذا لا تنجبين دائما؟ 

-لماذا..؟! (مع ابتسامتها من مفاجأة السؤال) 

-حتى تبقي دائما في البيت.. يعجبني عندما أعود من المدرسة وتفتحين لي الباب.. 

(يغادر المطبخ يركض ولا ينتظر جوابها) 

3-صالة الجلوس/داخلي/نهار

الجدة،الحفيد

يمر بصالون الجلوس، ينتبه لوجود الجدة، يتوقف، ينظر إليها مليا، يقترب منها، يقبل رأسها ثم يجثو على ركبتيه أمامها ويقول:

-(همسا) سامحني يا جدتي فأنا لم أقل لك إن السيد قد استشهد.. كانت من أجمل أوقاتي في البيت حين أجلس معك ونستمع لحديثه.. أحيانا تسألينني إن كنت فهمت ما قال؟ وأقول لك نعم فهمت.. كنت أحبك لأنك لم تكوني تسألينني ماذا فهمت.. لأنني أحيانا لم أكن أفهم ورغم ذلك كان يؤثر فيّ حديثه.. (يشير إلى التلفزة بسبابته ويُقرّب وجهه من وجه جدته ويقول) جدتي هل ترين دموعي؟ أنظري جيدا.. إنها من أجل السيد. لقد استشهد وأمي تنتظر دفنه حتى تفتح التلفزة.. هل فهمت يا جدتي؟ ها إنني قلت لك.. 

-الجدة تتأمل حفيدها مليا ثم تحرك رأسها بالإيجاب

يبتسم الصبي لها فرحا.. 

(نسمع صوت رضيع يبكي) ينهض الصبي وقد كان جاثما على ركبتيه ويديه على ركبتي جدته ويجري مغادرا الصالة

نرى دمعة تنزل من عين الجدة

(ثم نسمع صوت الصبي يقول: لقد استيقظ السيد حسن يا أمي)

انتهت

تعليقات