سيناريو فيلم قصير:
"الواتساب" (What’s up)
بقلم: محسن الهذيلي
1-
داخلي/ ممر في بيت/
ليلا (فجر)
الأم
نسمع رفع أذان صلاة الفجر، قليلا
ويفتح باب الغرفة وتظهر سيدة في الخمسين من العمر، تمشي في الممر الطويل ثم تأخذ
سلما تنزل منه إلى أسفل حيث قاعة الجلوس الكبيرة.
2-
داخلي/ قاعة الجلوس/
ليلا (فجر)
الأم
تقطع السيدة قاعة الجلوس الكبيرة
حتى تنتهي إلى ممر.
3-
داخلي/ الممر/ ليلا
(فجر)
الأم
تمشي السيدة في الممر الطويل هو
الآخر حتى تنتهي عند باب غرفة، تطرقه، تنتظر قليلا ثم تفتحه، تتوقف لحظة ثم تترك
الباب مفتوحا وتدخل.
4-
داخلي/ غرفة الابن/
ليلا (فجر)
الأم، الابن ناصر (25 سنة) ، البنت شمسة (23 سنة)
الأم:
-
(تشعل ضوء الغرفة، فنرى
شخصا نائما على الفراش) ناصر، بني، انهض، قم صل في المسجد...
في هذه اللحظة تظهر على باب الغرفة البنت
البنت
شمسة:
-
(وقد بقيت عند الباب،
تقول مخاطبة أمها) لن ينهض لقد عاد منذ قليل..
الأم:
-
(تسحب الغطاء عن وجه
ابنها فنتعرف عليه) لينهض يصلي ثم يرجع ينام...
الابن:
-
(يسحب الغطاء من يد
أمه، يتغطى به ويرجع ينام) لن أنهض...
البنت:
-
إن لم تنهض للصلاة لن أعطك
سيارتي غدا...
الابن:
-
(يقول من تحت الغطاء) سوف
أشتريها هذه الـ(FJ)
البنت:
-
من يشتريها لك؟! سهرك
بالليل ونومك بالنهار؟!
الأم:
-
يا بني، إننا يوم جمعة..
استفتحها بصلاة الفجر في المسجد..
الابن:
-
(يغطي رأسه ويستدير)
5-
داخلي/ غرفة/ ليلا
(فجر)
الأم، البنت
نرى الأم وابنتها واقفتين تصليان جماعة.
6-
خارجي/ فوق جبل يطل على
مدينة مسقط من بعيد/ نهار (وقت الغروب)
الابن ناصر (25 سنة)، الصديق
صالح(27 سنة)
نرى المدينة أمامنا
والشمس الغاربة على اليسار، على أمتار من الشابين تقف سيارة "جيب"
رياضية.
ناصر:
-
ما سبب تعلقك بهذا
المكان؟!
صالح:
-
(مشيرا بيده اليمنى عن
يمينه) من هنا تشرق الشمس (ثم مشيرا بيده اليسرى عن يساره) ومن هنا تغرب.. يومي
الجمعة والسبت أجيئ مرتين، أستقبل الشمس حين تشرق وأودعها حين تغرب...
ناصر:
-
(مغيرا الموضوع وناظرا
إلى مسقط البعيدة تحته) أحبذها بعيدة هكذا مثل لوحة...
صالح:
-
ألا تحب أن تعيش فيها؟!
ناصر:
-
(ينظر خلفه) أخير أن أعيش في سمائها مثل
العصافير..
صالح:
-
(ينظر هو الآخر إلى
المكان خلفه) أنا، لو كان لي بيت هنا لما نزلت إلى مسقط..
ناصر:
-
والشغل؟!
صالح:
-
(كالساخر) أفعل مثلك...
ناصر:
-
(كالساخر هو الآخر) في
البيت يدَّعون أن لديهم نظرية سحرية لمثل حالتي، يقولون إن الصلاة هي الحل، إن أنا
حافظت عليها سوف أتزوج وأشتغل..
صالح:
-
ألم تقل لهم إن نظريتكم
لا تنطبق على صديقي فهو يصلي ويشتغل ولكنه لم يتزوج...
ناصر:
-
فعلا.. لم أسألك من قبل..
لماذا لم تتزوج إلى حد الآن...
صالح:
-
لا توجد العروس.. (ثم يقول
وهو يخرج هاتفا نقالا يشبه "نوت") أو بالأخرى أصبحن كثيرات بحيث يحتار
المرء أيهن يختار.. (ثم ينظر إلى ناصر ويقول) إلى جانب جمال المنظر على مسقط ومشهد
الشروق والغروب، أحب هذا المكان لأنه يبقيني على اتصال بالناس الذين هناك (ويشير
إلى مسقط)
ناصر:
-
(وقد رن محموله يخرجه
وينظر إليه منزعجا ثم يغلقه ويقول) صحيح.. الاتصال لا ينقطع هنا... (وينظر إلى
الأفق متضايقا) وهذه هي السلبية الوحيدة للمكان...
صالح:
-
(بعد أن يفتح على
"الواتساب" يقول مستبشرا) يبدو أنني محظوظ اليوم، أحسنهن روحا على
"الواتساب".. حلمت بأن ألتقيها في هذا المكان.. وها هي جاءتني.. أرجو أن
تكتب علي...
ناصر:
-
ما اسمها؟
صالح:
-
(وهو بصدد الكتاب)
اسمها الحقيقي؟ لا يعلمه إلا الله..
ناصر:
-
بما أنها أحسنهن لماذا
لا تتزوجها...
صالح:
-
أفكر.. ولكنني خائف
منها...
ناصر:
-
(بفضول) لماذا...؟!
صالح:
-
غريبة شيئا ما.. لا
تحدثني إلا في الصلاة ولا تقبل أن ترد على رسائلي إلا إذا حلفت لها أنني على
وضوء... (مبتسما) ها هي تطلب مني أن أتوضئ... (يكتب شيئا بسرعة ثم يضع محموله على
الأرض ويجري إلى السيارة...)
ناصر:
-
(متعجبا) أين أنت
ذاهب..؟!
صالح:
-
لأتوضئ...
ناصر:
-
وأين الماء؟!
صالح:
-
(مبتسما وفرحا) عامل
لها حسابها، أجعل معي الماء في السيارة دائما...
ناصر:
-
(مستغربا) إذن ستتوضئ بحق؟!
صالح:
-
أعرف أنها ستستحلفني...
(ينهي وضوءه بسرعة ويرجع إلى مكانه، يستعيد محموله مبتهجا والماء يتقاطر من وجهه
ولحيته)
ناصر:
-
صالح.. ألا تسمي هذا
حبا..؟!
صالح:
-
إنه ليس حبا فأنا لا
أعرفها جيدا، إنه مجرد فضول أمام شخصية محيرة...
ناصر:
-
محيرة؟! كيف؟
صالح:
-
سوف ترى لن نتحدث إلا
في الصلاة وذكر الله..
ناصر:
-
ألم تجد من تتحدث معه
في الصلاة وذكر الله إلا البنات؟!
صالح:
-
مع هذه الفتاة أطمئن
أكثر مما أطمئن مع إمام مسجدنا...
ناصر:
-
بما أنك تطمئن إليها لماذا..؟!
صالح:
-
(مقاطعا) قلت لك لم
أعرفها بعد كما أنني أخاف من اللاتي تتحدثن كثيرا في الدين.. يمكن أن تكون منقبة..
ناصر:
-
(مقاطعا) وما المشكلة؟
صالح:
-
أكره الانغلاق..
ناصر:
-
ولكنك قلت أن حديثها يعجبك
وروحها حلوة...
صالح:
-
صحيح ولكن.. (يركز على القراءة
ثم يبتسم) تسألني إن كنت صليت الفجر في وقته اليوم.. (يضحك..) قالت إنها حرمت
شقيقها من أخذ سياراتها لأنه لم يشأ النهوض للفجر...
ناصر:
-
(وقد فاجئه بل أرعبه
كلام صديقه) ماذا؟!!!!!... (متفكرا) اسألها ما نوع سيارتها...
صالح:
-
(ساخرا) وماذا يهمني من
نوع سيارتها؟!
ناصر:
-
اسألها وسوف أقول لك...
صالح:
-
طيب (منهمك في الكتابة)
تقول إنها سيارة عادية ولكنها ذات دفع رباعي..
ناصر:
-
اسألها ما نوعها
بالضبط..
صالح:
-
(مستغربا) ما هذا
الاهتمام بنوع السيارة؟! تريدها أن تغضب وتنصرف؟!
ناصر:
-
(منفعلا شيئا ما)
اسألها ثانية.. اسألها..
صالح:
-
(منهمك في الكتابة
والقراءة) تطلب مني أن أخبرها أولا عن نوع سيارتي..
ناصر:
-
(متوترا) أجبها..
أجبها..
صالح:
-
(مستغربا ينظر إلى
صديقه) ما هذا الالحاح؟ ما بك؟! لماذا أنت متعصب؟!
ناصر:
-
(محاولا أن يتمالك
أعصابه) لا شيء.. ماذا كتبت لك..؟؟؟
صالح:
-
(وهو يقرأ يضحك) قالت
أنها لا تحب "الجيب" لأنها غير مريحة..
ناصر:
-
ولكن ما نوع سيارتها..؟؟؟
صالح:
-
اطمئن سوف تجيبنا...
ناصر:
-
هل أجابت...؟
صالح:
-
(وهو يطالع ما كُتب دون
أن يتكلم)
ناصر:
-
(وهو يحاول أن يقرأ مع
صالح) ماذا قالت؟
صالح:
-
(مطمئنا) هذه ليست هي..
أعتقد أنها سوف تنصرف، ليس من عادتها أن تتحدث معي في هذه المواضيع..
ناصر:
-
اسألها إذن إن أردت أن
تخطبها كيف تصل إلى أهلها؟
صالح:
-
(ينظر إلى صديقه
مستغربا) ماذا تقول؟! ما بك؟!
ناصر:
-
(متكلفا الهدوء
والحكمة) بالمواصفات التي تحدثت عنها، بنت مثل هذه أي رجل يحب أن يتزوجها، إن لم
تتزوجها أنت أتزوجها أنا...
صالح:
-
(بهدوء يتأمل صديقه
ويقول) هل أنت على ما يرام اليوم..؟!!!
ناصر:
-
افعل ما أطلبه منك من
أجلي..
صالح:
-
(يتأمل صديقه ويقول
مستفسرا) ناصر.. هل عرفتها؟!
ناصر:
-
(متكلفا التلقائية)
أعرف من؟
صالح:
-
(يطالع ما كتب له) ها
هي كتبت.. تقول إن سيارتها.. "إنفنتي"..
ناصر:
-
(ينظر إلى محمول صديقه
يقرأ الرسالة ثم ينهض وهو يصيح في ذلك المكان الفارغ كالمجنون وكأنه يحاول بالصراخ
أن يفرغ شيئا علق بحلقه)
صالح:
-
(مستغربا، يلحق بصديقه
فيجده يبكي فيهدئه ويسأله) ما بك يا ناصر؟!!!! (يسرع إلى السيارة يأتي بقارورة
الماء ويطلب من صديقه أن يغسل وجهه)
ناصر:
-
(يبكي) لا أعرف ما بي
كدت أجن.. ظننتها أختي.. لقد منعت علي سيارتها الـ(FJ) لأنني لم أنهض لأداء صلاة
الفجر..
صالح:
-
(مفكرا) أختك فعلت معك
هذا؟!
ناصر:
-
كدت أجن يا صديقي..
صالح:
-
(ينظر إلى ناصر مستغربا
ثم يرفع رأسه ينظر إلى الشمس وهي توشك على المغيب وراء الأفق)
7-
خارجي/ فوق الجبل/ (نهار)
عند المغرب
ناصر، صالح
وقد أصبح ناصر كالفاقد لتوازنه،
مسكه صالح وأخذه إلى السيارة ثم ساعده على ركوبها.
8-
خارجي/ طريق الهبوط من
الجبل/ (مغرب، وقد غربت الشمس)
ناصر، صالح
نرى سيارة "الجيب" نازلة
في الطريق الجبلي ونسمع الحوار التالي:
ناصر:
-
(مرهقا) خذني إلى مكان
سيارتي..
صالح:
-
انس السيارة الآن، سوف
أوصلك بنفسي الى البيت... أعرف أنه في الحيل ولكن أين هو بالضبط؟
ناصر:
-
ولكنه بعيد عليك..
صالح:
-
لا تقلق إنها عطلة..
9-
خارجي/ أمام بيت ناصر/
ليلا
صالح، ناصر، الأم، الأخت "شمسة"
نرى السيارة الـ(FJ) متوقفة أمام البيت مع سيارتين
أخريين، تصل سيارة صالح عند باب بيت ناصر، تتوقف، ينزل صالح ويجري يفتح الباب
لناصر، يجعل يده حول رقبته ويمشي به إلى بيتهم، في هذه الأثناء تظهر الأخت والأم
من الباب، ترى الأخت أخاها يساعده صديقه فتجري إليه مرعوبة، تصل عندهما، تمسك يد
شقيقها، تلاحظ أن صالح لازال يمسكه تقول له بكل ثقة:
الأخت:
-
(مشيرة إلى يد صالح) من
فضلك..
صالح:
-
(ينزع يده)
الأخت:
-
(تجعل يد أخيها حول
رقبتها، تمسكه من حزامه بكل قوة وتمشي به)
صالح:
-
(يتأمل حركة الأخت
القوية وتصرفها مع شقيقها فينظر إليها بإكبار ويستحسنها)
10-
داخلي-خارجي/ السيارة (FJ)/
نهار
ناصر، صالح
نجد أن صالح هو الذي يقود السيارة
(FJ) وناصر جالس
بجانبه.
ناصر:
-
ما رأيك في الزواج..؟!
صالح:
-
ماذا تريدني أن أقول فيه
والعروس أختك..؟؟ (يضحك)
ناصر:
-
(يضحك)
صالح:
-
أقول لك كلمة واحدة لا
تضيع وقتك في العزوبية...
ناصر:
-
(يبتسم وقد بدت عليه
علامات السعادة)
صالح:
-
هناك شيء مهم لم أقله
لك... أتذكر تلك العشية في الجبل؟
ناصر:
-
التي...
صالح:
-
(كالساخر) التي كدت تجن
فيها... هل تتذكر الفتاة التي قالت أن سيارتها (إنفينيتي)
ناصر:
-
(يحرك رأسه بالإيجاب
مستغربا)
صالح:
-
في الحقيقة كانت
السيارة (FJ)
وكانت هذه (ويضرب بيده على وسط المقود)
ناصر:
-
(يفتح عينيه متعجبا
ولكن لا ينبس بكلمة)
صالح:
-
ولقد علمت بالأمر زمن
الخطبة ولكنني كتمته عليك، قررت أن لا أقوله لك إلا بعد الزواج، (ضاحكا) قلت لها
لماذا كذبت؟! قالت إنها لم تكن تريد الكذب ولكنها أحست بشيء جعلها تقول غير
الحقيقة، قلت لها: ما ذلك الشيء؟ قالت: لا أعرف...
ناصر:
-
(مندهشا) أي حكاية
هذه..!
صالح:
-
ولكنها ليست كل
الحكاية، فأنا عندما أوصلتك إلى بيتكم ليلتها وأخذتك أختك مني بكل قوة وعطف، أحسست أنها هي ولم أعرف لماذا..
ناصر:
-
(وكأنه في غيبوبة
ومستفهما) أنها هي؟!
صالح:
-
صاحبة السيارة
(إنفينيتي) (ويضحك سعيدا)
ناصر:
-
(يبتسم كالذي لم يفهم
شيئا)
11-
خارجي/ الطريق إلى
الجبل المشرف على مسقط/ باكرا في الصباح (قبل الشروق بقليل حيث نرى شفق المشرق)
صالح، شمسة
نرى السيارة (FJ) صاعدة إلى الجبل عبر الطريق الملتوية ولا نعرف
من يركبها، عندما تصل إلى فوق تتوقف وينزل الراكبان فإذ هما "صالح" في
لباسه الأبيض و"شمسة" في لباسها الأسود، يمشيان نحو المكان الذي سبق أن
رأينا ناصر وصالح جالسين فيه، يجلس الزوجان وينظران إلى مسقط هناك ثم يشير صالح
بيمينه إلى الشمس وهي تطلع مستفتحة يوما جديدا. وينتهي الفيلم على مشهد الشمس
طالعة من وراء الأفق على خلفية الزوجين القريبين من بعضيهما يتحدثان.. (انتهت)
©
جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي (mohsenhedili2@gmail.com)
تعليقات
إرسال تعليق