سيناريو فيلم قصير: "بيار" و"أمينة"

سيناريو فيلم قصير:
"بيار" و"أمينة"
بقلم: محسن الهذيلي
(هذا الفيلم مستوحى من قصة حقيقية)
1-   داخلي/ غرفة ملئى بالكمبيوترات/ ليلا
بيار
بيار شاب فرنسي وسيم جدا ويبلغ من العمر زهاء الأربعين. ويجلس أمام الكمبيوتر بين عدد غير قليل من الكمبيوترات، ويضع على عينيه نظارات شمسية، ونرى أن شاشة الكمبيوتر مفتوحة على صفحة فايس بوك وهو يكتب ردا أو تعليقا على موضوع يتعلق بالإسلاموفوبيا. ويكتب بيار باللغة الفرنسية ما يلي: "الدعوات لمنع الحجاب في الجامعات الفرنسية يأتي ضمن الممارسة العنصرية ضد المسلمين والتي بدأت بشكل واضح مع منع الحجاب في المعاهد، وأنا لا أعتقد أن هذه الممارسة العنصرية للدولة ستتوقف عند منع الحجاب في الجامعات، سوف تتواصل إلى منع الحجاب في المكان العام وربما منع المسلمين من التواجد في المجتمع الفرنسي جملة، ربما نشهد في العصر الحديث حربا على المسلمين في فرنسا مثل التي عرفوها في الأندلس قبل سبعة قرون..."
في هذه اللحظة تظهر له رسالة خاصة من عند مشاركة اسمها "أمينة".
أمينة تكتب:
-         (الرسالة مكتوبة بالحروف اللاتينية) "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.."
بيار:
-         (يرسل تعليقه على الموضوع الذي هو بصدده ثم يقرأ الرسالة الخاصة، يبتسم، يفكر قليلا ثم يكتب) "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..." (يبقى ينتظر أن تقوم "أمينة" بالكتابة ثانية. يرى أنها بدأت تكتب فيبتسم ويبقى ينتظر)
"أمينة" تكتب:
-         "هل أنت مغربي؟"،
بيار يكتب:
-         "لا.. فرنسي" (ثم يبقى ينتظر.)
أمينة تكتب:
-         "أغلب أصدقائك من المغرب!".
بيار يكتب:
-         (وهو يبتسم) "هم أصدقائي من المسجد.."
أمينة تكتب:
-         "أنت مسلم إذن.."
بيار يكتب:
-         (وهو يبتسم فرحا) "منذ سنتين والحمد لله..."
أمينة تكتب:
-         "ما شاء الله.."
بعدها ينتظر بيار أمينة أن تكتب، وبعد أن تظهر العلامة أنها بصدد الكتابة تختفي ولا يأتي أي رد..
بيار يكتب:
-         "أنت إذن مغربية؟"
أمينة تكتب:
-         "من وجدة، عندي أختي تعيش في باريس.. وهي متزوجة وعندها سبعة أولاد"
بيار يكتب:
-         "سبعة! ما شاء الله.."
أمينة تكتب:
-         "وهي حبلى الآن J"
بيار يفكر ثم يكتب:
-         "أنا تزوجت ولم أنجب.. L"
أمينة تكتب:
-         "سوف تنجب إن شاء الله..."
بيار يكتب:
-         "لقد طلقت الآن.."
أمينة تكتب:
-         "لماذا؟!"
بيار يكتب:
-         "ربما بسبب إعتناقي الإسلام.. أو ربما لأن طليقتي تريد أن تنجب أولادا لأن عدم الإنجاب بسببي.."
أمينة تكتب:
-         "أنا كبرت ولم أتزوج، ولكنني أحب الأولاد كثيرا..."
بيار (يقرأ ثم وكأن فكرة قد خطرت بباله جعلته يبتسم ثم يكتب)
-         "أنا عمري أربعون سنة L"
أمينة تكتب:
-         "بالنسبة لك أنا لست كبيرة إذن J"
بيار يتردد ثم يكتب:
-         "لو طلبتك للزواج هل سترفضين بسبب الإنجاب؟! J"
أمينة (تتأخر في الرد ثم تكتب):
-         "لن أرفض ولكن لن أعيش بدون أولاد.. سلام.. علي أن أذهب الآن"
بيار يكتب:
-         "سلام J" (ثم يبقى ينتظر)
أمينة
-         (تغادر الفايس بوك)
بيار:
-         (يقوم بفتح صفحة من "وورد"، يضع فيها الحوار الذي جرى بينه وبين أمينة ويحفظه تحت اسم "أمينة من وجدة". بعدها يرفع رأسه إلى الكمبيوترات التي تملأ الغرفة، ينهض، يأخذ لحافا كبيرا أبيض ويغطيها جميعا فيتغير وجه الغرفة وتصبح مثل غرفة غاب أصحابها، ينبري يطفئ ضوء الغرفة فتسقط في الظلام)
2-   داخلي/ قاعة جلوس أرستقراطية فاخرة جدا من طراز لويس 14/ نهار
بيار، الأب، الأم، الشقيق الأكبر، الشقيق الأوسط، الشقيقة
                                                الشقيق الأكبر (شارل) :
-         بيع السلاح بهذا الحجم هي فرصة الحكومة الوحيدة للخروج من الأزمة
بيار:
-         وحتى تتواصل صفقات السلاح لابد من صناعة الحروب في العالم وخاصة في العالم الإسلامي...
الشقيق الأكبر (شارل) :
-         إذا كانوا يحبون القتل والتقاتل ماذا تريدنا أن نفعل...
بيار:
-         لذا تبيعونهم الأسلحة المدمرة للناس والبيئة.. واضح أنكم في أزمة ليست اقتصادية وحسب وإنما أخلاقية وروحية...
الشقيق الأكبر (شارل) :
-         يبدو أنهم أثروا في تفكيرك...
الأب:
-         (مقاطعا) شارل.. من فضلك... لم نجتمع لنتفرق... إننا نريد أن نساعد شقيقك (ينظر إلى بيار ومشيرا إلى الشقيق الأوسط) أخوك فيليب يقترح عليك محلا تجاريا موجودا في نفس المول الذي فيه أحد محلاته.. هو فارغ الآن وكثير يريدونه ولكنه قادر على أخذه لك.. هو يرى أن تبيع فيه كل ما هو الكتروني وسوف ينجح، هناك دراسة للسوق تظهر أنه يمكن أن ينجح...
بيار:
-         أنا أعمل الآن في إحدى الشركات وراض على راتبي.. وسبق أن قلت إنني لا أريد التعامل مع البنوك..
الشقيق الأوسط (فيليب) :
-         وما هي مشكلتك مع البنوك؟
الشقيق الأكبر (شارل) :
-         السبب لم يعد خافيا...
الأب:
-         (يحدق في ابنه الأكبر ومقاطعا يقول مخاطبا بيار) الآن بعد أن تم الطلاق، هل يمكننا أن نقترح عليك شيئا لا علاقة له بالبنوك..
الشقيق الأكبر (شارل) :
-         أي طلاق وقد ترك "كولكسيون" الخمر معها، كم قيمتها الآن؟!!!
إيليزابيت:
-         أولا "الكوليكسيون" لم تعد معها لقد نقلها عندي..
الشقيق الأوسط (فيليب) :
-         (مخاطبا بيار ومخفيا انزعاجه لأن "كوليكسيون" الخمر باتت عند شقيقته) إن كنت ستبيعها فنحن أولى بها...
الشقيق الأكبر (شارل) :
-         وهل يمكنك أن تقول لنا لماذا لم تعد تريدها؟! أنت المغرم منذ طفولتك بجمع أنواع الخمور؟!!!
الأب:
-         (مقاطعا) من فضلكم هو حر فيما يفعل (ينظر إلى بيار ويقول له) هناك "ماري" ابنة موريس يبدو أنها موافقة على الزواج بك...
الأم:
-         وهي فتاة ذكية وناجحة وأبوها رجل ثري ومؤثر...
الأخت:
-         هو يعرفها جيدا لقد التقى بها أكثر من مرة عندي، فهي تحب إهداء الكلاب لأصحابها، وقد تحدثا عدة مرات...
بيار:
-         "ماري" فتاة جيدة وذات شخصية قوية ومتوازنة ولكنها لا تناسبني...
الأم:
-         (تطرق)
الشقيق الأكبر (شارل) :
-         إذن ما سمعناه صحيح..
الأب:
-         (ينظر إلى بيار ينتظر منه أن يدافع عن نفسه)
بيار:
-         (ينظر إلى أخته ولا ينبس بكلمة)
الأخت:
-         (تحدق فيه بثقة)
3-   خارجي/ حقل كبير به عدة فضاءات مغطاة ومقسمة إلى بيوت صغيرة في كل واحد منها كلبان من النوع النادر/ نهار
بيار، إيليزابيت (أخت بيار)، ماري (صديقة إيليزابيت)
يقف بيار وشقيقته إيليزابيت وهي تمسك بقياد كلبين من النوع السلوقي
                                                بيار:
-         ولكنك تعرفين أنني سأتزوج مسلمة..
إيليزابيت:
-         ولماذا مسلمة؟! هناك كثير من المسلمين تزوجوا فرنسيات...
يقترب منهما رجل، واضح أنه يعمل مع إيليزابيت، ويأخذ منها الكلبين السلوقي ويمضي يتمشى بهما.
بيار:
-         أريد أن أجرب حياة جديدة مختلفة...
إيليزابيت:
-         (مآخذة) إلى متى وأنت تجرب...
بيار:
-         (مستفهما دون أن ينبس بكلمة)
إيليزابيت:
-         (متراجعة) قصدت العمل.. المشروع الذي اقترحه عليك فيليب جيد..
في هذه اللحظة تدخل من باب الحقل الكبير سيارة بورش سبورت.
إيليزابيت:
-         (تشير إلى السيارة برأسها وتقول لأخيها بهدف إغرائه) أنظر هذه سيارة "ماري" الجديدة...
بيار:
-         (محرجا، بعد أن يرى "ماري" قادمة في سيارتها) إيليزابيت.. علي أن أذهب..
إيليزابيت:
-         (وقد فاجأها قرار أخيها) ماذا؟! ألا تنتظرها؟! قلت لك إنها تريد التحدث إليك..
بيار:
-         آسف.. لا أستطيع (ثم يمضي إلى سيارته الواقفة غير بعيد، يمتطيها وينصرف)
ماري:
-         (توقف سيارتها البورش سبورت غير بعيد، تنزل، تمشي مسرعة إلى إيليزابيت وتسأل) لماذا انصرف؟!
إيليزابيت:
-         (تنظر إليها ثم إلى أخيها الذي يغادر بوابة الحقل وتلوذ بالصمت)
4-   داخلي/ غرفة بيار للكمبيوترات/ ليلا
بيار
                                                بيار:
-         (بصدد معالجة سيرة ذاتية على حاسوبه)
تخرج له على الشاشة رسالة تخبره أنه تلقى رسالة نصية من أمينة على فايس بوك
                                                بيار:
-         (يفتح  رسالة أمينة ويقرأ التالي بالفرنسية طبعا) "لقد وجدت صغيرا لنا.. ولكن ليس لنا حرية اختيار الجنس.. J"
بيار يكتب:
-         (مبتسما) عن ماذا تتحدثين؟!
 أمينة تكتب:
-         "أختي وزوجها وافقا أن يتركانا نربي إبنهما القادم.. J"
بيار:
-         ولكنك قلت أن التبني حرام... L
رسالة من أمينة:
-         لم أقل أننا سنتبناه، سوف يبقى على اسم أبيه وأمه... J
بيار:
-         لا أعرف إن كان القانون الفرنسي يسمح بذلك..
رسالة من أمينة:
-         "اسمع الخبر السعيد الثاني أولا..."
بيار:
-         "يبدو أن هذه ليلة الأخبار السعيدة.. سوف أظفر منك بصورة إذن.. J"
أمينة تكتب:
-         "لم أخبرك أني سجلت في الماجستير في باريس 8.. واليوم فقط حصلت على الفيزا وسوف تراني حقيقة وليس صورة... J"
بيار يكتب:
-         (مبتسما وفرحا) "وإذا رأيتك مباشرة ولم تعجبني ماذا أفعل؟! J"
أمينة تكتب:
-         "ربما عندما آتيك ومعي ولد ذكر سأعجبك؟ J"
بيار يكتب:
-         "بالنسبة لي المهم أن تعجبني أنت"
أمينة تكتب:
-         "قلت لك إنني لست قبيحة ولست جميلة أيضا لأنني لو كنت كذلك لما انتظرتك.. J"
بيار:
-         (يكتب وهو يضحك) "ولكن أنا جميل جدا.. J"
أمينة تكتب:
-         "اطمئن، لو لم تكن مسلما لما تزوجتك.. حتى لو كنت في جمال سيدنا يوسف J"
بيار يكتب:
-         "هل أستطيع أن أنتظرك في المطار عندما تأتي؟ J"
أمينة:
-         "غدا أخبرك.. سلام... J"
وتأتي رسالة تعلم أن أمينة غادرت الفايس بوك.
                                                بيار:
-         (يتوقف عن الكتابة، يفكر قليلا ثم يفتح "وورد".. بعدها يأخذ هاتفه النقال ويطلب رقما، ينتظر وإذا بصوت نباح كلاب على التلفون فيبعده عن أذنه ثم يقول) إيليزابيت...! الكلاب حتى في الليل؟!...
إيليزابيت:
-         إنها "لوسي" تلد؟!...
بيار:
-         إيليزابيت.. لقد سمعت خبرا جميلا هذه الليلة وأريد أن أهديك كل "كوليكسيون" الخمر...
إيليزابيت:
-         (تصمت قليلا) لا.. سوف أشتريها منك..
بيار:
-         لا أريد أن أبيعها..
إيليزاببيت:
-         أخويك سيغضبان..
بيار:
-         لا يهمني...
إيليزابيت:
-         دعنا من هذا الآن.. لم تقل لي ما هو الخبر الجميل؟..
بيار:
-         أمينة.. سوف تأتي إلى باريس...
إيليزابيت:
-         (مترددة) أحببت أن أسألك.. لو وجدتها لا تناسبك ماذا تفعل؟
بيار:
-         (مفكرا) ماذا تقصد؟!
إيليزابيت:
-         (محرجة وعلى عجل) أرجو أن تجدها أنيقة و"كلاس" حتى يقبلها إخوتك... بيار أتركك الآن علي أن أكون بجانب لوسي..
بيار:
-         (يفكر في كلام أخته ومنهيا المكالمة) حظا سعيدا للوسي...
5-   داخلي/ مطار أورلي (عند باب خروج القادمين)/ نهار
بيار، أمينة، أخت أمينة وهي حبلى، زوجها وبعض أولادهما
تظهر أمينة فتبدو لنا حلوة في وجهها ولكنها تضع على حجابها معطفا غليظا أخرجها غير أنيقة بالمرة
                                                بيار:
-         (يستبشر بحسن وجهها ولكنه يأسف لطريقة لباسها غير الأنيقة)
6-   خارجي/ في السيارة/ نهار
(بعد الزواج)
أمينة، بيار
                                                أمينة:
-         (غاضبة) هم لم يأتوا في زواجنا وأنت تريدني أن أذهب إليهم بنفسي ودون استدعاء..
بيار:
-         إيليزابيت تعلم أننا قادمون.. ولا تنسي أمينة إنهم عائلتي.. ونحن ذاهبون إلى بيت أمي وأبي..
أمينة:
-         أمك وأبوك لم يأتيا إلى زفافنا..
بيار:
-         (مقاطعا) اصبري من أجلي...
أمينة:
-         طيب.. ولماذا اللباس الجديد...؟!!!
بيار:
-         (بلباقة) لأنهم لا يرون إلا الملابس، أما أنا فتعلمت، والحمد لله، أن أرى أشياء أخرى..
أمينة:
-         (بين الغضب والدلال) ما هي هذه الأشياء الأخرى؟!
بيار:
-         (مبتسما) الأمينة..
7-   خارجي/ أمام محل "لافاييت"/ نهار
بيار، أمينة
يدخل بيار ومعه زوجه في لباسها العادي ثم يخرجان بعد وقت وقد وضعت حجابا أنيقا جدا وحملت في يدها باقة زهور.
8-   داخلي/ قاعة جلوس بيت أبوي بيار/ ليلا
بيار، أمينة، إيليزابيت وزوجها، والدي بيار، شقيقي بيار الأكبر (شارل) والأوسط (فيليب) وزوجته، الوليد
يرن جرس الباب، تأتي العاملة  المنزلية في لباسها الخاص وتفتح الباب، يظهر بيار وفي يده باقة الزهور وأمينة وهي في حجابها الأنيق وتحمل في حضنها الصبي. يدخلان، تغلق المساعدة الباب وراءهما، يتوقف الزوجان، ينظران من بعيد إلى أفراد العائلة الذين توقف منهم الأبوان والأخت إيليزابيت وبقي الباقون جالسين...
بيار:
-         (ينظر إلى زوجته)
أمينة:
-         (تتقدم، تسبق زوجها، تمشي إلى الأب تقبله وتعطه الصبي وتقول) اسمه "ياسين" (بعدها تقبل الأم وإيليزابيت وزوجة فيليب..)
9-   داخلي/ قاعة جلوس بيت أبوي بيار/ ليلا (بعد وقت)
بيار، أمينة، إيليزابيت وزوجها، والدي بيار، شقيقي بيار الأكبر (شارل) والأوسط (فيليب) وزوجته، الوليد
في هذا المشهد نرى كيف يتبادل أبوا بيار وأخته إيليزابيت حمل الصبي الذي هو في الأصل ابن أخت أمينة. وواضح أن السعادة كانت تكتنف الجميع بما في ذلك الشقيقان..
                                                زوجة فيليب:
-         (مخاطبة بيار ليس دون دهاء) حسب ما عرفت.. لن تتبنياه..
أمينة:
-         (ترد عوضا عن بيار) كان صعبا أن نتبناه ويبقى على اسم أبيه وأمه ولكن البلدية قبلت في الأخير...
ينظر الجميع إلى بعضهم ثم يعود الوالد يلعب مع الصبي بسعادة واضحة.. على أريكة عريضة أجلست الأم بينها وبين إيليزابيت زوجة ابنها أمينة. واقتربت منهن زوجة فيليب ومكثت قريبا جدا تستمع لحديث أمينة.. في زاوية من القاعة الكبيرة وقف الإخوة الثلاثة يتحدثون...
(انتهت)
جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
Mohsenhedili2@gmail.com

تعليقات