سيناريو فيلم قصير:
"محمد"
بقلم: محسن الهذيلي
ملاحظة: ممثل واحد يظهر
في الفيلم مرتين وهو الذي يؤدي دور الشاب1
أحداث الفيلم تجري في باريس
1-
داخلي/ قاعة الصلاة (في
مسجد)/ ليلا
الشاب1، الشاب2، الشاب3، جمهور المصلين
يكون المصلون بصدد أداء صلاة
المغرب، نسمع قراءة الإمام وترتيله للقرآن الكريم بصوت جميل.
أثناء ذلك تقوم الكاميرا بالتجول
ضمن بيت الصلاة، فنرى المصلين كيف يصلون ونرى ديكور بيت الصلاة ومنه الزرابي ذات
الألوان المتعددة ثم قليلا قليلا تتجه الكاميرا نحو لوحة معلقة عند باب الدخول والخروج،
تقترب الكاميرا من اللوحة بحيث نرى جيدا ما علق عليها، كما نبقى نرى جزءا من الباب
فنطلع على من يدخل متأخرا متعجلا حتى يلحق بالصلاة. بعدها نسمع الإمام يسلم سلام الانتهاء
من الصلاة، قليلا ونبدأ نرى من خلال تلك الزاوية في إطار الصورة على مستوى الباب
أن المصلين بدؤوا يخرجون.
نرجع لنقول أنه في الوقت الذي كنا
نسمع فيه الإمام يؤم المصلين كنا نطالع الأوراق المعلقة على اللوحة. واللوحة عليها
اسم جماعة تدعى "خدام الرسول" (Les serviteurs du prophète).
تحت الاسم بالضبط نقرأ الحديث الشريف التالي: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
"سيد القوم خادمهم" (Servir les gens est un signe de
noblesse). وضمن باقي
مساحة اللوحة عُلقت بشكل غير منتظم تماما الأوراق الصغيرة ذات الأحجام المختلفة، بعضها
خط باليد وبعضها خط بالآلة الحاسبة. ونقرأ عليها ما يلي:
الورقة الأولى: "السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته، أعطاني أحد الاخوة بعض الأثاث، هل يمكنكم مساعدتي في فكه
ونقله إلى بيتي وإعادة تركيبه؟ بارك الله فيكم، مصطفى: رقم التلفون: 625331639".
الورقة الثانية: "السلام
عليكم ورحمة الله، اسمي ياسين، ليست معي سيارة، وزوجتي سوف تلد قريبا، هل يمكنني
أن أعتمد عليكم في أخذها إلى المستشفى عندما يحين الوقت؟ بارك الله فيكم على كل
حال، رقم التلفون: 539477542"
الورقة الثالثة: "منذ مدة
وأنا أبحث عن زوجة ولا أحد يساعدني، سامح الله الاخوة والأخوات، لست خائفا أن أرجع
إلى الحرام، ولكن ما يحدث لي حرام وكلنا مسؤولون عنه، هل يمكنكم مساعدتي؟
235477453"
الورقة الرابعة: "السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته، اسمي طه، أبحث عن شغل ومستعد للعمل في أي شيء المهم أن يكون
حلالا، رقم التلفون: 674561902، بارك الله فيكم".
الورقة الخامسة: "السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا طالب، هل يمكنكم مساعدتي وأخذي إلى المطار؟ بارك
الله فيكم، نذير: 253718710"
بعد الانتهاء من الصلاة وخروج أغلب
المصلين، يقترب من اللوحة بعض الأشخاص ودون أن نراهم نسمعهم يتحدثون
الشاب
1:
-
على كل حال هذه هي آخر الأخبار..
الشاب2:
-
إنه ليس من الطبيعي أن
نبقى بدون إمام جمعة كل هذا الوقت...
الشاب1:
-
(مقاطعا) لأن الناس
مختلفين... لقد جيئ بإمام ورفضه الناس لأنه لا يتقن الفرنسية...
الشاب3:
-
أنا مع ضرورة أن يتقن امام
الجمعة اللغتين: العربية والفرنسية...
هنا تمتد يد الشاب1 وتبدأ تأخذ
الأوراق المعلقة على اللوحة واحدة واحدة. ويقول أثناء ذلك:
الشاب1:
-
صعوبة إيجاد إمام يتقن
اللغتين دليل على أزمتنا... (مبتسما) ولكن أننا فكرنا في الأمر يدل على أننا
نتطور...
ينتهي من جمع كل الأوراق على
اللوحة.
ملاحظة: لا نرى أي وجه من وجوه الشبان
الثلاثة. لا نرى إلا يد الشاب1 وفيها خاتم فضي متميز وجميل.
2-
خارجي/ في الشاحنة ذات
الصندوق الكبير الذي تغطيه رسوم الجرافيتي/ ليلا (فجر)
الشاب4 (الذي يقود الشاحنة وهو صاحب العمل ويبدو من
طريقة حديثه أنه متدين ولكن فطن وابن سوق)، الشاب5
الشاب4:
-
قلت لي إن هذه هي المرة
الأولى التي تعمل فيها في الأسواق؟
الشاب5:
-
نعم، ولكن ما عدى ذلك،
عملت في كل شيء تقريبا...
الشاب4:
-
هل أزعجك النهوض باكرا؟
الشاب5:
-
أنهض يوميا باكرا لصلاة الفجر..
الشاب4:
-
اسمعني جيدا إذن، التجارة
بالنسبة لي أمانة وكرم، وطريقتي في تنفيذ هذه المقولة سهلة، إن لكل بضاعة قيمتها وسعرها،
وحتى يتعرف الزبون على قيمتها ويقارنها بسعرها، لابد أن نتركه يتذوقها ويختار ما
يشتريه بنفسه. هناك بعض الأشخاص هدفهم ليس التذوق وإنما يأتون للأكل، عندما تنتبه
إلى أحدهم ضع له بعض الثمار في كيس وأعطه إياه مجانا. إن كان محتاجا سوف يرجع إليك
في المرة القادمة فافعل معه ما فعلت في المرة الأولى، وإن كان غير محتاج فلن يقبل
الكيس ولن يعود إليك ثانية... واضح؟
الشاب5:
-
(مبتسما) واضح جدا...
الشاب4:
-
(ينظر أمامه) الآن وصلنا...
تهيأ
3-
خارجي/ في السيارة/
نهار
الشاب6 (في الأربعينات)
وهو الذي يقود السيارة، الشاب7 (في الثلاثينات)
الشاب6:
-
المشكلة ليست مشكلة الاخوة
والأخوات.. إنها مشكلتك أنت، فقد بقيت دون عمل وأخرت الزواج حتى كبرت، الآن وقد
اشتغلت عليك أن تسرع بالزواج، إننا كلما كبرنا صَعُبَ علينا الزواج، لأننا نكون قد
تعودنا على حياة العزوبية...
الشاب7
-
إن الأخوات يبحثن دائما
عن الشاب المتدين والوسيم والذي معه مال...
الشاب6:
-
كما أنك تبحث عن الفتاة المتدينة والجميلة والتي تساعدك في
الانفاق على البيت...
الشاب7:
-
لم أشترط يوما أن تكون زوجتي
جميلة أو عندها مال...
الشاب6:
-
هذا جيد (ça tombe bien)
الفتاة التي ستلتقيها الآن قبيحة وبسبب حجابها تجلس في البيت...
الشاب7:
-
(دون أن ينبس بكلمة
ينظر إلى الشاب4 على جنب وهو منزعج)
الشاب6:
-
هل رأيت؟ لقد انزعجت
عندما علمت أن الأخت قبيحة... إنه أمر طبيعي.. ولكن بعد الزواج الجمال الذي نبقى
نراه هو جمال المعاملة الحسنة... أنا توقفت عن اشتراط الجمال منذ حكى لي رجل شيخ
حكاية طريفة أعجبتني، بعد ذلك تزوجت بسرعة، لقد قال لي إن الله عندما خلق آدم
وحواء كان جمالهما وجاذبيتهما في حاجتهما إلى بعضيهما، لأن آدم ذكر وحواء أنثى
وهما يتكاملان بشكل عجيب. وحتى أقرب إليك الفكرة نفترض لو أنك وجدت نفسك وحدك في
جزيرة خالية من البشر وشعرت بالوحشة الرهيبة، وفي يوم من الأيام سقطت عليك في
الجزيرة فتاة، كانت هذه الفتاة قبيحة ورغم ذلك فإنك سعدت بها كثيرا، فقط لأنها
أنثى وهو ما ينقصك، بعد ذلك عندما تزوجتها واستأنست بها وأنجبت لك الأبناء فملؤوا
عليك جزيرتك أصبحت تقول لها: "أنت كل حياتي..." (يبتسم) أليس كذلك؟
الشاب7:
-
(يبتسم على استحياء
ويحرك رأسه موافقا)
الشاب6:
-
نأتي الآن إلى الأمور
العملية، نحن ذاهبون إلى بيت أخت الفتاة، ستجتمعا عندها، لقد رتبت زوجتي كل شيء،
ستجلس مع الفتاة في قاعة الجلوس، أنصحك ألا تضع بينك وبين نفسك أي شروط، حاول أن ترى
فيها الفتاة التي نزلت عليك وأنت وحدك في جزيرتك، وبالتأكيد ستعجبك... (ينظر
أمامه) لقد وصلنا... (يلتفت إلى الشاب5) على فكرة إنها ليست قبيحة إنها مثل كل
امرأة، مهما كان شكلها، جميلة جدا... ولا تنسى "اضفر بذات الدين تربت
يداك" (يبتسم)
4-
خارجي/ سيارة كبيرة
لحمل الأثاث/ ليلا
الشاب8 (في الأربعينات) وهو الذي يقود السيارة، الشاب9
والسيارة تغادر حيا سكنيا.
الشاب8:
-
الأخ كان كريما معك..
الأثاث جيد جدا.
الشاب9:
-
إنه كريم وخدوم، عندما علمت
بالاعلان وجئته أول مرة كنت أريد أثاث قاعة الجلوس، لم أكن أعلم بباقي الأثاث، كان
قد وزعه رغم أن أصحابه لم يأتوا بعد ليستلموه، عندما علم أنني أستعد للزواج، هاتفهم
كلهم وأفهمهم أني أولى منهم بالأثاث وأعطاني كل شيء.
الشاب8:
-
إذن ستتزوج؟
الشاب9:
-
(يحرك
رأسه موافقا) خطيبتي هي التي وجدت الاعلان قالت لي "تزوجوا فقراء يغنيكم
الله..."
الشاب8:
-
ما شاء الله، أنت محظوظ
الشاب9:
-
(مازحا
وهو يبتسم سعيدا) محظوظ بسبب الأثاث أم بسبب الزوجة...
الشاب8:
-
(يبتسم) بسبب رضا نفسك...
5-
خارجي/ في سيارة صغيرة/
نهار
الفتاة1 (في الثلاثينات) تقود السيارة، امرأة (في
الخمسينات) وهي أم الأولى، الفتاة2 الحامل (في العشرينات)
تركب الأم الخمسينية مع الفتاة
الحامل في المقعدين الخلفيين.
الحامل:
-
(وقد قرب مخاضها تتوجع)
آه، آه
الأم:
-
(تمسكها من يدها) قولي:
يا لطيف.. يا لطيف.. يا لطيف
الحامل:
-
يا لطيف.. يا لطيف..
الفتاة1 (قائدة السيارة)
-
(مخاطبة الحامل وهي
تمزح باسمة، وقد حركت المرآة الارتدادية لترى بها الطريق خلفها والجالستين وراءها)
أمك في البلاد، فجئتك بأمك هنا..
الحامل:
-
لقد أشعرتني أنها أمي
فعلا...
الفتاة1:
-
(بنفس نبرة المزاح)
عندما أرجع إليك غدا ستذوقين أكلها، إنه لذيذ مثلها... لا أدري كم طفلا أنجبت أمك
ولكن أمي أنجبت 7...
الحامل:
-
(شعرت بوجع) آه... يا
لطيف...
الفتاة1:
-
(مخاطبة أمها) أمي...
الألم أكثره يكون في الولادة الأولى... أليس كذلك؟
الأم:
-
عندما ينزل الولد، حتى
في المرة الأولى، ننسى الألم ونفرح ونرجع نحبل من جديد...
الفتاة1:
-
(مبتسمة) صح، أنا نسيت
أنني تألمت أربع مرات...
الحامل:
-
(وهي تتألم) أنت ولدتي
أربع مرات؟! ما شاء الله! لا يبدو عليك...
الفتاة1:
-
(مازحة وباسمة) لا تنسي:
"إني مباه بكم الأمم يوم القيامة..."، أفكر جديا في تحطيم رقم أمي.
الحامل:
-
(مندهشة) تريدين أن
تنجبي 8؟! ما شاء الله!
الفتاة:
-
(دائما بنبرة مزاحية) وتر
من فضلك... رقمي إن شاء الله سيكون 9 (وتبتسم)
الحامل:
-
(تضع يدها على بطنها
ولأول مرة تبتسم ابتسامة عريضة وهي تتطلع إلى الفتاة1 من خلال المرآة الارتدادية)
6-
خارجي/ سيارة صغيرة على
الطريق/ نهار
الشاب1 (ونلاحظ في يده الخاتم الفضي الجميل الذي سبق
ورأينا في المشهد الأول ونجد نفس صوته)، الشاب10، الفتاة3
في أول المشهد لا نرى إلا الشاب 1
الذي يقود السيارة والشاب10 الذي يجلس بجانبه يتحدثان، بعدها ننتبه إلى الزوجة
التي تحمل مولودا وتجلس في المقعد الخلفي.
الشاب1:
-
أورلي أم رواسي؟
الشاب10:
-
أورلي من فضلك...
الشاب1:
-
قيل لي أنك تعد دكتوراء،
هل أنهيتها؟
الشاب10:
-
تقريبا، أقدمها آخر
السنة، لذا سوف تسافر زوجتي وحدها... لقد أنجبت وتريد أن ترى أمها وعائلتها...
وهنا نرى الزوجة وهي تحمل بين
يديها مولودا جديدا وفي ذات الوقت ننتبه أنا اقتربنا من المطار حيث نرى من بعيد
طائرة تطير.
الشاب1:
-
إذن سترجع (ينظر إلى
ساعته) أعتقد أنه يمكنني أن أنتظرك...
الشاب10:
-
جازاك الله خيرا أخي،
لقد أزعجناك كفاية، سأبقى مع زوجتي حتى تسافر.. لا تقلق علي، سوف أرجع في
الميترو...
الشاب1:
-
والمولود ولد أم بنت؟
الشاب10:
-
ولد...
الشاب1:
-
وماذا سميتموه؟
الشاب10:
-
محمد..
الشاب1:
-
ماشاء الله، اسم
الرسول..
الفتاة3:
-
(فخورة) لا يمكنه إلا أن
يسميه محمدا، إن دكتوراه على هذا الاسم
الشاب1:
-
ما شاء الله دكتوراء
على اسم محمد؟!
الشاب10:
-
(فخور هو الآخر) نعم...
الشاب1:
-
(يتأمل الشاب11 مليا ثم
يقول مترددا قليلا) أخي أريد أن أقترح عليك شيئا... هل تقبل بأن تكون إمام مسجدنا؟
الشاب10:
-
(يريد أن يتكلم ولكنه
يتوقف)
الشاب1:
-
(محاولا إقناعه) سيكون
لك راتب محترم وستسكن بيتا ملاصقا للمسجد..
الشاب10:
-
(مبتسم) فكرة جيدة سوف
أفكر فيها...
الفتاة3:
-
(سعيدة) هذا العرض من
بركات بحثك على اسم الرسول (صلى الله عليه وسلم)
الشاب1:
-
وهذا الصبي هو أيضا من
بركات بحثك...
الشاب10:
-
(يلتفت إلى زوجته
ويتبادلان نظرة فيها كثير من الود وكأنه يقول لها "وأكبر البركات هي أنت..")
انتهى
جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
© mohsenhedili2@gmail.com
تعليقات
إرسال تعليق