سيناريو فيلم قصير: "لم تعد باريس تخيفني" (Paris ne me fait plus peur)

سيناريو فيلم قصير:
"لم تعد باريس تخيفني"
(Paris ne me fait plus peur)

بقلم: محسن الهذيلي
1-    داخلي/ قاعة جلوس (في شقة صغيرة)/ نهار
سليمة-نتالي (صاحبة البيت)، وسيلة، زهرة، مليكة، فاطيمة، حميدة-آنّا، نعيمة
يجتمع السبعة بنات في قاعة جلوس لا يزيد اتساعها عن أربعة أمتار على ثلاثة ونصف المتر. وهي مؤثثة بشكل بسيط ولكن فيه ذوق. وأهم أثاث القاعة بعض الأرائك، واحدة عريضة (تتسع لفردين) وإثنان صغيرتين تتسع كل واحدة منهما لشخص واحد، وزربية فارسية. وتتحلق الفتيات بصاحبة البيت التي تبدو حزينة ومتأثرة جدا، وهي تجلس على الأريكة العريضة وتجلس على جانبيها صديقتان. باقي الصديقات يجلسن على كراسي قريبة جدا ومنهن من تجلس على الأرض التي تغطيها الزربية وهي تقريبا عند قدمي صاحبة البيت "سليمة-نتالي". وما عدى هذه الأخيرة لأنها في بيتها فإن كل الفتيات محجبات.
                                                          سليمة-نتالي:
-         (حزينة) إنني أحب التجوال في باريس منذ كنت طفلة... يا حزناه أصبحت باريس تخيفني...
نعيمة:
-         هذا ما يريدونه... لا يريدوننا أن نظهر في المكان العام... أقول لك، لن يحرمونني من الخروج بحجابي...
حميدة-آنّا:
-         ولكن عندما تتعرضين للاعتداء ثلاثة مرات...!!! سوف يتغير رأيك، سوف يقتلون فيك الرغبة في الخروج.
مليكة:
-         إنهم لا يتعرضون لنا إلا عندما نكون وحدنا، عندما أرغب في الخروج أخرج مع خاليد، آخر مرة جلست معه في مقهى في "سان جرمان"، كان النادل يتطلع إلي هكذا (تحاول تقليده) فقلت له قهوة سوداء بدون سكر... (تضحك)
زهرة:
-         (مخاطبة مليكة) وبالنسبة للعمل ماذا تفعلين؟!
نعيمة:
-         (كالمازحة) مليكة من جماعة "البيروك" في العمل...
وسيلة:
-         (مستغربة) "البيروك" أليس زينة؟! حتى وإن أخفى الشعر...
مليكة:
-         خاليد سأل أحد الشيوخ فأشار عليه بالـ"بيروك"...
وسيلة:
-         (بحركة من رأسها ومن خلال قسمات وجهها تبين أنها غير موافقة)
نعيمة:
-         (مازحة) وسيلة ضد البيروك ولكنها ليست ضد "النايك"
وسيلة:
-         (ترفع تنورتها كاشفة عن سروال وحذاء رياضيين تحتها، الحذاء ليس من نوع نايك ولا ريبوك) النايك والريبوك قاطعتهما...
نعيمة:
-         ما شاء الله وسيلة دائما في لباسها الرياضي...
وسيلة:
-         (مازحة) منذ كنت صغيرة وأنا أؤمن بالعدو... الحل مع أولئك العنصريين هو العدو...
زهرة:
-         وسيلة... هل صحيح أنك لازلت تتدربين...
وسيلة:
-         ولن أتوقف أبدا...
حميدة-آنّا:
-         عندما تعرفت على وسيلة كانت بطلة في العدو...
زهرة:
-         إذن بيننا بطلتان (تنظر إلى وسيلة ثم إلى فاطيمة) بطلتنا الثانية يبدو أنها غائبة...
نعيمة:
-         (مازحة) لابد أنها تفكر في...
ميلكة:
-         (مقاطعة ومغيرة الموضوع) فاطيمة هل صحيح أنه هاجمك أحدهم وأراد أن ينزع عنك حجابك؟!
فاطيمة:
-         (تلتفت إلى صديقاتها وكأنها لم تكن جالسة معهن ثم تجيب نعيمة) إنني لا أفكر في أحد... ولكن الذي حصل لـ"نتالي" آلمني كثيرا... إنه رهيب أن تهاجم امرأة ثلاثة مرات في المكان العام وذلك بسبب أنها تضع غطاء على رأسها... ومع ذلك أنا لا أوافقها خوفها وقرارها أن لا تخرج في باريس بعد اليوم...
نعيمة:
-         بالنسبة للتجوال في باريس الحل سهل... يمكنها أن تفعل مثل مليكة... تضع "البيروك"...
زهرة:
-         أو تتمرن مع وسيلة على العدو وعندما تحس بأقل خطر ترفع تنورتها وتطلق قدميها للريح...
وسيلة:
-         (تنظر إلى فاطيمة) إن شاءت يمكنها أن تتدرب على "الكاراتي" عند صديقتها فاطيمة... كم "دان" عندك يا فاطيمة...؟
فاطيمة:
-         (في كثير من الاعتداد بالنفس، ترفع يدها اليمنى وتفتح أربع أصابع وتجعل الخامس نصف مفتوح)
حميدة-آنّا:
-         (مازحة) ما معنى الاصبع النصف مفتوح؟!
فاطيمة:
-         (في كثير من الثقة) معناه أن "الدان" الخامسة في الطريق...
مليكة:
-         (ملحة) فاطيمة لم تصفِ لنا كيف هاجمك أحدهم في المترو...
فاطيمة:
-         (بنفس ثقتها في نفسها) لقد هاجموني أكثر من مرة، ودائما أتعرف عليهم قبل أن يهاجمونني، وأعرف حتى الوقت والمكان الذي يهاجمونني فيه. إنهم يقومون بذلك عادة عند مداخل محطات الميترو أو على أبواب القاطرات والحافلات. يقف الواحد منهم عند الباب ويفعل كما لو أنه غير نازل وقبل أن يغلق الباب بلحظات يسحب الحجاب ويجري. ولكن دائما يجدونني في انتظارهم... لا أحد يمكنه أن يمس حجابي قبل أن أخطف يده...
مليكة:
-         (متشوقة لسماع باقي الحكاية) وماذا تفعلين به؟!
فاطيمة:
-         (باعتداد واضح بنفسها) أرميه على الأرض...
مليكة:
-         وماذا تكون ردة فعلهم...؟
فاطيمة:
-         (مبتسمة) ينهضون ويجرون...
زهرة:
-         (متعجبة) ألا يردون عليك؟!
فاطيمة:
-         (ضاحكة) ولكنني أكون قد قلبت خطتهم عليهم، لابد أن يكون باب الميترو قد أغلق وقتها... ولكن حدثت لي مرة على باب الحافلة، كان السائق يتابع ما يجري فترك الباب مفتوحا وبقي ينتظر ولكن الرجل جرى كما قلت... (وهنا تعبر فاطيمة عن أنها سخنت. وهي تحاول أن ترفع حجابها، تسأل صاحبة البيت سليمة-نتالي) سليمة هل يمكنني أن أرفع الحجاب...
سليمية- نتالي:
-         (تأخذ محمولها) هذا وقت مجيء كريم سوف أخبره أنكن عندي وعندما يأتي يطرق الباب ولا يدخل قبل أن يستأذن... (تبحث عن الرقم وتطلبه، تنتظر، يفتح الخط) كريم... السلام عليكم ورحمة الله (الفتيات تنظرن إلى بعضهن) أين أنت؟ تحت؟!... من؟!... أنا مع البنات فوق... إلى اللقاء. (وتغلق الخط)، الأولاد جاؤوا يستلطفون وهم قادمون الآن... (تنهض من مكانها)
فاطيمة:
-         (مهتمة) ومن الأولاد؟!
سليمة-نتالي:
-         (فهمت قصد صديقتها فاطيمة ولكنها أجابت بتلقائية مفتعلة) أصدقاءه...
نعيمة:
-         (مازحة) فاطيمة تريد أن تعرف إن كان مهدي معهم...
سليمة-نتالي:
-         (مستعجلة صديقاتها ومغيرة الموضوع) هيا بنا نذهب إلى غرفة النوم سيجلس الرجال هنا...
تنهض كل البنات تتقدمهن سليمة-نتالي ويغادرن القاعة، فاطيمة كانت آخر من غادر لأنها بقيت تجمع فناجين القهوة والشاي الفارغة.
2-    داخلي/ غرفة النوم/ نهار
سليمة-نتالي (صاحبة البيت)، وسيلة، زهرة، مليكة، فاطيمة، حميدة-آنّا، نعيمة
تدخل البنات إلى غرفة النوم، ونرى أن أهم أثاثها فراش النوم وزربية فارسية تشبه التي في قاعة الجلوس إلا أن ألوانها باردة ومنضدة الزينة. تنظر الفتيات متفحصات الأثاث وخاصة الصور الموضوعة على منضدة الزينة.
                                                          زهرة:
-         (مازحة) غَضُّ البصر من فضلكن...
سليمة-نتالي:
-         (تقترب من احدى الصور التي يمسكها فيها زوجها بطريقة معينة فتجعلها على وجهها)
نعيمة:
-         من الذي صوركما في تلك الوضعية...
وسيلة:
-         (من أجل تغيير الموضوع) إنه "سِلفِي"...
في هذه اللحظة يرن ناقوس الباب، تنتبه كل الفتيات وخاصة فاطيمة التي يبدو أنها فقدت تلك الثقفة في نفسها وباتت كالتائهة...
                                                          سليمة-نتالي:
-         (لم تعر اهتماما للناقوس) بنات أين تردن أن نجلس على الفراش أم على الأرض؟
فاطيمة:
-         (منتبهة من غيبوبتها) على الأرض طبعا، لن نفسد لك فراشك...
زهرة:
-         (مخاطبة سليمة-نتالي) ألا تذهبين لفتح الباب
سليمة-نتالي:
-         سوف يرن ثلاث مرات بعدها يدخلون...
وبالفعل نسمع ناقوس الباب يرن ثلاث مرات ثم نسمع صوت الفتيان يدخلون القاعة ويملؤونها ضجيجا.
تصمت كل البنات وباهتمام كبير يرهفن السمع لما يجري في الخارج
                                                          مليكة:
-         هذا صوت خاليد...
زهرة:
-         توفيق جاء أيضا...
وسيلة:
-         عبد الرحيم معهم...
نعيمة:
-         (مازحة وهي تنظر إلى فاطيمة) هناك صوت لست متأكدة من صاحبه... هل هو صوت...؟
سليمة-نتالي:
-         (حاسمة الموضوع وواعية بمعاناة صديقتها) هذا مهدي جاء معهم...
فاطيمة:
-         (دون أن تنبس بكلمة تعبر بوجهها عن شيء من الاحراج والضعف والتهاوي الذي لم نره عليها قبل ذلك أبدا)
في هذه اللحظة يرن ناقوس الباب ثانية
                                                          سليمة-نتالي:
-         (وقد كانت جالسة وسط صديقاتها على الأرض تنهض مسرعة وتقول في شيء من الانقباض) لقد نسيت... هذه عائلتي ... (وهي الوحيدة التي لا تضع حجابا على رأسها وعليها أن تخرج لاستقبال عائلتها ولأن الرجال في الخارج فإنها تبحث في حيرة عن غطاء رأس ثم تمضي نحو فاطيمة تنزع عنها حجابها بشكل عفوي تضعه على رأسها وتغادر الغرفة مسرعة.)
فاطيمة:
-         (وهي تنزع كمة تجمع شعرها يتدفق هذا الأخير أسود داكنا وطويلا ولينا) أفضل لقد سخنت جدا...
مليكة:
-         (مازحة) لقد نزعوا عنك حجابك ولم نرى منك أي ردة فعل...
فاطيمة:
-         (وقد رجع إليها اعتدادها بنفسها) الهوائيات (Les antennes) لا أشغلهن إلا عند أبواب قاطرات الميترو والحافلات أو في مداخل المحطات (ثم وهي ترهف السمع للخارج تطلب من صديقاتها أن يصمتن)
نسمع ناقوس الباب لا يتوقف عن الرنين ولا أحد يفتحه
                                                          فاطيمة:
-         سليمة... تتحدث مع الأولاد...
زهرة:
-         ولماذا لا يفتح كريم الباب؟!
فاطيمة:
-         لابد أنهما يخيران أن لا تكون المواجهة بهذه السرعة... (تخفظ في صوتها) عائلة نتالي كلهم من أنصار "لوبان" (ترهف السمع)
نسمع صوت الأولاد يقترب
                                                          فاطيمة:
-         ها أن الأولاد ذاهبون إلى المطبخ (نسمع دخول عائلة سليمة-نتالي إلى قاعة الجلوس وارتفاع أصواتهم وتعبيره، رغم عدم تميزه، عن انزعاجهم من الانتظار) هذه عائلة نتالي بدأت الهجوم...
 نسمع دون تمييز حديث سليمة-نتالي مع عائلتها ثم فجأة تظهر هذه الأخيرة في غرفة النوم
                                                          سليمة-نتالي:
-         (على عجل) يا بنات أستسمحكن... فاطيمة... أحضري لي من فضلك قهوة سوداء وخمسة شاي (ثم مأكدة) يريدونه مغربي لا تنسي...
نعيمة:
-         جماعة "الفرون ناسيونال" يريدون الشاي المغربي...!!!
سليمة-نتالي:
-         (وهي تغادر ترى فاطيمة كالمضطربة وهي تلحق بها وشعرها مرسل فتقول لها) فاطيمة ما بك؟! أين حجابك...؟!!!
فاطيمة:
-         (تضع يدها على رأسها، تدور في مكانها وتقول) أين هو؟! إنه عندك...
سليمة-نتالي:
-         (وهي تغادر تقول) تصرفِ...
نعيمة:
-         (مازحة) مهدي سيجننك يا فاطيمة...!!!
فاطيمة:
-         (وقد أعادت كمة شعرها، تمد يدها إلى حجاب نعيمة وتنزعه عنها) أعطنيه أريده...
زهرة:
-         (مازحة) نزع الحجاب للأخوات بات ممارسة مستشرية حتى داخل البيوت...!!!
فاطيمة:
-         (تقترب من زهرة، وهي تعيد حجاب نعيمة إليها) أعطني أجرب حجابك أنت...
بعد لحظات، تجلس فاطيمة عند منضدة الزينة وكل الصديقات من حولها وهي تجرب حجاباتهن حتى يستقر رأيها على واحد، تنهض تنظر إلى نفسها في المرآة، تعجبها نفسها.
                                                          فاطيمة:
-         والآن ما رأيكن...
وسيلة:
-         أحلى عروس...
فاطيمة:
-         (وهي تغادر الغرفة تقول) ادعين لي...
3-    داخلي/ المطبخ/ نهار
فاطيمة، كريم، مهدي، خاليد، توفيق، عبد الرحيم
والشباب يتحدثون عن حالة لاعب الريال الذي أبعده مدرب الفريق الفرنسي عن اليورو 2016.
                                                          توفيق:
-         أنا لا أشكك في مصداقية "ديديي دوشون"... ولكن...
                                                          فاطيمة:
-         السلام عليكم ورحمة الله إخوتي...
ينتبه الجميع إلى فاطيمة وقد فاجأهم ظهورها وخاصة مهدي الذي لم يرد حتى السلام...
                                                          فاطيمة:
-         (وهي تخاطب كريم وتنظر من حين لآخر إلى مهدي) سليمة طلبت مني أن أعد لكم وللضيوف الذين في الخارج الشاي...
مهدي:
-         (بغيرة) ولماذا أنت؟!
فاطيمة:
-         (بضعف ينسينا أنها حزام أسود أربع دانات، لا تقدر أن ترد)  
كريم:
-         فاطيمة قريبة جدا من سليمة، إنهما مثل الأختين، ثم شاي فاطيمة لا يصنعه أحد...
مهدي:
-         (ينظر إلى كريم غاضبا)
فاطيمة:
-         (تبدأ باعداد الشاي)
خاليد:
-         (مازحا) مهدي هو الوحيد بيننا الذي لم يتزوج...
عبد الرحيم:
-         (متماديا في المزاح) رغم أنه ليس أقلنا سنا...
توفيق:
-         (مازحا) بل هو أكبرنا...
كريم:
-         في عصرنا الحاضر من له غيرة مهدي لا يتزوج...
مهدي:
-         (غاضبا) لماذا؟!
توفيق:
-         (قاصدا ما يقول) لأنه ليس سهلا أن يتزوج الرجل أستاذة في الجامعة أو طبيبة أو بطلة أولمبية...
عندما ينطق توفيق بكلمة بطلة أولمبية ينظر إليه الجميع. فاطيمة تنظر إلى توفيق ثم إلى مهدي. تحمل طبق الشاي بين يديها لتفريقه وتبدأ بمهدي.
                                                          مهدي:
-         (ينظر مليا إلى فاطيمة وهي مطرقة، في صمت الجميع يمد يده يأخذ فنجان الشاي ويقول) شكرا فاطيمة...
كريم:
-         (يبتسم ويقول) هذه أعتبرها تطورا كبيرا...
بعد أن تنتهي من تفريق الشاي على الرجال في المطبخ، تغادر فاطيمة المكان وفي يدها طبق فيه فنجان قهوة واحد وخمسة كؤوس شاي. ولا تنسى قبل أن تدلف من الباب أن تلقي بنظرة أخيرة إلى مهدي.
بعد مغادرة فاطيمة للمطبخ يتكلم عبد الرحيم مخاطبا مهدي:
                                                          عبد الرحيم:
-         مهدي، لا أعرف إن كنت واع أم لا، ولكنك بتصرفك ذلك تعذبها، أخي إن كانت لا تعجبك أفهمها أنك لا تريدها...
كريم:
-         إنه يذوب فيها ذوبانا... وهي تحبه...
مهدي:
-         (ينظر إلى كريم مستفسرا وقد فاجأه تصريحه)
كريم:
-         نتالي قالت لي ذلك...
عبد الرحيم:
-         ولكنهما، حسب ما أعلم، لم يصارحا بعضيهما بشيء...
خاليد:
-         الحب يظهر على الوجوه...
كريم:
-         بدأت قصتهما عندما قالت سليمة لفاطيمة إنني قلت عن مهدي أن له قلبا يحب كل الناس، فقالت لها فاطيمة: هذا الرجل أحب أن أتزوجه، قالت لها سليمة إنه يبدو صعبا جدا فقالت لها فاطيمة: "إنه ليس أصعب مني" وطلبت منها أن أتوسط بينهما ومنذ ذلك الوقت لا أدع فرصة إلا جمعتهما ببعضيهما وإلى الآن لا نتيجة تذكر...
توفيق:
-         (ساخرا) ويقولون إن الرجل هو الذي يختار...
حينئذ يصمت الجميع وينظرون كلهم إلى مهدي الذي يبقى نظره مستقرا على كريم تغمره الدهشة.
في هذه اللحظة نسمع صوتا قادما من قاعة الجلوس يقول:
                                                          صوت الرجل:
-         مشكلتنا في فرنسا ليست مع الاسلام، ليست لنا أي مشكلة مع الإسلام كدين، كل إنسان حر في دينه ومعتقده، وإنما مشكلتنا مع المظاهر الاسلامية (La visibilité de l’Islam) وأنا عموما ضد كل المظاهر الدينية، إسلامية كانت أو غير اسلامية...
صوت فاطيمة:
-         اسمح لي أخي ولكن الحقيقة غير ما تقول، فأنت لا تنزعج عندما ترى أختا مسيحية في لباس الكنيسة، ولا تنتبه إليها حتى، بينما يزعجك مظهر أخت مسلمة وهي في حجابها المعروف رغم أنه أكثر حداثة...
لا يحرك كريم صاحب البيت ساكنا، حينئذ يكلمه خاليد:
                                                          خاليد:
-         يبدو أن الأمور ليست على ما يرام، ألا تتدخل...؟!
كريم:
-         (محركا رأسه بالنفي) الفرنسيون أمثال شقيق زوجتي، الأفضل أن تخاطبهم امرأة... (وهو ينظر إلى مهدي) خاصة عندما تكون مثقفة وذات شخصية قوية مثل فاطيمة...
4-    خارجي/ على ضفة نهر السان في باريس/ نهار (قبل المغرب)
فاطيمة، سليمة-نتالي
تمشي فاطيمة وسليمة-نتالي إلى جانب بعضيهما محجبتين على نهر السان. وتبدو سليمة-نتالي خائفة حيث تنظر من حولها في كل الاتجاهات.
                                                          فاطيمة:
-         (تطمئن صديقتها) سليمة... قلت لك اطمئني... إنني معك... لا تلتفتي إنني أنظر مكانك في كل اتجاه... إنني حمايتك... تخيل نفسك نجمة وأنا حمايتك الشخصية. إنني لن أدع أحدا يمس شعرة منك...
سليمة- نتالي:
-         (تتنفس الصعداء) إنني مطمئنة فعلا... إنني أستمتع بباريس...!!!
فاطيمة:
-         (سعيدة) كم عندك لم تمشِ على ضفة السان؟
سليمة-نتالي:
-         في الحقيقة... لا أذكر أنني مشيت هنا منذ وضعت حجابي...
فاطيمة:
-         علينا أن نحتفل بمشيك على السان بحجابك...
سليمة-نتالي:
-         (تضحك ثم تتوقف وتقول) فاطيمة...
فاطيمة:
-         نعم...؟!
سليمة-نتالي:
-         في حوارك مع شقيقي ذاك اليوم أوحيتي لي بفكرة رائعة سوف أطبقها على نفسي...
فاطيمة:
-         (مبتسمة ومستفهمة) وما هذه الفكرة الرائعة؟!
سليمة- نتالي:
-         سوف أخبرك عندما أطبقها على نفسي... (تبتسم سعيدة)
5-    خارجي/ عند المدخل الخارجي لمعهد العالم العربي/ نهار (قبل المغرب)
فاطيمة، سليمة-نتالي
تعبر الصديقتان الطريق أمام معهد العالم العربي قادمتين من جهة نهر "السان" وتتجهان صوب مدخله الخارجي ونحن نراهما من بعيد نسمع الحوار التالي:
                                                          فاطيمة:
-         (سعيدة) عندما أتجول في باريس، معهد العالم العربي يكون محطتي الأخيرة...
سليمة-نتالي:
-         (سعيدة هي الأخرى) هذه المرة سوف لن تكون محطتك الأخيرة...
فاطيمة:
-         (تضحك سعيدة) ماذا تقصدين؟
سليمة- نتالي:
-         (تضحك هي الأخرى) عندي لك مفاجئة...
فاطيمة:
-         مفاجئة؟! ما هي؟!
سليمة- نتالي:
-         (تضحك) سوف ترين...
6-    خارجي/ في طريق جامع باريس/ وقت المغرب
فاطيمة، سليمة-نتالي
                                                          فاطيمة:
-         (سعيدة ومستفسرة) مفاجئتك أن نصلي المغرب في جامع باريس؟
سليمة- نتالي:
-         (تضحك سعيدة) سوف ترين...
فاطيمة:
-         أنا سعيدة لأنك لم تعودي خائفة في باريس...
سليمة- نتالي:
-         (تضحك سعيدة ولا تنبس بكلمة)
7-    داخلي/ بيت الصلاة الخاصة بالنساء/ ليلا
فاطيمة، سليمة- نتالي
بعد أن تكملان صلاتيهما، تأخذ الصديقتان حذائيهما ويتجهان نحو الباب للخروج، في هذه اللحظة تقول سليمة-نتالي لصديقتها
                                                          سليمة- نتالي:
-         استعدِّ الآن للمفاجئة...
فاطيمة:
-         (تنظر إلى صديقتها مستفهمة لا تدري ماذا تقول)
8-    خارجي/ صحن مسجد باريس/ ليلا
فاطيمة، سليمة-نتالي، كريم، مهدي
تغادر الصديقتان قاعة الصلاة الخاصة بالنساء، بعد أن تضع حذاءها في قدميها ترفع فاطيمة رأسها فترى مهدي واقفا مع كريم في انتظارهما فتتسمر في مكانها مندهشة وسعيدة.
9-    داخلي/ مطعم-مقهى مسجد باريس/ ليلا
فاطيمة، سليمة-نتالي، كريم، مهدي
يجلس أربعتهم حول طاولة يأكلون ويحتسون بعض الأشياء الخفيفة ويتجاذبون أطراف الحديث وينظر مهدي إلى فاطيمة منبهرا وكأنه يكتشف كنزا كان خافيا عليه.
10-                       داخلي/ بيت أهل فاطيمة / نهار (مساء)
سليمة-نتالي، وسيلة، زهرة، مليكة، فاطيمة، حميدة-آنّا، نعيمة وبنات ونساء أخريات وأطفال
نرى ديكور المناسبات في قاعة جلوس بيت فاطيمة. ونرى هذه الأخيرة في لباس العروس.
                                                          نعيمة:
-         رغم أنها خطوبة إلا أن الأجواء أجواء عرس...
زهرة:
-         (سعيدة لصديقتها) لو أستطيع لحولته عرسا...
فاطيمة:
-         (سعيدة) يا ريت...
وسيلة:
-         (مخاطبة فاطيمة) أين سليمة؟! هل ستأتي مع زوجها؟
فاطيمة:
-          زوجها مع مهدي... قالت إنها تعد لنا مفاجئة...
في هذه اللحظة يرن محمول فاطيمة، تخرجه من حقيبة يدها الجميلة، تفتح الخط
                                                          فاطيمة:
-         سليمة... أين أنت؟! نحن في انتظار مفاجئتك... أنت قادمة وحدك...؟! أخذت الميترو والحافلة؟! أنا سعيدة لك...!!!
كل البنات من حول فاطيمة ينظرن إليها متشوقات إلى معرفة جديد سليمة-نتالي.
11-                       خارجي/ إحدى شوارع باريس/ نهار
سليمة- نتالي
نرى سليمة- نتالي في إحدى شوارع باريس، تمشي سعيدة ومطمئنة، وهي في حجاب كامل يشبه تماما لباس الأخوات المسيحيات...
(انتهت)
© جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
Mohsenhedili2@gmail.com

تعليقات