"حلو الله" (قصة للأطفال)


"حلو الله"
(قصة للأطفال)

بقلم: محسن الهذيلي
ميسم هي البنت الأصغر لأبويها
تحب ميسم الرسم كثيرا
لقد بدأت ترسم قبل أن تنطق
أو إن حبها للرسم جعلها تنطق متأخرا.
كانت عندما تحب شيئا أو تريد أن تعبر عن شيء ترسمه
كان سلوكا عجيبا من بنت في الثانية من العمر
عندما كبرت، وأصبح عمرها ثلاث سنوات ثم أربع، أصبحت تتكلم جيدا
وتكتب جيدا.
ولها خط جميل
لا زالت ميسم مولعة بالرسم جدا
وأصبحت عندما ترسم تكتب أيضا
أبو ميسم، رجل لطيف، يحب كلَّ أبنائه ويحاول دائما أن يكون عادلا حتى في الزمن الذي يقضيه مع كل واحد منهم.
وذلك رغم أن أم ميسم تقول له دائما: "ليس لأن ميسم هي الصغرى ولأنها تشبهك في حبها للرسم أن تقضي معها من الوقت أكثر مما تقضيه مع باقي أبنائك"
يحاول الأب أن يعْدل أكثر مع أبنائه في كل شيء.
ولكن صحيح أيضا أن امتهانه للرسم جعله أقرب إلى ميسم من غيرها.
ولاحظ الأب أن ابنته الصغيرة ميسم تحب رسم الثمار...
وهي تحبها لأنها، كما تقول، فيها كل ألوان قوس قزح.
وعندما يبتاع الأب منها، يسعد ميسم أنها لا تحتاج لأن تطبخها أمها كي تأكلها.
وفي يوم من الأيام رجع الأب إلى البيت ولم تكن في يده ثمارا
غضبت ميسم وأرادت أن تبكي
ولكن أباها استرضاها بفكرة
قال لها: "إنني لم أجئك بأي من الثمار اليوم ولكنني جئتك بفكرة"
سألت ميسم أباها: "وما هي هذه الفكرة؟!"
قال الأب: "أن نؤلف معا كتابا"
فرحت ميسم كثيرا بالفكرة. وطلبت من أبيها أن يجلسا على الطاولة ويبدآن العمل فورا.
ولكن الأب طلب منها أن تلبس أجمل ثيابها وأن يذهبا معا لشراء إحدى الثمار.
قالت ميسم متعجبة: "وماذا نفعل بالثمار؟! إننا مشغولون بفكرة الكتاب"
قال الأب لابنته: "إنه كتاب عن الثمار، الثمار التي سوف ترسمينها أنتِ"
قالت ميسم: "إن كان كتابا عن الثمار فأنا التي سوف أؤلفه وحدي"
وافق الأب سعيدا ورسم على جبين ابنته الواثقة قبلة.
في السوق اشترى الأب وابنته برتقالا.
في البيت، أخذ كل واحد من الأسرة برتقالة، غسلها ثم قشرها وأكلها.
ميسم ذات الرابعة، كانت مختلفة في تصرفها مع البرتقالة.
أخذتها، غسلتها مثل الباقين، مسحتها جيدا ثم أخذت محفظتها وأخرجت منها ورقة بيضاء، جعلتها على الطاولة ووضعت فوقها البرتقالة.
تأملتها ثم اقتربت منها بأنفها تشمها مغمضة العينين.
ومغمضة العينين تحسستها بأصابعها الرقيقة.
عندما فتحت ميسم عينيها، بحثت أول ما بحثت عن أقلامها الملونة. وضعت البرتقالة على الطاولة ومسكت الورقة البيضاء وراحت ترسم.
عندما انتهت من ذلك قشرت البرتقالة وتذوقت منها جزءا...
أخذت ميسم أقلامها ثانية ورسمت برتقالتها المقشرة وكتبت تحتها بخط جميل:
"حلوة".
مدت ميسم الورقة إلى أبيها وقالت: "هذه صفحة الكتاب الأولى"
في المرة التالية، اشترى الأب وابنته تفاحا.
لاحظت ميسم أنها وأباها دفعا من أجل التفاحات أكثر مما دفعا من أجل البرتقالات، ومع ذلك لم تقل شيئا.
في البيت، عندما مسكت ميسم تفاحتها، قالت إن التفاحة تشبه البرتقالة فرغم أنها أملس منها إلا إنها مثلها لها رائحة طيبة وطعمها طيب...
"التفاحة أسهل من البرتقالة"، قالت ميسم، "فهي لا تحتاج إلى أن نقشرها، يكفي أن نغسلها جيدا كي نأكلها".
بعد أن رسمت ميسم التفاحة قضمت منها قضمة أكبر من فمها ثم كتبت تحتها:
"حلوة"
مدت ميسم الورقة إلى أبيها وقالت: "هذه الصفحة الثانية"
في يوم آخر اشترى الأب وابنته تينا.
في البيت، أمضت ميسم وقتا طويلا حتى تجد عطر التينة التي اختارتها بنفسها...
قالت: "إن رائحة التينة غائرة جدا، ربما حين نفتحها نشمها"
فتحت ميسم التينة بسرعة فوجدت في داخلها رائحة جديدة ولونا جديدا
رسمت التينة مفتوحة ثم تذوقتها وكتبت:
"حلوة"
مدت ميسم إلى أبيها الورقة وقالت: "هذه الصفحة الثالثة"
يومها حدثت ميسم أباها بأنه أعجبها أن يكون للتينة من الخارج لون أخضر ومن الداخل لون أحمر قاني
انتبه والدها لذلك فاشترى معها في المرة التالية بطيخا
وجدت ميسم أن البطيخة ملساء مثل التفاحة ولكنها أكبر منها
في البيت، رسمت ميسم البطيخة الخضراء، قبل أن يفتحها والدها.
عندما فتحها ورأت ميسم حمرتها القانية وبذورها السوداء صاحت: " لابد أن أرسم هذا ".
ثم قضمت منها قضمة أكبر من فمها وأنفها وقالت: "الآن وجدت لها رائحة وطعما!"
ثم كتبت:
"حلوة"
مدت ميسم الورقة إلى أبيها وقالت: "هذه الصفحة الرابعة".
اشترى الأب وابنته موزا
رسمت ميسم موزتها بعد أن قشرتها وتذوقتها وكتبت:
"حلوة"
"هذه هي الصفحة الخامسة" صاحت ميسم.
اشترى الأب وابنته عنبا
أخذت ميسم عنقود عنب، رسمته وتذوقت حبة منه وكتبت:
"حلوة"
ثم صاحت: "هذه الصفحة السادسة من كتابي"
اشترى الأب وابنته سفرجلا
تذوقت ميسم سفرجلتها، رسمتها وكتبت:
"حلوة"
قالت ميسم: "كتابي بات كبيرا، هذه صفحته السابعة"
اشترى الأب وابنته فراولا
في البيت، تذوقت ميسم فراولة، رسمتها وكتبت:
"حلوة"
وهي تمد الورقة إلى أبيها صاحت: "لا أكاد أصدق إن كتابي قد بلغ ثماني صفحات!!!"
اشترى الأب وابنته خوخا
تذوقت ميسم خوختها، رسمتها وكتبت:
"حلوة"
أخذت ميسم الورقة وعوض أن تعطها إلى أبيها طلبت منه أن يسلمها باقي الورقات، عندما تحسستها بين يديها، جرت بها إلى أمها وإخوتها وقالت: "هذا كتابي من تسع صفحات...!"
نشرت الورقات التسعة على الطاولة، نظرت إليها سعيدة ثم انكبت على أول صفحة وكتبت عنوان قصتها بألوان قوس قزح: "الثمار الحلوة"
قالت لها أمها: "هل تعلمين أن الذي أعطانا تلك "الثمار الحلوة" هو الله"
نظرت ميسم إلى أمها ثم صاحت:
"حلو الله"
قالت الأم:
"وكريم ومنعم"
(انتهت)
© جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
Mohsenhedili2@gmail.com

تعليقات