سيناريو فيلم قصير: البحر



سيناريو فيلم قصير:
البحر


بقلم: محسن الهذيلي
1-    خارجي/ نهار/ في السيارة في طريق ثانوي
ثامر (شاب في السابعة والعشرين)
يبدو ثامر من خلال حركات يده وتمريرها على وجهه أنه عصبي وغير طبيعي، بحركة تلقائية وحتى يهرب من حالة القلق التي هو عليها، يفتح جهاز "السي دي"، نستمع لأغنية عاطفية رومنسية يغنيها رجل، بحركة عصبية يغلق ثامر جهاز "السي دي"، وهو يقود سيارته يمسك محموله، يطلب رقما، يضع المحمول على أذنه ويستمع لرناته وينتظر الرد. يرن المحمول حتى ينقطع الخط ونسمع صوت ذلك، ينظر ثامر إلى شاشة المحمول ونرى مكتوب عليها (لا رد)
يعيد ثامر الطلب ثانية، بشكل عصبي، وهنا نرى على الشاشة أنه يطلب من اسمها مسجل تحت مسمى (فاتن فاتنتي)، ينظر إلى الطريق أمامه، يقود السيارة وينتظر أن يرن التلفون.
2-    خارجي/ نهار/ السيارة في طريق بحري محاذ للكورنيش
ثامر
نرى السيارة تدلف إلى طريق بحري وتمضي موازية لكورنيش، ونسمع في ذات الوقت رنات التلفون ثم يأتي ذلك الصوت الذي يعلن عن عدم الرد.
3-    خارجي/ نهار/ السيارة عند موقف على الكورنيش (أمامنا البحر)
ثامر، شيخ من المشاة على الكورنيش، شاب يطعم النوارس خبزا على الشاطئ
وقد توقف التلفون عن الرنين وأطلق ذلك الصوت الذي يعني عدم الرد، ومع توقف السيارة عند موقف الكورنيش نرى داخل السيارة أن ثامر يرمي بانفعال واضح محموله على الكرسي المجانب له. بعد أن ينظر إلى التلفون وقد استقر على الكرسي، يلتفت إلى البحر يتأمله، وهنا نحس أن نفسه قد تغير قليلا بفضل مشهد البحر، ولكن بقي منفعلا، لذا بسرعة مسك محموله وفتحه على برنامج (الواتساب)، دخل إلى (فاتن فاتنتي) وضغط على الميكروفون الأخضر وبدأ يسجل رسالة صوتية:
-         فاتن... أين أنت؟! لماذا لا تردين؟! أعرفها طريقتك عندما تخطئين أو يخطئ أحد أفراد عائلتك، مثل النعامة تضعين رأسك في الرمل، ولماذا تهربين دائما من مواجهتي في مثل هذه الظروف، لا تريدين أن تعترفي بأن أمك مخطئة... هل أنت موافقة على ما قالته لأمي...؟؟؟ لن أسمح لأمك أن تكلم أمي بتلك الطريقة... هذه المرة الأخيرة التي أسكت فيها، في المرة القادمة سوف ترين ماذا أنا قادر على فعله...
نرى شاشة المحمول على صفحة الواتساب، ابهام ثامر على الميكروفون الأخضر، ننتظر أن يرفعه ويرسل الرسالة الصوتية، ولكنه ينتظر، ينظر إلى البحر، ثم يرمي بالرسالة في سلة المهملات ولا يرسلها إلى فاتن. يتأمل البحر، وهو لازال منفعلا. فجأة يسمع طرقا على نافذة سيارته، يرعبه الطرق قليلا، يرفع رأسه مستغربا... يرى شيخا قد تجاوز السبعين يحرك يده ويشير عليه بأن ينزل زجاج نافذته.
                                                          ثامر:
-         (ينزل زجاج نافذة السيارة، يتأمل الشيخ ويسأل مستغربا ولكن بأدب) صباح الخير... هل تحتاج أي مساعدة؟!
الشيخ:
-         (في ملابس رياضية وبوجه طليق) أحببت أن أقول لك أن الجو جيد جدا اليوم والهواء معتدل، لا تحتاج إلى تشغيل مكيفك، وإن كنت تنوي البقاء طويلا هنا، أنصحك أو توقف محرك سيارتك، إنه يلوث الهواء ويمنعك من سماع صوت النوارس...
ثامر:
-         (ينظر مستغربا إلى الشيخ ويحرك رأسه موافقا دون أن ينبس بكلمة، من فرط مفاجأته، فلم يكن ينتظر ذلك التدخل من الشيخ، فقد كان في عالم والشيخ أخرجه منه على حين غرة)
الشيخ:
-         (دون أن ينتظر ردا من ثامر، ينصرف ويكمل مشيه على الكورنيش في تأدة...)
ثامر:
-         (يتأمل الشيخ وهو ينصرف، ثم وقد أحس أنه كان في شبه غيبوبة وانتبه لتوه إلى ما قاله الشيخ، يسكت المحرك، فيسمع أصوات النوارس وأمواج البحر، يرفع رأسه يتأملها تطير فوق البحر، وحتى يتلافى سلبيته تجاه الشيخ ينزل من السيارة ويناديه بصوت يمكنه أن يسمعه) لقد أوقفت محرك السيارة سيدي، أشكرك كثيرا على النصيحة، إنني أسمع الآن أصوات النوارس وأمواج البحر، إني أتنفس الهواء اللطيف الذي منحنا الله إياه، حفظك الله سيدي وأسعد يومك...
الشيخ:
-         (من بعيد وهو يمشي على الكرنيش بتأدة، يتوقف، يلتفت بكامل جسده إلى ثامر، يرفع إليه يده محييا وطليق الوجه، ثم يستدير ويعاود مشيه مبتعدا عن ثامر ومكملا طريقه)
ثامر:
-         (يترك باب السيارة مفتوحا في الموقف، يمشي اتجاه البحر، يقف عند الحد بين ممر المشاة ورمال الشاطئ، يملأ رئتيه بالهواء، يتأمل النوارس والبحر والسماء، يراقب شابا يطعم النوارس الخبز وهي متحلقة به... يبتسم ثم وكأنه تذكر شيئا يجري إلى السيارة، يأخذ محموله)
4-    خارجي/ نهار/ على الشاطئ
ثامر، الشاب الذي يطعم النوارس خبزا
                                                          ثامر:
-         (على الحد بين ممر المشاة والشاطئ ينزع خفيه، يرفع قليلا بنطاله، ويندفع على الشاطئ، يصل عند البحر، يبل رجليه بمائه، يرتفع صوت الأمواج والنوارس، يفتح ثامر صفحة الواتساب، يضغط على رسم المايكروفون ويبدأ يسجل رسالة صوتية جديدة) فاتن صباح الخير... أريد أن أسمعك شيئا... اسمعي...
ونسمع صوت أمواج البحر والنوارس لفترة ليست بالقصيرة.
5-    خارجي/ نهار/ عند السيارة في موقف الكورنيش
ثامر، الشيخ
                                                          ثامر:
-         (ينفض عن قدميه رمال الشاطئ وقد تحسن نفسه حيث أصبح هادئا وعميقا، فجأة يرن التلفون في جيبه، يخرجه، نقرأ على الشاشة: "فاتن فاتنتي"، يبتسم، ينظر إلى البحر وينظر من حوله وهو أكثر من مبتسم بل ضاحك...)
الشيخ:
-         (وهو يمر قريبا راجعا ينظر إلى ثامر وقد استغرقته الفرحة فيقول له) تغيرت الأحوال أليس كذلك... علاجك البحر... تعلم أن تأتي كل يوم...
ثامر:
-         (وقد انتبه إلى الشيخ ثم إلى التلفون الذي لازال يرن، يقول للشيخ بصوت مسموع) سعدت بلقائك اليوم سيدي... حفظك الله...
الشيخ:
-         (وهو يواصل مشيه ودون أن يلتفت هذه المرة يرفع يده محييا)
ثامر:
-         (يرجع إلى نفسه، يفتح خط التلفون وقبل أن ينبس بكلمة نسمع صوت فاتن)
فاتن:
-         (بالصوت) لقد داويتني ثامر بالتسجيل الجميل الذي أرسلته إلي، قبل أن أطلبك طلبت الوالدة، والدتي قالت لها كلاما أزعجها البارحة، لقد تأسفت لها، وهي الآن راضية علينا...
ثامر:
-         (يضحك سعيدا، ويمشي على الكرنيش وقد ترك باب السيارة مفتوحا، ونراه دون أن نسمع صوته قد دخل في حوار مع فاتن، ويبدو من حركة جسده ويديه أنه سعيد ومنطلق، وينتهي الفيلم وقد ابتعد ثامر عن سيارته كثيرا جدا وكأنه نسيها تماما)
(انتهت)


© جميع الحقوق محفوظة للكاتب محسن الهذيلي
Mohsenhedili2@gmail.com
 

تعليقات