متى وكيف سينتفض الماديون على كورونا؟




بقلم: محسن الهذيلي
لن أعدكم بالإجابة على هذا السؤال ضمن سطور مقالي الذي بين أيديكم، ولكنني سأحاول جهدي أن أحسن طرح السؤال ذاته وإعطاء بعض حيثياته الواقعية والفلسفية.
في الماضي لم يكن هؤﻻء الماديون ماديين تماما. كانوا أنصاف ماديين، أو ربما بدؤوا يكونون ماديين تماما، ولكن، وبسبب أن غالبية الناس من حولهم كانوا متدينين أو أنصاف متدينين أو أنصاف ماديين، فقد كانوا يتحدثون إليهم بما يفهمون. لذا فإن في مثل هذه المناسبات التي يواجه فيها الناس كوارث عالمية، كما حدث في الحرب العالمية الثانية، كان أولئك الماديون ينتفضون ويتهجمون على الدين ممثلا في الذات العلية: الله.
فكانوا يتساءلون عن الحكمة من مثل هذا الهلاك الشامل. ولأنهم لم يكونوا قادرين بعقولهم المادية على رؤية الحكمة، فقد كانوا يسارعون إلى نفي ليس الوجود، فهم واقعيون، وإنما الله خالق الوجود.
ومع الوقت أعجبت الفكرة هؤلاء الماديين فأصبحوا ماديين تماما مجاهرين بذلك يتحدثون بأفكارهم المادية تماما في كل مكان وخاصة في أبواقهم الاعلامية إلى أن صدقوا أنفسهم وبدؤوا يعيشون وجودا بلا خالق أي بدون الله.
وهم ماديون تماما محاطون بإعلام ودور نشر وتوزيع مادية تماما، في هذه الظروف بالضبط ظهرت لهم كورونا وأبناءها وآخرهم كوفيد19.
لم يهرع هؤﻻء الماديون تماما، بالطبع، إلى طرح السؤال عن الحكمة من هذه الكارثة ضد الانسانية، فلا يوجد في عقولهم المادية تماما خالق للكون حتى يسألوه عن الحكمة، لذا صمتوا تماما.
وفي الحقيقة هم لم يصمتوا، ولكنهم وهم مفرقون بين بيوتهم بدؤوا يخمنون عن المخرج من هذه الورطة الكبرى. لقد جعلهم كوفيد 19 يكتشفون أن عالما بدون الله يتوقف عن أن يكون فلسفيا. بحيث لا يمكنهم فيه أن يفسروا بعض الظواهر الخطيرة مثل هذه الجائحة العالمية.
وأعترف أمامكم أني لا أعرف هؤلاء الماديين تماما ولا أسكن في عقولهم ولكنني رغم ذلك أحب أن أفكر ماذا ستكون ردة فعلهم في المستقبل القريب وهم ضمن عالم بدون الله كما يتصورن.
وأرى أن ردود الأفعال ستختصر، حسب رأيي، في التالي:
1- ردة فعل نفسية، فتجاه وباء قاتل ﻻ أحد استطاع السيطرة عليه إلى حد الآن، قد يخير بعض الماديين تماما الانتحار على أن يموتوا خوفا من إرهاب كورونا.
2- ردة فعل اجتماعية، فمع استحواذ أقلية على الثروات وحتى الحاجيات الأولية للناس، يمكن أن تحدث انتفاضات اجتماعية وربما سطو على متاع الناس بعضهم على بعض.
3- ردة فعل دينية، لقد قرأنا أخيرا أن في الهند وضمن المجتمع الذي يعتقد أفراده في أكبر  عدد من الآلهة في العالم هناك من سمى توأميه أحدهما كورونا والآخر كوفيد. وربما يعبد بعضهم قريبا كورونا ذاته ضمن موجات الخوف التي اجتاحت أكبر دولة في العالم من حيث تعداد الفقراء.
4- ردة فعل فلسفية، وهي ما سنقرأه قريبا، على ما أعتقد، لفلاسفة ماديين تماما وهم ينفون وجود، ليس الله هذه المرة، وإنما كورونا ذاته. نعم سينفون وجود كورونا. سوف يقال لنا كما قيل لنا عن الله من قبل: إن كورونا غير موجود وإننا نتوهم وجوده، وسيدعوننا هؤلاء الفلاسفة الماديين تماما إلى أن نتوقف عن الاعتقاد بوجوده، وسيؤكدون لنا كما في مسألة الله أن ذلك كاف لينتفي كورونا من الوجود. وستكون هناك استجابة واسعة من الجمهور، وسيعتقد كثيرون بأقوالهم وفلسفتهم، وسيغادرون بيوتهم، ويتظاهرون في الشوارع احتفالا بتحررهم من كورونا. وسيموتون، نعم سيموتون، في سبيل أفكارهم التحررية التي بعد أن حررتهم من الله تحررهم الآن من كورونا..
في هذا الوقت سيجلس المؤمنون في بيوتهم وقد جعلهم كورونا أكثر اطمئنانا لأنهم أصبحوا أكثر ذكرا لله مصدقون أكثر بقدرته وحكمته.

تعليقات